ثُمَّ الْمَأْخُوذُ جِزْيَةٌ، فَلَا
فَصْل يُؤْخَذُ مِنْ مَالِ مَنْ لَا جِزْيَةَ عَلَيْهِ. يَلْزَمُنَا الْكَفُّ عَنْهُمْ
ــ
[مغني المحتاج]
الزَّكَاةِ تَرْجِيحُ الْأَوَّلِ، وَقِيَاسُ اعْتِبَارِ الْغِنَى وَالْفَقْرِ وَالتَّوَسُّطِ آخِرَ الْحَوْلِ فِي هَذَا الْبَابِ تَرْجِيحُ الثَّانِي، وَهُوَ الظَّاهِرُ كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ (ثُمَّ الْمَأْخُوذُ) بِاسْمِ الزَّكَاةِ مُضَعَّفًا أَوْ غَيْرَ مُضَعَّفٍ (جِزْيَةٌ) وَإِنْ بُدِّلَ اسْمُهَا تُصْرَفُ مَصْرِفَ الْفَيْءِ. فَعَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ: هَؤُلَاءِ حَمْقَاءُ أَبَوْا الِاسْمَ وَرَضَوْا بِالْمَعْنَى.
تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: جِزْيَةٌ هُوَ بِالرَّفْعِ عَلَى الْخَبَرِيَّةِ، يُوجَدُ فِي بَعْضِ نُسَخِ الْمَتْنِ: بَعْدَ جِزْيَةٍ حَقِيقَةً، وَهُوَ نَصْبٌ عَلَى إسْقَاطِ الْخَافِضِ بِدَلِيلِ قَوْلِ الْمُحَرَّرِ عَلَى الْحَقِيقَةِ، أَوْ نُصِبَ عَلَى الْمَصْدَرِ الْمُؤَكِّدِ لِغَيْرِهِ، وَعَلَى كَوْنِ الْمَأْخُوذِ جِزْيَةً (فَلَا) يَنْقُصُ عَنْ دِينَارٍ حَتَّى لَوْ وَفَّى قَدْرَ الزَّكَاةِ بِلَا تَضْعِيفٍ أَوْ نِصْفَهَا بِالدِّينَارِ يَقِينًا لَا ظَنًّا كَفَى أَخْذُهُ، فَلَوْ كَثُرُوا وَعَسُرَ عَدَدُهُمْ لِمَعْرِفَةِ الْوَفَاءِ بِالدِّينَارِ لَمْ يَجُزْ الْأَخْذُ بِغَلَبَةِ الظَّنِّ، بَلْ يُشْتَرَطُ تَحَقُّقُ أَخْذِ دِينَارٍ عَنْ كُلِّ رَأْسٍ، وَلَا يَتَعَيَّنُ تَضْعِيفُهَا، وَلَا تَنْصِيفُهَا، فَيَجُوزُ تَرْبِيعُهَا وَتَخْمِيسُهَا وَنَحْوُهُمَا عَلَى مَا يَرَوْنَهُ بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ.
وَلَا (يُؤْخَذُ مِنْ مَالِ مَنْ لَا جِزْيَةَ عَلَيْهِ) كَصَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَامْرَأَةٍ وَخُنْثَى بِخِلَافِ الْفَقِيرِ. قَالَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ: وَإِذَا شُرِطَ ضِعْفُ الصَّدَقَةِ وَزَادَ عَلَى دِينَارٍ، ثُمَّ سَأَلُوا إسْقَاطَ الزِّيَادَةِ وَإِعَادَةَ اسْمِ الْجِزْيَةِ أُجِيبُوا عَلَى الصَّحِيحِ اهـ.
وَلَا يُنَافِي هَذَا مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهَا لَوْ عُقِدَتْ بِأَكْثَرَ مِنْ دِينَارٍ ثُمَّ عَلِمُوا جَوَازَ دِينَارٍ لَزِمَهُمْ مَا الْتَزَمُوا؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ هُنَا فِي مُقَابَلَةِ الِاسْمِ وَقَدْ أَسْقَطُوهُ.
تَتِمَّةٌ: لَوْ صَالَحْنَاهُمْ وَأَبْقَيْنَا أَرْضَهُمْ عَلَى مِلْكِهِمْ وَضَرَبْنَا عَلَيْهَا خَرَاجًا يُؤَدُّونَهُ كُلَّ سَنَةٍ عَنْ كُلِّ جَرِيبٍ كَذَا يَفِي ذَلِكَ الْخَرَاجُ بِالْجِزْيَةِ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ جَازَ فَالْمَأْخُوذُ جِزْيَةً يُصْرَفُ مَصْرِفَ الْفَيْءِ فَلَا تُؤْخَذُ مِنْ أَرْضِ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَامْرَأَةٍ وَخُنْثَى، وَيُؤْخَذُ الْخَرَاجُ مِنْهُمْ، وَإِنْ لَمْ تُزْرَعْ الْأَرْضُ، أَوْ بَاعُوهَا، أَوْ وَهَبُوهَا مَا لَمْ يُسْلِمُوا؛ لِأَنَّهُ جِزْيَةٌ كَمَا مَرَّ فَإِنْ اشْتَرَاهَا مُسْلِمٌ فَعَلَيْهِ الثَّمَنُ، أَوْ اسْتَأْجَرَهَا فَعَلَيْهِ الْأُجْرَةُ، وَالْخَرَاجُ بَاقٍ عَلَى الْبَائِعِ وَالْمُؤَجِّرِ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُمْ الْخَرَاجُ فِي مَوَاتٍ يَذُبُّونَ عَنْهُ، لَا فِيمَا لَا يَذُبُّونَ عَنْهُ وَإِنْ أَحْيَوْهُ إلَّا إنْ شَرَطَ عَلَيْهِمْ أَنْ يُؤْخَذَ ذَلِكَ مِمَّا يُحْيُونَهُ، وَإِنْ ضَرَبْنَاهُ عَلَى أَنَّ الْأَرْضَ لَنَا وَيَسْكُنُونَهَا وَيُؤَدُّونَ كُلَّ سَنَةِ عَنْ كُلِّ جَرِيبٍ كَذَا فَالْمَأْخُوذُ مِنْهُمْ أُجْرَةٌ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ عَقْدُ إجَارَةٍ فَلَا سَقَطَ بِإِسْلَامِهِمْ، وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ يَبْلُغَ دِينَارًا وَالْجِزْيَةُ بَاقِيَةٌ فَتَجِبُ مَعَ الْأُجْرَةِ، وَلَا يَجُوزُ لَهُمْ بَيْعُ الْأَرْضِ وَلَا هِبَتُهَا، وَلَهُمْ إجَارَتُهَا؛ لِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ يُؤَجِّرُ وَيُؤْخَذُ ذَلِكَ مِنْ أَرْضِ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ وَغَيْرِهِمْ مِمَّنْ لَا جِزْيَةَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ أُجْرَةٌ. .
[فَصْل فِي أَحْكَامِ عَقْدِ الْجِزْيَةِ الزَّائِدَةِ]
[فَصْلٌ] فِي أَحْكَامِ عَقْدِ الْجِزْيَةِ الزَّائِدَةِ عَلَى مَا مَرَّ (يَلْزَمُنَا) بَعْدَ عَقْدِ الذِّمَّةِ الصَّحِيحِ لِلْكُفَّارِ (الْكَفُّ عَنْهُمْ) نَفْسًا وَمَالًا، وَخَلَاصُ مَنْ أُسِرَ مِنْهُمْ، وَاسْتِرْجَاعُ مَا أُخِذَ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَرَّحَ بِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute