للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْلٌ] لِيُسَوِّ بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ فِي دُخُولٍ عَلَيْهِ، وَقِيَامٍ لَهُمَا، وَاسْتِمَاعٍ، وَطَلَاقَةِ وَجْهٍ، وَجَوَابِ سَلَامٍ وَمَجْلِسٍ، وَالْأَصَحُّ رَفْعُ مُسْلِمٍ عَلَى ذِمِّيٍّ فِيهِ.

ــ

[مغني المحتاج]

[فَصَلِّ التَّسْوِيَةِ بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ]

[فَصْلٌ] فِي التَّسْوِيَةِ بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ وَمَا يَتْبَعُهَا (لِيُسَوِّ) الْقَاضِي حَتْمًا عَلَى الصَّحِيحِ (بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ فِي دُخُولٍ عَلَيْهِ) فَلَا يَدْخُلُ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْآخَرِ، بَلْ يَأْذَنُ لَهُمَا فِي الدُّخُولِ.

تَنْبِيهٌ الْخَصْمُ بِفَتْحِ الْخَاءِ وَسُكُونِ الصَّادِ يَسْتَوِي فِيهِ الْوَاحِدُ وَالْجَمِيعُ وَالْمُذَكَّرُ وَالْمُؤَنَّثُ، وَمِنْ الْعَرَبِ مَنْ يُثَنِّيهِ وَيَجْمَعُهُ وَمَشَى الْمُصَنِّفُ عَلَى التَّثْنِيَةِ هُنَا، وَعَلَى الْجَمْعِ فِي قَوْلِهِ بَعْدَ: وَإِذَا ازْدَحَمَ خُصُومٌ. أَمَّا الْخَصِمُ بِكَسْرِ الصَّادِ، فَهُوَ الشَّدِيدُ الْخُصُومَةِ (وَ) فِي (قِيَامٍ لَهُمَا) فَيَقُومُ لَهُمَا أَوْ يَتْرُكُ، وَكَرِهَ ابْنُ أَبِي الدَّمِ الْقِيَامَ لَهُمَا جَمِيعًا؛ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا قَدْ يَكُونُ شَرِيفًا وَالْآخَرُ وَضِيعًا، فَإِذَا قَامَ لَهُمَا عَلِمَ الْوَضِيعَ أَنَّ الْقِيَامَ لِأَجْلِ خَصْمِهِ فَيَزْدَادُ الشَّرِيفُ تِيهًا وَالْوَضِيعُ كَسْرًا، فَتَرْكُ الْقِيَامِ لَهُمَا أَقْرَبُ إلَى الْعَدْلِ قَالَ: فَلَوْ دَخَلَ الْخَصْمُ ذُو الْهَيْئَةِ فَظَنَّ الْحَاكِمُ أَنَّهُ لَيْسَ بِمُحَاكَمٍ فَقَامَ لَهُ فَلْيَقُمْ لِخَصْمِهِ أَوْ يَعْتَذِرْ بِأَنَّهُ قَامَ لِلْأَوَّلِ وَلَمْ يَشْعُرْ بِكَوْنِهِ خَصْمًا. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: إنْ كَانَ الْآخَرُ مِمَّنْ يُقَامُ لَهُ قَامَ وَإِلَّا اعْتَذَرَ (وَاسْتِمَاعٍ) لِكَلَامِهِمَا وَنَظَرٍ إلَيْهِمَا (وَ) فِي (طَلَاقَةِ وَجْهٍ) لَهُمَا (وَ) فِي (جَوَابِ سَلَامٍ) مِنْهُمَا إنْ سَلَّمَا مَعًا وَلَا يَرُدُّ عَلَى أَحَدِهِمَا وَيَتْرُكُ الْآخَرَ، فَإِنْ سَلَّمَ عَلَيْهِ أَحَدُهُمَا انْتَظَرَ الْآخَرَ أَوْ قَالَ لَهُ سَلِّمْ لِيُجِيبَهُمَا مَعًا إذَا سَلَّمَ. قَالَ الشَّيْخَانِ: وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِي هَذَا إذَا طَالَ الْفَصْلُ وَكَأَنَّهُمْ احْتَمَلُوا هَذَا الْفَصْلَ لِئَلَّا يَبْطُلَ مَعْنَى التَّسْوِيَةِ.

فَإِنْ قِيلَ: مَا ذَكَرَاهُ هُنَا لَا يُوَافِقُ مَا جَزَمَا بِهِ فِي السِّيَرِ مِنْ أَنَّ ابْتِدَاءَ السَّلَامِ سُنَّةُ كِفَايَةٍ، فَإِذَا حَضَرَ جَمْعٌ وَسَلَّمَ أَحَدُهُمْ كَفَى عَنْ الْبَاقِينَ.

أُجِيبَ بِأَنَّهُمْ ارْتَكَبُوا ذَلِكَ هُنَا حَذَرًا مِنْ التَّخْصِيصِ وَتَوَهُّمِ الْمَيْلِ (وَ) فِي (مَجْلِسٍ) لَهُمَا بِأَنْ يَجْلِسَهُمَا بَيْنَ يَدَيْهِ أَوْ أَحَدَهُمَا عَنْ يَمِينِهِ وَالْآخَرَ عَنْ يَسَارِهِ وَالْجُلُوسُ بَيْنَ يَدَيْهِ أَوْلَى، وَمِثْلُ مَا ذَكَرَهُ سَائِرُ أَنْوَاعِ الْإِكْرَامِ فَلَا يَخُصُّ أَحَدَهُمَا بِشَيْءٍ مِنْهَا، وَإِنْ اخْتَلَفَا بِفَضِيلَةٍ غَيْرِهَا وَلَا يَرْتَفِعُ الْمُوَكِّلُ عَلَى الْوَكِيلِ وَالْخَصْمِ؛ لِأَنَّ الدَّعْوَى مُتَعَلِّقَةٌ بِهِ أَيْضًا بِدَلِيلِ تَحْلِيفِهِ إذَا وَجَبَتْ يَمِينٌ حَكَاهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الزَّبِيلِيِّ وَأَقَرَّهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ: وَهُوَ حَسَنٌ، وَالْبَلْوَى بِهِ عَامَّةٌ، وَقَدْ رَأَيْنَا مَنْ يُوَكِّلُ فِرَارًا مِنْ التَّسْوِيَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ خَصْمِهِ، وَلِيُقْبِلْ عَلَى الْخَصْمَيْنِ بِقَلْبِهِ وَعَلَيْهِ السَّكِينَةُ بِلَا مَزْحٍ وَلَا تَشَاوُرٍ وَلَا نَهْرٍ وَلَا صِيَاحٍ مَا لَمْ يَتْرُكَا أَدَبًا وَيُنْدَبُ أَنْ يَجْلِسَا بَيْنَ يَدَيْهِ لِيَتَمَيَّزَا وَلِيَكُونَ اسْتِمَاعُهُ إلَى كُلٍّ مِنْهُمَا أَسْهَلَ، وَإِذَا جَلَسَا تَقَارَبَا إلَّا أَنْ يَكُونَا رَجُلًا وَامْرَأَةً غَيْرَ مَحْرَمٍ فَيَتَبَاعَدَانِ (وَالْأَصَحُّ) وَعَبَّرَ فِي الرَّوْضَةِ بِالصَّحِيحِ (رَفْعُ مُسْلِمٍ عَلَى ذِمِّيٍّ فِيهِ) أَيْ الْمَجْلِسِ كَأَنْ يَجْلِسَ الْمُسْلِمُ أَقْرَبَ إلَيْهِ مِنْ الذِّمِّيِّ لِمَا رَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ الشَّعْبِيِّ قَالَ: خَرَجَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - إلَى السُّوقِ فَإِذَا هُوَ بِنَصْرَانِيٍّ يَبِيعُ دِرْعًا فَعَرَفَهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>