للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلَوْ أَنْكَرَ الصَّغِيرُ وَهُوَ مُمَيِّزٌ فَإِنْكَارُهُ لَغْوٌ، وَقِيلَ كَبَالِغٍ.

وَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى دَيْنٍ مُؤَجَّلٍ فِي الْأَصَحِّ.

[فَصْلٌ] أَصَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى السُّكُوتِ عَنْ جَوَابِ الدَّعْوَى جُعِلَ كَمُنْكِرٍ نَاكِلٍ،

ــ

[مغني المحتاج]

(فَلَوْ) (أَنْكَرَ الصَّغِيرُ) الرِّقَّ (وَهُوَ مُمَيِّزٌ) (فَإِنْكَارُهُ لَغْوٌ) ؛ لِأَنَّ عِبَارَتَهُ مُلْغَاةٌ (وَقِيلَ) إنْكَارُهُ (كَبَالِغٍ) فِي إنْكَارِهِ فَلَا يُحْكَمُ بِرِقِّهِ لِمُدَّعِيهِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ، وَإِنْ أَنْكَرَ بَعْدَ بُلُوغِهِ فِي صُورَةِ عَدَمِ الِاسْتِنَادِ لَمْ يُؤَثِّرْ.

(وَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى) بِحَالٍ عَلَى مَنْ اعْتَرَفَ الْمُدَّعِي بِإِعْسَارِهِ، وَلَا دَعْوَى (دَيْنٍ مُؤَجَّلٍ) وَإِنْ كَانَ بِهِ بَيِّنَةٌ (فِي الْأَصَحِّ) إذْ لَا يَتَعَلَّقُ بِهَا إلْزَامٌ وَمُطَالَبَةٌ فِي الْحَالِ فَيَفُوتُ نِظَامُ الدَّعْوَى. وَالثَّانِي: تُسْمَعُ مُطْلَقًا لِيَثْبُتَ فِي الْحَالِ وَيُطَالِبَ بِهِ فِي الِاسْتِقْبَالِ وَقَدْ يَمُوتُ مَنْ عَلَيْهِ فَتَتَعَجَّلُ الْمُطَالَبَةُ. وَالثَّالِثُ: إنْ كَانَ بِهِ بَيِّنَةٌ سُمِعَتْ، وَإِلَّا فَلَا.

تَنْبِيهٌ: يُسْتَثْنَى عَلَى الْأَوَّلِ صُوَرٌ: الْأُولَى: إذَا كَانَ بَعْضُ الدَّيْنِ حَالًّا وَبَعْضُهُ مُؤَجَّلًا فَإِنَّ الدَّعْوَى تَصِحُّ بِهِ كَمَا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ قَالَ: وَيَدَّعِي بِجَمِيعِهِ لِاسْتِحْقَاقِهِ الْمُطَالَبَةَ بِالْبَعْضِ وَيَكُونُ الْمُؤَجَّلُ تَبَعًا.

فَإِنْ قِيلَ: الدَّعْوَى بِذَلِكَ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّ الْحَالَّ إذَا كَانَ قَلِيلًا كَدِرْهَمٍ مِنْ أَلْفٍ مُؤَجَّلَةٍ يَبْعُدُ الِاسْتِتْبَاعُ فِيهِ، وَبِأَنَّهُ إذَا أَطْلَقَ الدَّعْوَى لَمْ يُفِدْ، وَإِنْ قَالَ: يَلْزَمُهُ تَسْلِيمُ الْأَلْفِ إلَيَّ لَمْ تَصِحَّ الدَّعْوَى وَكَانَ كَاذِبًا، وَإِنْ فَصَّلَ وَبَيَّنَ كَانَ ذَلِكَ فِي حُكْمِ دَعْوَتَيْنِ فَأَيْنَ مَحَلُّ الِاسْتِتْبَاعِ؟ .

أُجِيبَ بِأَنَّ مَحَلَّ الِاسْتِتْبَاعِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، وَلَا يَضُرُّ كَوْنُ الْكَثِيرِ تَابِعًا لِلْقَلِيلِ لِلْحَاجَةِ إلَى ذَلِكَ. الثَّانِيَةُ: لَوْ كَانَ الْمُؤَجَّلُ فِي عَقْدٍ كَمُسْلِمٍ وَقَصَدَ بِدَعْوَاهُ بِهِ تَصْحِيحَ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا مُسْتَحَقٌّ فِي الْحَالِ، قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ أَيْضًا. الثَّالِثَةُ: إذَا ادَّعَى عَلَى الْقَاتِلِ بِقَتْلٍ خَطَأٍ أَوْ شِبْهِ عَمْدٍ فَإِنَّهَا تُسْمَعُ مَعَ أَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يُوجِبُ دِيَةً مُؤَجَّلَةٍ، فَلَوْ ادَّعَى ذَلِكَ عَلَى الْعَاقِلَةِ لَمْ تُسْمَعْ جَزْمًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَحَقَّقْ لُزُومُهُ لِمَنْ ادَّعَى عَلَيْهِ لِجَوَازِ مَوْتِهِ فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ وَإِعْسَارِهِ آخِرَهُ، ذَكَرَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَقَالَ: لَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ.

تَتِمَّةٌ: تُسْمَعُ الدَّعْوَى بِاسْتِيلَادٍ وَتَدْبِيرٍ وَتَعَلُّقِ عِتْقٍ بِصِفَةٍ وَلَوْ قَبْلَ الْعَرْضِ عَلَى الْبَيْعِ؛ لِأَنَّهَا حُقُوقٌ نَاجِزَةٌ وَجَوَابُ مَنْ ادَّعَى دَيْنًا مُؤَجَّلًا وَلَمْ يَذْكُرْ الْأَجَلَ لَا يَلْزَمُنِي تَسْلِيمُهُ الْآنَ، وَلَا يَجُوزُ إنْكَارُهُ اسْتِحْقَاقَهُ فِي أَحَدِ وَجْهَيْنِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: إنَّهُ الْمَذْهَبُ كَمَا حَكَاهُ الرُّويَانِيُّ عَنْ جَدِّهِ، وَإِنْ أَقَرَّ لَهُ خَصْمُهُ بِثَوْبٍ مَثَلًا وَادَّعَى تَلَفَهُ فَلَهُ تَحْلِيفُهُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ تَسْلِيمُهُ إلَيْهِ ثُمَّ يَقْنَعُ مِنْهُ بِالْقِيمَةِ، وَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُقِرُّ لَهُ عَلَى بَقَائِهِ وَطَالَبَهُ بِهِ.

[فَصْلٌ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِجَوَابِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ]

إذَا (أَصَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى السُّكُوتِ عَنْ جَوَابِ الدَّعْوَى) لِغَيْرِ دَهْشَةٍ أَوْ غَبَاوَةٍ (جُعِلَ) حُكْمُهُ (كَمُنْكِرٍ) لِلْمُدَّعَى بِهِ (نَاكِلٍ) عَنْ الْيَمِينِ، وَحِينَئِذٍ فَتُرَدُّ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعِي بَعْدَ أَنْ يَقُولَ لَهُ الْقَاضِي: أَجِبْ عَنْ دَعْوَاهُ وَإِلَّا جَعَلْتُك نَاكِلًا، فَإِنْ كَانَ سُكُوتُهُ لِنَحْوِ دَهْشَةٍ أَوْ غَبَاوَةٍ شُرِحَ لَهُ، ثُمَّ حَكَمَ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَيْهِ، وَسُكُوتُ الْأَخْرَسِ عَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>