إنْ كَانَ لِنَقْلِهِ مُؤْنَةٌ، أَوْ كَانَ الْمَوْضِعُ مَخُوفًا، وَإِلَّا فَالْأَصَحُّ إجْبَارُهُ.
فَصْلٌ الْإِقْرَاضُ مَنْدُوبٌ.
ــ
[مغني المحتاج]
قَبُولِهِ (إنْ كَانَ لِنَقْلِهِ) إلَى مَحَلِّ التَّسْلِيمِ (مُؤْنَةٌ، أَوْ كَانَ الْمَوْضِعُ) الْمُحْضَرُ فِيهِ أَوْ الطَّرِيقُ (مَخُوفًا) لِتَضَرُّرِهِ بِذَلِكَ فَإِنْ رَضِيَ بِأَخْذِهِ لَمْ تَجِبْ لَهُ مُؤْنَةُ النَّقْلِ بَلْ لَوْ بَذَلَهَا لَمْ يَجُزْ لَهُ قَبُولُهَا.؛ لِأَنَّهُ كَالِاعْتِيَاضِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ لِنَقْلِهِ مُؤْنَةٌ وَلَا كَانَ الْمَوْضِعُ أَوْ الطَّرِيقُ مَخُوفًا (فَالْأَصَحُّ إجْبَارُهُ) عَلَى قَبُولِهِ لِتَحْصُلَ لَهُ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ، وَالْخِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلَيْنِ السَّابِقَيْنِ فِي التَّعْجِيلِ قَبْلَ الْحُلُولِ لِغَرَضِ الْبَرَاءَةِ وَقَدْ مَرَّ تَعْلِيلُهُمَا.
[فَصْلٌ فِي الْقَرْضِ]
ِ، وَهُوَ بِفَتْحِ الْقَافِ أَشْهُرُ مِنْ كَسْرِهَا وَمَعْنَاهُ الْقَطْعُ، وَيُطْلَقُ اسْمًا بِمَعْنَى الشَّيْءِ الْمُقْرَضِ وَمَصْدَرًا بِمَعْنَى الْإِقْرَاضِ (الْإِقْرَاضُ) وَهُوَ تَمْلِيكُ الشَّيْءِ عَلَى أَنْ يُرَدَّ بَدَلُهُ. وَسُمِّيَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُقْرِضَ يَقْطَعُ لِلْمُقْتَرِضِ قِطْعَةً مِنْ مَالِهِ، وَتُسَمِّيهِ أَهْلُ الْحِجَازِ سَلَفًا (مَنْدُوبٌ) إلَيْهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَافْعَلُوا الْخَيْرَ} [الحج: ٧٧] وَقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ نَفَّسَ عَنْ أَخِيهِ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَاَللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا دَامَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَفِي صَحِيحِ ابْنِ حِبَّانَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ " مَنْ أَقْرَضَ مُسْلِمًا دِرْهَمًا مَرَّتَيْنِ كَانَ لَهُ أَجْرُ صَدَقَةٍ مَرَّةً ". فَإِنْ قِيلَ: يُعَارِضُ هَذَا مَا رَوَى ابْنُ مَاجَهْ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «رَأَيْت مَكْتُوبًا عَلَى بَابِ الْجَنَّةِ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي الصَّدَقَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا وَالْقَرْضُ بِثَمَانِيَةَ عَشَرَ، فَقُلْتُ: يَا جِبْرِيلُ مَا بَالُ الْقَرْضِ أَفْضَلُ مِنْ الصَّدَقَةِ؟ قَالَ: لِأَنَّ السَّائِلَ قَدْ يَسْأَلُ وَعِنْدَهُ وَالْمُسْتَقْرِضُ لَا يَسْتَقْرِضُ إلَّا مِنْ حَاجَةٍ» .
أُجِيبَ بِأَنَّ الْحَدِيثَ الْأَوَّلَ أَصَحُّ؛ لِأَنَّ هَذَا تَفَرَّدَ بِهِ خَالِدُ بْنُ زَيْدٍ الشَّامِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ. وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: الصَّدَقَةُ إنَّمَا يُكْتَبُ لَك أَجْرُهَا حِينَ تَتَصَدَّقُ بِهَا، وَهَذَا يُكْتَبُ لَكَ أَجْرُهُ مَا كَانَ عِنْدَ صَاحِبِهِ. نَعَمْ قَدْ يَجِبُ لِعَارِضٍ كَالْمُضْطَرِّ، وَقَدْ يَحْرُمُ كَمَا إذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ يَصْرِفُهُ فِي مَعْصِيَةٍ، وَقَدْ يُكْرَهُ كَمَا إذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ يَصْرِفُهُ فِي مَكْرُوهٍ، وَفِي الرَّوْضَةِ فِي بَابِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute