وَنُطَالِبُ الْمُوصَى لَهُ بِالنَّفَقَةِ إنْ تَوَقَّفَ فِي قَبُولِهِ وَرَدِّهِ.
فَصْلٌ
ــ
[مغني المحتاج]
لِلْوَارِثِ إلَى عِتْقِهِ قَطْعًا كَذَا قَالَاهُ فَتَكُونُ الْأَكْسَابُ لَهُ وَالنَّفَقَةُ عَلَيْهِ. لَكِنْ قَالَ الرُّويَانِيُّ: قِيلَ إنَّهَا عَلَى الْخِلَافِ فِي الْمُوصَى لَهُ وَالْأَصَحُّ الْقَطْعُ بِأَنَّهَا لِلْعَبْدِ لِتَقَرُّرِ اسْتِحْقَاقِهِ الْعِتْقَ بِخِلَافِ الْمُوصَى لَهُ فَإِنَّهُ مُخَيَّرٌ، وَبِمَا قَالَهُ جَزَمَ الْجُرْجَانِيِّ، وَجَرَى عَلَيْهِ فِي الرَّوْضَةِ فِي كِتَابِ الْعِتْقِ فَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَلَوْ أَوْصَى بِوَقْفِ شَيْءٍ فَتَأَخَّرَ وَقْفُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ فَلِمَنْ يَكُونُ رِيعُهُ؟ قِيلَ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ، وَقِيلَ لِلْوَارِثِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا جُعِلَ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ عَلَى تَقْدِيرِ حُصُولِ الْوَقْفِ.
قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهُوَ الْأَشْبَهُ. وَقَالَ ابْنُ شُهْبَةَ: وَهَذَا قَرِيبٌ مِنْ كَسْبِ الْعَبْدِ الْمُوصَى بِعِتْقِهِ قَبْلَ الْعِتْقِ. اهـ.
وَهَذَا ظَاهِرٌ إذَا كَانَ الْوَقْفُ عَلَى جِهَةٍ عَامَّةٍ أَوْ مُعَيَّنٍ غَيْرِ مَحْصُورٍ كَبَنِي هَاشِمٍ فَإِنَّهُ لَا يُحْتَاجُ فِيهَا لِقَبُولٍ.
أَمَّا إذَا كَانَ عَلَى مُعَيَّنٍ مَحْصُورٍ. فَكَلَامُ الْأَذْرَعِيِّ أَظْهَرُ لِأَنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الْقَبُولِ وَالرَّدِّ، وَلَوْ أَوْصَى بِأَمَتِهِ لِزَوْجِهَا فَقَبِلَ الْوَصِيَّةَ تَبَيَّنَ انْفِسَاخُ النِّكَاحِ مِنْ وَقْتِ الْمَوْتِ وَإِنْ رَدَّ اسْتَمَرَّ النِّكَاحُ، وَإِنْ أَوْصَى بِهَا لِأَجْنَبِيٍّ وَالزَّوْجُ وَارِثُ الْمُوصِي وَقَبِلَ الْأَجْنَبِيُّ الْوَصِيَّةَ لَمْ يَنْفَسِخْ النِّكَاحُ وَإِنْ رَدَّ انْفَسَخَ، هَذَا إنْ خَرَجَتْ مِنْ الثُّلُثِ، فَإِنْ لَمْ تَخْرُجْ مِنْهُ أَوْ أَوْصَى بِهَا لِوَارِثٍ آخَرَ، وَأَجَازَ الزَّوْجُ الْوَصِيَّةَ فِيهِمَا لَمْ يَنْفَسِخْ، وَإِلَّا انْفَسَخَ.
فَإِنْ قِيلَ: يُعْتَرَضُ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِتَعْرِيفِ الثَّمَرَةِ وَتَنْكِيرِ كَسْبٍ، وَجَمْعِهِمَا فِي ضَمِيرِ حَصَلَا مَعَ أَنَّ الْأَوَّلَ يَطْلُبُهُ حَالًا وَالثَّانِي يَطْلُبُهُ صِفَةً.
أُجِيبَ بِأَنَّ التَّعْرِيفَ فِي الثَّمَرَةِ لِلْجِنْسِ، وَالْمُعَرَّفُ بِأَلْ الْجِنْسِيَّةِ فِي الْمَعْنَى كَالنَّكِرَةِ فَلَيْسَ طَلَبُ الثَّمَرَةِ وَكَسْبٌ حِينَئِذٍ مِنْ جِهَتَيْنِ، بَلْ مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ (وَنُطَالِبُ) بِالنُّونِ أَوَّلَهُ بِخَطِّهِ عَلَى كُلِّ قَوْلٍ مِنْ الثَّلَاثَةِ (الْمُوصَى لَهُ) بِالْعَبْدِ أَيْ: يُطَالِبُهُ الْوَارِثُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا أَيْ: أَوْ الْقَائِمُ مَقَامَهُ مِنْ وَلِيٍّ وَوَصِيٍّ (بِالنَّفَقَةِ) وَسَائِرِ الْمُؤَنِ (إنْ تَوَقَّفَ فِي قَبُولِهِ وَرَدِّهِ) كَمَا لَوْ امْتَنَعَ مُطَلِّقُ إحْدَى زَوْجَتَيْهِ مِنْ التَّعْيِينِ، فَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ أَوْ يَرُدَّ خَيَّرَهُ الْحَاكِمُ بَيْنَ الْقَبُولِ وَالرَّدِّ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ حَكَمَ بِالْبُطْلَانِ كَالْمُتَحَجِّرِ إذَا امْتَنَعَ مِنْ الْإِحْيَاءِ.
تَنْبِيهٌ اُسْتُشْكِلَ مُطَالَبَةُ الْمُوصَى لَهُ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي فَإِنَّهُ قَدْ مَرَّ أَنَّ الْمِلْكَ قَبْلَ الْقَبُولِ لِلْوَارِثِ، وَقِيلَ لِلْمَيِّتِ: كَيْفَ يُكَلَّفُ بِالنَّفَقَةِ عَلَى مِلْكِ غَيْرِهِ. وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: إنَّ الْمُطَالَبَةَ مُفَرَّعَةٌ عَلَى أَنَّهُ مَلَكَهُ بِمَوْتِ الْمُوصِي، صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ، وَبَحَثَ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَلَى قَوْلِ الْوَقْفِ أَنَّ النَّفَقَةَ عَلَيْهِمَا فِي زَمَنِ الْوَقْفِ أَيْ: بِالنِّسْبَةِ لِلْمُطَالَبَةِ حَالًا.
أَمَّا النِّسْبَةُ لِمَا يَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ الْأَمْرُ، فَهِيَ عَلَى الْمُوصَى لَهُ، إنْ قَبِلَ، وَعَلَى الْوَارِثِ إنْ رَدَّ.
[فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الْوَصِيَّةِ الصَّحِيحَةِ وَتَنْقَسِمُ إلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ]
ٍ: لَفْظِيَّةٍ، وَمَعْنَوِيَّةٍ، وَحِسَابِيَّةٍ. وَالْمُصَنِّفُ أَسْقَطَ الْقِسْمَ الْأَخِيرَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ اخْتِصَارًا.
وَقَدْ شَرَعَ فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ، فَقَالَ