وَلَوْ حَزَّ غَيْرُهُ تَعَدَّدَتْ.
[فَصْلٌ] تَجِبُ الْحُكُومَةُ فِيمَا لَا مُقَدَّرَ فِيهِ، وَهِيَ جُزْءٌ نِسْبَتُهُ إلَى دِيَةِ النَّفْسِ، وَقِيلَ إلَى عُضْوِ الْجِنَايَةِ نِسْبَةُ نَقْصِهَا مِنْ قِيمَتِهِ لَوْ كَانَ رَقِيقًا بِصِفَاتِهِ.
ــ
[مغني المحتاج]
عَمْدًا، أَوْ قَطَعَ هَذِهِ الْأَطْرَافَ عَمْدًا ثُمَّ حَزَّ الرَّقَبَةَ خَطَأً أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ وَعَفَا الْأَوَّلُ فِي الْعَمْدِ عَلَى دِيَتِهِ وَجَبَتْ فِي الْأُولَى دِيَةُ خَطَأٍ أَوْ شِبْهِ عَمْدٍ وَدِيَةُ عَمْدٍ، وَفِي الثَّانِيَةِ دِيَتَا عَمْدٍ وَدِيَةُ خَطَأٍ أَوْ شِبْهِ عَمْدٍ. وَالثَّانِي تَسْقُطُ الدِّيَاتُ فِيهِمَا.
(وَلَوْ حَزَّ) الرَّقَبَةَ (غَيْرُهُ) أَيْ الْجَانِي الْمُتَقَدِّمِ (تَعَدَّدَتْ) أَيْ الدِّيَةُ لِأَنَّ فِعْلَ الْإِنْسَانِ لَا يَدْخُلُ فِي فِعْلِ غَيْرِهِ فَيَلْزَمُ كُلًّا مِنْهُمَا مَا أَوْجَبَتْهُ جِنَايَتُهُ.
[فَصْلٌ فِيمَا تَجِبُ فِيهِ الْحُكُومَةُ]
وَلَمَّا فَرَغَ مِمَّا فِيهِ أَرْشٌ مُقَدَّرٌ مِنْ الْحُرِّ شَرَعَ فِي الْجِنَايَةِ الَّتِي لَا تَقْدِيرَ لِأَرْشِهَا فِيهِ وَفِي الْجِنَايَةِ عَلَى الرَّقِيقِ مُتَرْجِمًا لِذَلِكَ بِفَصْلٍ فَقَالَ: [فَصْلٌ] (تَجِبُ الْحُكُومَةُ فِيمَا) أَيْ شَيْءٍ يُوجِبُ مَالًا لِيَخْرُجَ مَا يُوجِبُ تَعْزِيرًا فَقَطْ كَقَلْعِ سِنٍّ مِنْ ذَهَبٍ، وَقَوْلُهُ (لَا مُقَدَّرَ فِيهِ) أَيْ مِنْ الدِّيَةِ وَلَمْ تُعْرَفْ نِسْبَتُهُ مِنْ مُقَدَّرٍ، فَإِنْ عُرِفَتْ نِسْبَتُهُ مِنْهُ كَأَنْ كَانَ بِقُرْبِ مُوضِحَةٍ أَوْ جَائِفَةٍ وَجَبَ الْأَكْثَرُ مِنْ قِسْطِهِ وَحُكُومَةٌ كَمَا مَرَّ. قَالَ ابْنُ قَاسِمٍ: وَقَدْ يُقَالُ لَا حَاجَةَ لِهَذَا الْقَيْدِ فَإِنَّ مِثْلَ هَذَا لَا يُسَمَّى حُكُومَةً فَإِنَّهَا الَّتِي يُقَدَّرُ الْحُرُّ فِيهَا رَقِيقًا، وَيُشِيرُ إلَى ذَلِكَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ فِي الْفَصْلِ فِي أَوَّلِ بَابِ الدِّيَاتِ: وَالشِّجَاجُ قَبْلَ الْمُوضِحَةِ إنْ عَرَفْتَ نِسْبَتَهَا مِنْهَا وَجَبَ قِسْطٌ مِنْ أَرْشِهَا وَإِلَّا فَحُكُومَةٌ اهـ.
وَهَذَا ظَاهِرٌ عَلَى مَا جَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ وَإِنْ قُلْنَا بِالْأَصَحِّ وَهُوَ وُجُوبُ الْأَكْثَرِ مِنْ قِسْطِهِ وَمِنْ الْحُكُومَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ هَذَا الْقَيْدِ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يُقَدَّرَ رَقِيقًا حَتَّى يُعْرَفَ الْأَكْثَرُ، وَسُمِّيَتْ حُكُومَةً لِاسْتِقْرَارِهَا بِحُكْمِ الْحَاكِمِ، حَتَّى لَوْ اجْتَهَدَ غَيْرُهُ فِي ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَثَرٌ، وَإِنَّمَا ذُكِرَتْ الْحُكُومَةُ بَعْدَ الْمُقَدَّرَاتِ لِتَأَخُّرِهَا عَنْهَا فِي الرُّتْبَةِ لِأَنَّهَا جُزْءٌ مِنْهَا كَمَا سَيَأْتِي، وَالْغَزَالِيُّ ذَكَرَهَا فِي أَوَّلِ الْبَابِ. قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَذِكْرُهَا هُنَا أَحْسَنُ لِيَتِمَّ الْكَلَامُ عَلَى الِانْتِظَامِ، وَكَذَا صَنَعَ فِي الرَّوْضَةِ فَذَكَرَهَا هُنَا (وَهِيَ جُزْءٌ) مِنْ الدِّيَةِ (نِسْبَتُهُ إلَى دِيَةِ النَّفْسِ) فِي الْأَصَحِّ.
(وَقِيلَ) نِسْبَتُهُ (إلَى عُضْوِ الْجِنَايَةِ نِسْبَةُ نَقْصِهَا) أَيْ الْجِنَايَةِ (مِنْ قِيمَتِهِ) أَيْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ (لَوْ كَانَ رَقِيقًا بِصِفَاتِهِ) الَّتِي هُوَ عَلَيْهَا. مِثَالُهُ جَرَحَ يَدَهُ فَيُقَالُ: كَمْ قِيمَةُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِصِفَاتِهِ الَّتِي هُوَ عَلَيْهَا بِغَيْرِ جِنَايَةٍ لَوْ كَانَ رَقِيقًا، فَإِذَا قِيلَ: مِائَةٌ فَيُقَالُ: كَمْ قِيمَتُهُ بَعْدَ الْجِنَايَةِ؟ فَإِذَا قِيلَ: تِسْعُونَ فَالتَّفَاوُتُ الْعَشْرُ، فَيَجِبُ عُشْرُ دِيَةِ النَّفْسِ، وَهُوَ عَشْرٌ مِنْ الْإِبِلِ إذَا كَانَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ حُرًّا ذَكَرًا مُسْلِمًا؛ لِأَنَّ الْجُمْلَةَ مَضْمُونَةٌ بِالدِّيَةِ فَتُضْمَنُ الْأَجْزَاءُ بِجُزْءٍ مِنْهَا كَمَا فِي نَظِيرِهِ مِنْ عَيْبِ الْمَبِيعِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي أَنْ تُنْسَبَ إلَى عُضْوِ الْجِنَايَةِ لَا إلَى دِيَةِ النَّفْسِ فَيَجِبُ عُشْرُ دِيَةِ الْيَدِ، وَهُوَ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ، فَإِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute