للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ: قَدَّ مَلْفُوفًا وَزَعَمَ مَوْتَهُ صُدِّقَ الْوَلِيُّ بِيَمِينِهِ فِي الْأَظْهَرِ.

وَلَوْ قَطَعَ طَرَفًا وَزَعَمَ نَقْصَهُ فَالْمَذْهَبُ تَصْدِيقُهُ إنْ أَنْكَرَ أَصْلَ السَّلَامَةِ فِي عُضْوٍ ظَاهِرٍ، وَإِلَّا فَلَا.

ــ

[مغني المحتاج]

[فَصْلٌ فِي اخْتِلَافِ وَلِيِّ الدَّمِ وَالْجَانِي]

(فَصْلٌ) فِي اخْتِلَافِ وَلِيِّ الدَّمِ وَالْجَانِي إذَا (قَدَّ) شَخْصٌ شَخْصًا (مَلْفُوفًا) فِي ثَوْبٍ أَوْ هَدَمَ عَلَيْهِ جِدَارًا (وَزَعَمَ) أَيْ ادَّعَى (مَوْتَهُ) حِينَ الْقَدِّ أَوْ الْهَدْمِ، وَادَّعَى الْوَلِيُّ حَيَاتَهُ حِينَئِذٍ (صُدِّقَ الْوَلِيُّ بِيَمِينِهِ فِي الْأَظْهَرِ) وَإِنْ كَانَ مَلْفُوفًا عَلَى هَيْئَةِ التَّكْفِينِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْحَيَاةِ فَأَشْبَهَ مَنْ قَتَلَ مَنْ عَهِدَهُ مُسْلِمًا وَادَّعَى رِدَّتَهُ. وَالثَّانِي يُصَدَّقُ الْجَانِي، وَصَحَّحَهُ الشَّيْخُ فِي التَّنْبِيهِ وَأَقَرَّهُ الْمُصَنِّفُ عَلَيْهِ فِي تَصْحِيحِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ، وَقِيلَ: يُفَرَّقُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مَلْفُوفًا عَلَى هَيْئَةِ التَّكْفِينِ أَوْ فِي ثِيَابِ الْأَحْيَاءِ. قَالَ الْإِمَامُ: هَذَا لَا أَصْلَ لَهُ.

تَنْبِيهٌ: مَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا تَحَقَّقَتْ حَيَاتُهُ قَبْلَ ذَلِكَ، أَمَّا إذَا لَمْ تَتَحَقَّقْ فَيَنْبَغِي كَمَا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ أَنْ يُقْطَعَ بِتَصْدِيقِ الْجَانِي؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ وَلَمْ يُعَارِضْهُ أَصْلٌ آخَرُ، وَإِذَا حَلَفَ الْوَلِيُّ فَلْيَحْلِفْ يَمِينًا وَاحِدَةً، بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي الْقَسَامَةِ يَحْلِفُ خَمْسِينَ يَمِينًا؛ لِأَنَّ الْحَلِفَ ثَمَّ عَلَى الْقَتْلِ وَهُنَا عَلَى حَيَاةِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، وَسَوَّى الْبُلْقِينِيُّ بَيْنَ الْبَابَيْنِ وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ، وَالْوَاجِبُ بِحَلِفِ الْوَلِيِّ الدِّيَةُ لَا الْقِصَاصُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ؛ لِأَنَّهُ يُدْرَأُ بِالشُّبْهَةِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ ادَّعَى عَلَى الْوَكِيلِ فِي الْقَتْلِ عَفْوَ الْوَلِيِّ وَنَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ وَحَلَفَ الْوَلِيُّ فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ الْقِصَاصَ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ كَالْبَيِّنَةِ أَوْ كَالْإِقْرَارِ وَكِلَاهُمَا يَثْبُتُ بِهِ الْقِصَاصُ، وَلِلْوَلِيِّ أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً بِحَيَاةِ الْمَلْفُوفِ، وَلِمَنْ رَآهُ يَلْتَفُّ أَوْ يَدْخُلُ الْبَيْتَ الشَّهَادَةُ بِحَيَاتِهِ، وَإِنْ لَمْ يَتَيَقَّنْهَا حَالَةَ الْقَدِّ أَوْ الْهَدْمِ اسْتِصْحَابًا لِمَا كَانَ، وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ بِأَنَّهُ رَآهُ يَلْتَفُّ أَوْ يَدْخُلُ الْبَيْتَ.

(وَلَوْ) قَتَلَ شَخْصًا ثُمَّ ادَّعَى رِقَّهُ وَأَنْكَرَ الْوَلِيُّ صُدِّقَ الْوَلِيُّ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ وَالظَّاهِرَ الْحُرِّيَّةُ، وَلِهَذَا حَكَمْنَا بِحُرِّيَّةِ اللَّقِيطِ الْمَجْهُولِ وَإِنْ (قَطَعَ طَرَفًا) لِغَيْرِهِ أَوْ جَنَى عَلَى عُضْوِهِ (وَزَعَمَ نَقْصَهُ) كَشَلَلٍ أَوْ خَرَسٍ أَوْ فَقْدِ أُصْبُعٍ وَأَنْكَرَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ (فَالْمَذْهَبُ تَصْدِيقُهُ) أَيْ الْجَانِي بِيَمِينِهِ (إنْ أَنْكَرَ أَصْلَ السَّلَامَةِ فِي عُضْوٍ ظَاهِرٍ) كَالْيَدِ وَالرِّجْلِ وَاللِّسَانِ وَالْعَيْنِ (وَإِلَّا) بِأَنْ اعْتَرَفَ بِأَصْلِ السَّلَامَةِ أَوْ أَنْكَرَهُ فِي عُضْوٍ بَاطِنٍ كَالْفَخِذِ (فَلَا) يُصَدَّقُ الْجَانِي بَلْ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ بِيَمِينِهِ. وَالْفَرْقُ عُسْرُ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ فِي الْبَاطِنِ دُونَ الظَّاهِرِ، وَالْأَصْلُ عَدَمُ حُدُوثِ نَقْصِهِ وَالثَّانِي تَصْدِيقُ الْجَانِي مُطْلَقًا لِأَصْلِ الْبَرَاءَةِ.

وَالثَّالِثُ تَصْدِيقُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ مُطْلَقًا لِأَصْلِ السَّلَامَةِ، وَهَذِهِ الْأَقْوَالُ الثَّلَاثَةُ مُخْتَصَرَةٌ مِنْ طُرُقٍ.

تَنْبِيهٌ: لَوْ قَالَ بَدَلَ قَطَعَ: جَنَى عَلَى عُضْوٍ لَكَانَ أَوْلَى لِيَشْمَلَ ضَوْءَ الْعَيْنِ وَذَهَابَ السَّمْعِ وَالشَّمِّ وَنَقْصَهُمَا، وَالْمُرَادُ بِالْبَاطِنِ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ مَا يُعْتَادُ سَتْرُهُ مُرُوءَةً، وَقِيلَ مَا يَجِبُ وَهُوَ الْعَوْرَةُ، وَعَلَى هَذَا يَخْتَلِفُ حُكْمُ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ، وَإِذَا صُدِّقَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ قَالَ الشَّارِحُ:

<<  <  ج: ص:  >  >>