كِتَابُ الْبُغَاةِ هُمْ مُخَالِفُو الْإِمَامِ بِخُرُوجٍ عَلَيْهِ
ــ
[مغني المحتاج]
[كِتَابُ الْبُغَاةِ]
ِ جَمْعُ بَاغٍ، وَالْبَغْيُ الظُّلْمُ وَمُجَاوَزَةُ الْحَدِّ سُمُّوا بِذَلِكَ لِظُلْمِهِمْ وَعُدُولِهِمْ عَنْ الْحَقِّ كَمَا يُقَالُ بَغَتْ الْمَرْأَةُ إذَا فَجَرَتْ، وَافْتَتَحَهُ فِي الْمُحَرَّرِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا} [الحجرات: ٩] الْآيَةَ، وَلَيْسَ فِيهَا ذِكْرُ الْخُرُوجِ عَلَى الْإِمَامِ، لَكِنَّهَا تَشْمَلُهُ لِعُمُومِهَا أَوْ تَقْتَضِيهِ لِأَنَّهُ إذَا طَلَبَ الْقِتَالَ لِبَغْيِ طَائِفَةٍ عَلَى طَائِفَةٍ، فَلِلْبَغْيِ عَلَى الْإِمَامِ أَوْلَى، وَالْإِجْمَاعُ مُنْعَقِدٌ عَلَى قِتَالِهِمْ. قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: أُخِذَتْ السِّيرَةُ فِي قِتَالِ الْمُشْرِكِينَ مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَفِي قِتَالِ الْمُرْتَدِّينَ مِنْ أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَفِي قِتَالِ الْبُغَاةِ مِنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَقَدْ عَرَّفَ الْمُصَنِّفُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الْبُغَاةَ بِقَوْلِهِ (هُمْ) مُسْلِمُونَ (مُخَالِفُو الْإِمَامِ) وَلَوْ جَائِرًا وَهُمْ عَادِلُونَ كَمَا قَالَهُ الْقَفَّالُ، وَحَكَاهُ ابْنُ الْقُشَيْرِيِّ عَنْ مُعْظَمِ الْأَصْحَابِ وَمَا فِي الشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ مِنْ التَّقْيِيدِ بِالْإِمَامِ الْعَادِلِ، وَكَذَا هُوَ فِي الْأُمِّ وَالْمُخْتَصَرِ مُرَادُهُمْ إمَامُ أَهْلِ الْعَدْلِ فَلَا يُنَافِي ذَلِكَ، وَيَدُلُّ لِذَلِكَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: إنَّ الْخُرُوجَ عَلَى الْأَئِمَّةِ وَقِتَالَهُمْ حَرَامٌ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ، وَإِنْ كَانُوا فَسَقَةً ظَالِمِينَ لَكِنْ نُوزِعَ فِي الْإِجْمَاعِ بِخُرُوجِ الْحُسَيْنِ عَلَى يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ وَابْنِ الزُّبَيْرِ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ، وَمَعَ كُلٍّ مِنْهُمَا خَلْقٌ كَثِيرٌ مِنْ السَّلَفِ، وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ مُرَادَهُ الْإِجْمَاعُ بَعْدَ ذَلِكَ، وَفَرَّقَ بَعْضُهُمْ بَيْنَ مَنْ تَغَلَّبَ عَلَى الْإِمَامَةِ فَيَجُوزُ الْخُرُوجُ عَلَيْهِ إذَا جَارَ وَبَغَى، وَبَيْنَ مَنْ عُقِدَتْ لَهُ الْإِمَامَةُ فَلَا يَجُوزُ، وَتَحْصُلُ مُخَالَفَةُ الْإِمَامِ بِأَحَدِ أَمْرَيْنِ: إمَّا (بِخُرُوجٍ عَلَيْهِ) نَفْسِهِ (وَ) إمَّا بِسَبَبِ (تَرْكِ الِانْقِيَادِ) لَهُ (أَوْ) لَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute