وَنُقِرُّهُمْ عَلَى مَا نُقِرُّ لَوْ أَسْلَمُوا، وَنُبْطِلُ مَا لَا نُقِرُّ.
فَصْلٌ أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعٍ وَأَسْلَمْنَ مَعَهُ أَوْ فِي الْعِدَّةِ أَوْ
ــ
[مغني المحتاج]
وَقَدْ يُفْهِمُ كَلَامُهُ أَنَّهُ إذَا ثَبَتَ عَلَى أَحَدِهِمَا شَيْءٌ اسْتَوْفَيْنَاهُ، وَبِهِ صَرَّحَ الْبَغَوِيّ، فَلَوْ أَقَرَّهُ ذِمِّيٌّ بِزِنًا أَوْ سَرِقَةِ مَالٍ وَلَوْ لِذِمِّيٍّ حَدَّدْنَاهُ. أَمَّا إذَا اخْتَلَفَتْ مِلَّتُهُمَا كَيَهُودِيٍّ وَنَصْرَانِيٍّ، أَوْ شُرِطَ فِي عَقْدِ الذِّمَّةِ لَهُمَا الْتِزَامُ أَحْكَامِنَا فَإِنَّ الْحُكْمَ يَجِبُ بَيْنَهُمَا جَزْمًا. أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَا يَرْضَى مِلَّةَ الْآخَرِ. وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَعَمَلًا بِالشَّرْطِ، وَإِنْ أَوْجَبْنَا الْحُكْمَ وَجَبَ الْإِعْدَاءُ وَالْحُضُورُ وَإِلَّا فَلَا يَجِبَانِ.
تَنْبِيهٌ: يُسْتَثْنَى مِنْ إطْلَاقِهِ مَا لَوْ تَرَافَعَ إلَيْنَا أَهْلُ الذِّمَّةِ فِي شُرْبِ الْخَمْرِ فَإِنَّهُمْ لَا يُحَدُّونَ وَإِنْ رَضُوا بِحُكْمِنَا؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَعْتَقِدُونَ تَحْرِيمَهُ، قَالَهُ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ حَدِّ الزِّنَا وَأَسْقَطَهُ مِنْ الرَّوْضَةِ، وَيُفْهَمُ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُنَا الْحُكْمُ بَيْنَ حَرْبِيَّيْنِ وَلَا بَيْنَ حَرْبِيٍّ وَمُعَاهَدٍ، وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَوْ عُقِدَتْ الذِّمَّةُ لِأَهْلِ بَلْدَةٍ فِي دَارِ الْحَرْبِ أَنَّهُمْ كَالْمُعَاهَدِينَ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُنَا الدَّفْعُ عَنْهُمْ فَكَذَا الْحُكْمُ بَيْنَهُمْ، ثُمَّ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى ضَابِطٍ تَقَدَّمَ أَكْثَرُ صُوَرِهِ بِقَوْلِهِ (وَنُقِرُّهُمْ) فِي كُلِّ مَا تَرَافَعُوا فِيهِ إلَيْنَا (عَلَى مَا نُقِرُّ) هُمْ عَلَيْهِ (لَوْ أَسْلَمُوا، وَنُبْطِلُ مَا لَا نُقِرُّ) وَنُوجِبُ النَّفَقَةَ فِي نِكَاحِ مَنْ قَرَّرْنَاهُ، فَلَوْ نَكَحَ بِلَا وَلِيٍّ وَلَا شُهُودٍ وَتَرَافَعُوا إلَيْنَا قَرَّرْنَا النِّكَاحَ وَحَكَمْنَا بِالنَّفَقَةِ، وَإِنْ نَكَحَ الْمَجُوسِيُّ مَحْرَمًا لَهُ وَلَمْ يَتَرَافَعَا إلَيْنَا لَمْ نَعْتَرِضْ عَلَيْهِمَا؛ لِأَنَّ الصَّحَابَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - عَرَفُوا مِنْ حَالِ الْمَجُوسِ أَنَّهُمْ يَنْكِحُونَ الْمَحَارِمَ وَلَمْ يَعْتَرِضُوهُمْ، فَإِنْ تَرَافَعَا إلَيْنَا فِي النَّفَقَةِ أَبْطَلْنَا نِكَاحَهُمَا وَلَا نَفَقَةَ؛ لِأَنَّهُمَا بِالتَّرَافُعِ أَظْهَرَا مَا يُخَالِفُ الْإِسْلَامَ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ أَظْهَرَ الذِّمِّيُّ الْخَمْرَ، وَلَوْ تَرَافَعَ إلَيْنَا كَافِرٌ تَحْتَهُ أُخْتَانِ وَطَلَبُوا فَرْضَ النَّفَقَةِ أَعْرَضْنَا عَنْهُمْ مَا لَوْ يَرْضَوْا بِحُكْمِنَا وَلَا نُفَرِّقُ بَيْنَهُمْ، فَإِنْ رَضُوا بِهِ فَرَّقْنَا بَيْنَهُمْ بِأَنْ نَأْمُرَهُ بِاخْتِيَارِ إحْدَاهُمَا. فَإِنْ قِيلَ: قَدْ مَرَّ فِي نِكَاحِ الْمَحْرَمِ أَنَّا نُفَرِّقُ بَيْنَهُمْ وَإِنْ لَمْ يَرْضَوْا بِحُكْمِنَا فَهَلَّا كَانَ هُنَا فِي الْأُخْتَيْنِ كَذَلِكَ؟ .
أُجِيبَ بِأَنَّ الْمَحْرَمَ أَشَدُّ حُرْمَةً؛ لِأَنَّ مَنْعَ نِكَاحِهَا لِذَاتِهَا، وَإِنَّمَا مُنِعَ فِي الْأُخْتَيْنِ لِلْهَيْئَةِ الِاجْتِمَاعِيَّةِ، وَيُزَوِّجُ حَاكِمُ الْمُسْلِمِينَ بِشُهُودٍ مِنْهُمْ ذِمِّيًّا بِكِتَابِيَّةٍ لَا وَلِيَّ لَهَا خَاصٌّ بِالْتِمَاسِهِمْ ذَلِكَ.
[فَصْلٌ فِي حُكْمُ زَوْجَاتِ الْكَافِرِ بَعْدَ إسْلَامِهِ]
ِ الزَّائِدَاتِ عَلَى الْعَدَدِ الشَّرْعِيِّ، لَوْ (أَسْلَمَ) الْكَافِرُ الْحُرُّ الْمُكَلَّفُ (وَتَحْتَهُ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعٍ) مِنْ الزَّوْجَاتِ الْحَرَائِرِ (وَأَسْلَمْنَ مَعَهُ) عَلَى أَيِّ دِينٍ يَكُنَّ قَبْلَ دُخُولٍ أَوْ بَعْدَهُ (أَوْ) تَخَلَّفْنَ وَهُنَّ مَدْخُولٌ بِهِنَّ وَكُنَّ غَيْرَ كِتَابِيَّاتٍ وَأَسْلَمْنَ بَعْدَهُ (فِي الْعِدَّةِ) وَهِيَ مِنْ حِينِ إسْلَامِهِ، وَمِثْلُهُ لَوْ أَسْلَمْنَ أَوَّلًا ثُمَّ أَسْلَمَ هُوَ فِي الْعِدَّةِ (أَوْ) لَمْ يُسْلِمْنَ أَصْلًا بَلْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute