كِتَابُ الْقَسْمِ وَالنُّشُوزُ يَخْتَصُّ الْقَسْمُ بِزَوْجَاتٍ.
وَمَنْ بَاتَ عِنْدَ بَعْضِ نِسْوَتِهِ لَزِمَهُ عِنْدَ مَنْ بَقِيَ.
ــ
[مغني المحتاج]
[كِتَابُ الْقَسْمِ وَالنُّشُوزُ]
كِتَابُ الْقَسْمِ بِفَتْحِ الْقَافِ وَسُكُونِ السِّينِ مَصْدَرُ قَسَمْت الشَّيْءَ. وَأَمَّا بِالْكَسْرِ فَالنَّصِيبُ، وَالْقَسَمُ بِفَتْحِ الْقَافِ، وَالسِّينِ: الْيَمِينُ (وَالنُّشُوزُ) هُوَ الْخُرُوجُ عَنْ الطَّاعَةِ، وَكَانَ يَنْبَغِي لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَزِيدَ فِي التَّرْجَمَةِ وَعِشْرَةُ النِّسَاءِ، إذْ هُوَ مَقْصُودُ الْبَابِ (يَخْتَصُّ الْقَسْمُ) أَيْ وُجُوبُهُ (بِزَوْجَاتٍ) أَيْ بِثِنْتَيْنِ مِنْهُنَّ فَأَكْثَر وَلَوْ كُنَّ غَيْرَ حَرَائِرَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تَعْدِلُوا} [النساء: ٣] أَيْ فِي الْقَسْمِ الْوَاجِبِ {فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: ٣] فَأَشْعَرَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ فِي مِلْكِ الْيَمِينِ فَلَا دَخْلَ لِلْإِمَاءِ غَيْرِ الزَّوْجَاتِ فِيهِ وَإِنْ كُنَّ مُسْتَوْلَدَاتٍ أَوْ مَعَ زَوْجَاتٍ؛ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُنَّ فِي الِاسْتِمْتَاعِ، وَالْمُرَادُ بِالِاخْتِصَاصِ الْوُجُوبُ كَمَا مَرَّ فَإِنَّهُ مُسْتَحَبٌّ فِي الْإِمَاءِ كَيْ لَا يَحْقِدَ بَعْضُ الْإِمَاءِ عَلَى بَعْضٍ. وَيُسَنُّ أَيْضًا عَدَمُ تَعْطِيلِهِنَّ.
تَنْبِيهٌ: إدْخَالُ الْبَاءِ عَلَى الْمَقْصُورِ عَلَيْهِ خِلَافُ الْكَثِيرِ مِنْ دُخُولِهَا عَلَى الْمَقْصُورِ، فَلَا حَاجَةَ حِينَئِذٍ لِدَعْوَى بَعْضِهِمْ الْقَلْبَ فِي كَلَامِ الْمَتْنِ الَّذِي هُوَ خِلَافُ مُقْتَضَى الظَّاهِرِ، وَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ الْمَوْطُوءَةُ بِشُبْهَةٍ وَلَا الرَّجْعِيَّةُ وَإِنْ كَانَتْ فِي حُكْمِ الزَّوْجَاتِ لِتَعَارُضِ الْمَانِعِ وَالْمُقْتَضَى.
(وَ) الْمُرَادُ مِنْ الْقَسْمِ لِلزَّوْجَاتِ، وَالْأَصْلُ فِيهِ اللَّيْلُ كَمَا سَيَأْتِي أَنْ يَبِيتَ عِنْدَهُنَّ وَلَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ ابْتِدَاءً لِأَنَّهُ حَقُّهُ فَلَهُ تَرْكُهُ، بَلْ (مَنْ بَاتَ عِنْدَ بَعْضِ نِسْوَتِهِ) بِقُرْعَةٍ أَوْ غَيْرِهَا (لَزِمَهُ) وَلَوْ عِنِّينًا وَمَجْبُوبًا وَمَرِيضًا الْمَبِيتُ (عِنْدَ مَنْ بَقِيَ) مِنْهُنَّ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذَا كَانَ عِنْدَ الرَّجُلِ امْرَأَتَانِ فَلَمْ يَعْدِلْ بَيْنَهُمَا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَشِقُّهُ مَائِلٌ أَوْ سَاقِطٌ» رَوَاهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ.
«وَكَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: يَقْسِمُ بَيْنَ نِسَائِهِ وَيُطَافُ بِهِ عَلَيْهِنَّ فِي مَرَضِهِ حَتَّى رَضِينَ بِتَمْرِيضِهِ فِي بَيْتِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا -» . وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْعُذْرَ وَالْمَرَضَ لَا يُسْقِطُ الْقَسْمَ، وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّ الْقَسْمَ كَانَ وَاجِبًا عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ الْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ، وَقَوْلُ الْعِرَاقِيِّينَ خِلَافًا لِلْإِصْطَخْرِيِّ فِي عَدَمِ وُجُوبِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ} [الأحزاب: ٥١] وَلَكِنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقْسِمُ تَكَرُّمًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute