للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقِيلَ هُوَ وَاجِبُ الثَّلَاثِ، وَيُعْتَبَرَانِ آخِرَ الْحَوْلِ، وَمَنْ أَعْسَرَ فِيهِ سَقَطَ.

[فَصْلٌ] مَالُ جِنَايَةِ الْعَبْدِ يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ،

ــ

[مغني المحتاج]

نِصْفٌ وَرُبُعٌ (وَقِيلَ هُوَ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ نِصْفٍ أَوْ رُبُعٍ (وَاجِبُ الثَّلَاثِ) أَخَذًا مِنْ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي الْأُمِّ: إنَّ مَنْ كَثُرَ مَالُهُ يَحْمِلُ إذَا قُوِّمَتْ الدِّيَةُ نِصْفَ دِينَارٍ، وَمَنْ كَانَ دُونَهُ رُبُعَ دِينَارٍ، لَا يُزَادُ عَلَى هَذَا وَلَا يُنْقَصُ، وَعَلَى هَذَا يُؤَدِّي الْغَنِيُّ كُلَّ سَنَةٍ سُدُسَ دِينَارٍ، وَالْمُتَوَسِّطُ نِصْفَ سُدُسٍ، وَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ كَثُرَتْ الْعَاقِلَةُ أَوْ قَلَّ الْوَاجِبُ نَقَصَ الْقِسْطُ فَيُؤْخَذُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمْ حِصَّتُهُ مِنْ غَيْرِ تَخْصِيصِ أَحَدٍ مِنْهُمْ لِشُمُولِ جِهَةِ التَّحَمُّلِ لَهُمْ، وَإِنْ قَلُّوا أَوْ كَثُرَ الْوَاجِبُ لَمْ يَزِدْ الْقِسْطُ لِتَضَرُّرِهِمْ بِذَلِكَ.

تَنْبِيهٌ: إنَّمَا اُعْتُبِرَ مِقْدَارُ نِصْفِ الدِّينَارِ وَرُبُعِهِ لَا عَيْنُهُمَا؛ لِأَنَّ الْإِبِلَ هِيَ الْوَاجِبَةُ، وَمَا يُؤْخَذُ بَعْدَ تَمَامِ الْحَوْلِ مِنْ نِصْفٍ وَرُبُعٍ يُصْرَفُ إلَيْهَا، وَلِلْمُسْتَحِقِّ أَنْ لَا يَأْخُذَ غَيْرَهَا لِمَا مَرَّ، وَالدَّعْوَى بِالدِّيَةِ الْمَأْخُوذَةِ مِنْ الْعَاقِلَةِ لَا تَتَوَجَّهُ عَلَيْهِمْ، بَلْ عَلَى الْجَانِي نَفْسِهِ، ثُمَّ هُمْ يَدْفَعُونَهَا بَعْدَ ثُبُوتِهَا كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاصِّ فِي أَدَبِ الْقَضَاءِ، وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الرَّافِعِيِّ فِيهِ أَيْضًا (وَ) الْغَنِيُّ الْمُتَوَسِّطُ (يُعْتَبَرَانِ آخِرَ الْحَوْلِ) لِأَنَّهُ حَقٌّ مَالِيٌّ مُتَعَلِّقٌ بِالْحَوْلِ عَلَى جِهَةِ الْمُوَاسَاةِ فَاعْتُبِرَ بِآخِرَةِ كَالزَّكَاةِ فَلَا يُؤْثَرُ الْغِنَى وَضِدُّهُ قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ، فَلَوْ أَيْسَرَ آخِرَهُ وَلَمْ يُؤَدِّ ثُمَّ أَعْسَرَ ثَبَتَ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ (وَمَنْ أَعْسَرَ فِيهِ) أَيْ آخِرِ الْحَوْلِ (سَقَطَ) أَرَادَ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ أَهْلًا لِلْمُوَاسَاةِ بِخِلَافِ الْجِزْيَةِ؛ لِأَنَّهَا كَالْأُجْرَةِ لِسُكْنَى دَارِ الْإِسْلَامِ. قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَلَوْ ادَّعَى الْفَقْرَ بَعْدَ الْغِنَى حَلَفَ وَلَا يُكَلَّفُ الْبَيِّنَةَ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَتَحَمَّلُ بَعْدَ الْعِلْمِ بِغِنَاهُ، وَمَنْ كَانَ أَوَّلَ الْحَوْلِ نَاقِصًا بِرِقٍّ، أَوْ كُفْرٍ، أَوْ جُنُونٍ، أَوْ صِبًا، وَصَارَ فِي آخِرِهِ بِصِفَةِ الْكَمَالِ لَمْ يُؤْخَذْ مِنْهُ شَيْءٌ فِي ذَلِكَ الْحَوْلِ وَلَا فِيمَا بَعْدَهُ. قَالَ الرَّافِعِيُّ: لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا أَهْلًا لِلنُّصْرَةِ بِالْبَدَنِ فِي الِابْتِدَاءِ فَلَا يُكَلَّفُونَ النُّصْرَةَ بِالْمَالِ فِي الِانْتِهَاءِ، وَالْمُعْسِرُ كَامِلٌ أَهْلٌ لِلنُّصْرَةِ، وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ الْمَالُ لِيَتَمَكَّنَ مِنْ الْأَدَاءِ فَيُعْتَبَرُ وَقْتُهُ.

[فَصْلٌ فِي جِنَايَةِ الرَّقِيقِ]

وَلَمَّا فَرَغَ مِمَّا يَجِبُ بِجِنَايَةِ الْحُرِّ شَرَعَ فِيمَا يَجِبُ بِجِنَايَةِ غَيْرِهِ مُتَرْجِمًا لِذَلِكَ بِفَصْلٍ فَقَالَ: [فَصْلٌ] فِي جِنَايَةِ الرَّقِيقِ (مَالُ جِنَايَةِ الْعَبْدِ) الْمُوجِبَةِ لِلْمَالِ بِأَنْ كَانَتْ غَيْرَ عَمْدٍ أَوْ عَمْدًا وَعَفَا عَلَى مَالٍ (يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ) بِالْإِجْمَاعِ كَمَا حَكَاهُ الْبَيْهَقِيُّ، إذْ لَا يُمْكِنُ إلْزَامُهُ لِسَيِّدِهِ، لِأَنَّهُ إضْرَارٌ بِهِ مَعَ بَرَاءَتِهِ، وَلَا أَنْ يَكُونَ فِي ذِمَّةِ الْعَبْدِ إلَى عِتْقِهِ لِلْأَضْرَارِ بِالْمُسْتَحِقِّ، بِخِلَافِ مُعَامَلَةِ غَيْرِهِ لَهُ لِرِضَاهُ بِذِمَّتِهِ، فَلْتُعَلَّقْ بِرَقَبَتِهِ طَرِيقٌ وَسَطٌ فِي رِعَايَةِ الْجَانِبَيْنِ، وَلَا يَجِبُ عَلَى عَاقِلَةِ سَيِّدِهِ؛ لِأَنَّهَا وَرَدَتْ فِي الْحُرِّ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ، وَفَارَقَ جِنَايَةَ الْبَهِيمَةِ حَيْثُ يَضْمَنُهَا مَالِكُهَا إذَا قَصَّرَ؛ لِأَنَّ لِلْآدَمِيِّ اخْتِيَارًا.

تَنْبِيهُ: مَعْنَى التَّعَلُّقِ بِالرَّقَبَةِ أَنْ يُبَاعَ، وَيُصْرَفَ ثَمَنُهُ إلَى الْجِنَايَةِ، وَلَا يَمْلِكُهُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>