فَصْلٌ عَلَيْهِ كِفَايَةُ رَقِيقِهِ نَفَقَةً، وَكِسْوَةً وَإِنْ كَانَ أَعْمَى زَمِنًا وَمُدَبَّرًا وَمُسْتَوْلَدَةً مِنْ غَالِبِ قُوتِ رَقِيقِ الْبَلَدِ وَأُدْمِهِمْ وَكِسْوَتِهِمْ، وَلَا يَكْفِي سِتْرُ الْعَوْرَةِ.
وَسُنَّ أَنْ يُنَاوِلَهُ
ــ
[مغني المحتاج]
[فَصْل فِي مُؤْنَةِ الْمَمْلُوكِ وَمَا مَعَهَا]
: يَجِبُ (عَلَيْهِ) أَيْ الْمَالِكِ (كِفَايَةُ رَقِيقِهِ نَفَقَةً) طَعَامًا وَأُدْمًا، وَتُعْتَبَرُ كِفَايَتُهُ فِي نَفْسِهِ زَهَادَةً وَرَغْبَةً وَإِنْ زَادَتْ عَلَى كِفَايَةِ مِثْلِهِ غَالِبًا (وَ) عَلَيْهِ كِفَايَةُ رَقِيقِهِ (كِسْوَةً) وَكَذَا سَائِرُ مُؤْنَةٍ لِخَبَرِ «لِلْمَمْلُوكِ طَعَامُهُ وَكِسْوَتُهُ، وَلَا يُكَلَّفُ مِنْ الْعَمَلِ مَا لَا يُطِيقُ» وَخَبَرِ «كَفَى بِالْمَرْءِ إثْمًا أَنْ يَحْبِسَ عَنْ مَمْلُوكِهِ قُوتَهُ» رَوَاهُمَا مُسْلِمٌ، وَقِيسَ بِمَا فِيهِمَا مَا فِي مَعْنَاهُمَا.
تَنْبِيهٌ: اقْتِصَارُ الْمُصَنِّفِ عَلَى مَا ذُكِرَ قَدْ يُفْهِمُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى السَّيِّدِ شِرَاءُ مَاءِ طَهَارَتِهِ إذَا احْتَاجَ إلَيْهِ، وَلَكِنَّ الْأَصَحَّ فِي زَوَائِدِ الرَّوْضَةِ وُجُوبُهُ كَفِطْرَتِهِ، وَكَذَا يَجِبُ شِرَاءُ تُرَابِ تَيَمُّمِهِ إنْ احْتَاجَهُ، وَأَفْهَمَ تَعْبِيرُهُ بِالْكِفَايَةِ أَنَّهَا لَا تَتَقَدَّرُ كَنَفَقَةِ الزَّوْجَةِ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَنَصَّ فِي الْمُخْتَصَرِ عَلَى وُجُوبِ الْإِشْبَاعِ (وَإِنْ كَانَ) رَقِيقُهُ كَسُوبًا أَوْ مُسْتَحِقًّا مَنَافِعَهُ بِوَصِيَّةٍ أَوْ غَيْرِهَا (أَعْمَى زَمِنًا وَمُدَبَّرًا وَمُسْتَوْلَدَةً) وَمُسْتَأْجَرًا وَمُعَارًا وَآبِقًا لِبَقَاءِ الْمِلْكِ فِي الْجَمِيعِ، وَلِعُمُومِ الْخَبَرَيْنِ السَّابِقَيْنِ. نَعَمْ الْمُكَاتَبُ وَلَوْ فَاسِدَ الْكِتَابَةِ لَا يَجِبُ لَهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ عَلَى سَيِّدِهِ لِاسْتِقْلَالِهِ بِالْكَسْبِ، وَلِهَذَا يَلْزَمُهُ نَفَقَةُ أَرِقَّائِهِ. نَعَمْ إنْ عَجَزَ نَفْسُهُ وَلَمْ يَفْسَخْ السَّيِّدُ الْكِتَابَةَ فَعَلَيْهِ نَفَقَتُهُ، وَهِيَ مَسْأَلَةٌ عَزِيزَةُ النَّقْلِ فَاسْتَفِدْهَا، وَكَذَا الْأَمَةُ الْمُزَوَّجَةُ حَيْثُ أَوْجَبْنَا نَفَقَتَهَا عَلَى الزَّوْجِ، وَلَا يَجِبُ عَلَى الْمَالِكِ الْكِفَايَةُ الْمَذْكُورَةُ مِنْ جِنْسِ طَعَامِهِ وَكِسْوَتِهِ، بَلْ (مِنْ غَالِبِ قُوتِ رَقِيقِ الْبَلَدِ) مِنْ قَمْحٍ وَشَعِيرٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ (وَ) مِنْ غَالِبِ (أُدْمِهِمْ) مِنْ سَمْنٍ وَزَيْتٍ وَجُبْنٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ (وَ) مِنْ غَالِبِ (كِسْوَتِهِمْ) مِنْ قُطْنٍ وَصُوفٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ لِخَبَرِ الشَّافِعِيِّ «لِلْمَمْلُوكِ نَفَقَتُهُ وَكِسْوَتُهُ بِالْمَعْرُوفِ قَالَ: وَالْمَعْرُوفُ عِنْدَنَا الْمَعْرُوفُ لِمِثْلِهِ بِبَلَدِهِ، وَيُرَاعَى حَالُ السَّيِّدِ فِي يَسَارِهِ وَإِعْسَارِهِ، وَيُنْفِقُ عَلَيْهِ الشَّرِيكَانِ بِقَدْرِ مِلْكَيْهِمَا» ، وَلَوْ تَقَشَّفَ السَّيِّدُ بِأَنْ كَانَ يَأْكُلُ وَيَشْرَبُ وَيَلْبَسُ دُونَ الْمُعْتَادِ غَالِبًا رِيَاضَةً أَوْ بُخْلًا لَزِمَ السَّيِّدَ رِعَايَةُ الْغَالِبِ لَهُ (وَلَا يَكْفِي سِتْرُ الْعَوْرَةِ) لِرَقِيقِهِ وَإِنْ لَمْ يَتَأَذَّ بِحَرٍّ وَلَا بَرْدٍ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِذْلَالِ وَالتَّحْقِيرِ، هَذَا بِبِلَادِنَا كَمَا قَالَهُ الْغَزَالِيُّ وَغَيْرُهُ. أَمَّا بِبِلَادِ السُّودَانِ وَنَحْوِهَا فَلَهُ ذَلِكَ كَمَا فِي الْمَطْلَبِ، وَهَذَا يُفْهِمُهُ قَوْلُهُمْ: مِنْ الْغَالِبِ، فَلَوْ كَانُوا لَا يَسْتَتِرُونَ أَصْلًا وَجَبَ سِتْرُ الْعَوْرَةِ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى.
(وَ) لَوْ تَنَعَّمَ السَّيِّدُ بِمَا هُوَ فَوْقَ اللَّائِقِ بِهِ (سُنَّ لَهُ أَنْ يُنَاوِلَهُ) أَيْ رَقِيقَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute