وَكَذَا قَدْرُ الْعَادَةِ فِي الْأَصَحِّ.
فَصْلٌ شَرْطُ الصَّوْمِ الْإِمْسَاكُ عَنْ الْجِمَاعِ
(وَالِاسْتِقَاءَةِ) وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَوْ تَيَقَّنَ أَنَّهُ لَمْ يَرْجِعْ شَيْءٌ إلَى جَوْفِهِ بَطَلَ، وَإِنْ غَلَبَهُ الْقَيْءُ فَلَا بَأْسَ، وَكَذَا لَوْ اقْتَلَعَ
ــ
[مغني المحتاج]
غَدِهَا كُلَّهُ طُهْرٌ، وَسَوَاءٌ كَانَتْ مُبْتَدَأَةً أَمْ غَيْرَهَا. لَكِنَّ كَلَامَهُ يُوهِمُ اشْتِرَاطَ الِانْقِطَاعِ، وَلَيْسَ مُرَادًا؛ لِأَنَّهُ مَتَى تَمَّ فِي اللَّيْلِ أَكْثَرُ الْحَيْضِ صَحَّتْ نِيَّتُهَا وَإِنْ لَمْ يَنْقَطِعْ الدَّمُ؛ لِأَنَّ الزَّائِدَ عَلَى أَكْثَرِ الْحَيْضِ اسْتِحَاضَةٌ وَهِيَ لَا تَمْنَعُ الصَّوْمَ. وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ لِأَجْلِ قَوْلِهِ (وَكَذَا) إنْ تَمَّ لَهَا (قَدْرُ الْعَادَةِ) الَّتِي هِيَ دُونُ أَكْثَرِ الْحَيْضِ أَوْ النِّفَاسِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ صَوْمُهَا بِتِلْكَ النِّيَّةِ (فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ اسْتِمْرَارُ الْعَادَةِ سَوَاءٌ اتَّحَدَتْ أَمْ اخْتَلَفَتْ وَاتَّسَقَتْ وَلَمْ تَنْسَ اتِّسَاقَهَا بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا عَادَةٌ وَلَمْ يَتِمَّ أَكْثَرُ الْحَيْضِ أَوْ النِّفَاسِ لَيْلًا، أَوْ كَانَ لَهَا عَادَةٌ مُخْتَلِفَةٌ غَيْرُ مُتَّسِقَةٍ أَوْ مُتَّسِقَةٌ وَنَسِيَتْ اتِّسَاقَهَا وَلَمْ يَتِمَّ أَكْثَرُ عَادَتِهَا لَيْلًا؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَجْزِمْ وَلَا بَنَتْ عَلَى أَصْلٍ وَلَا أَمَارَةٍ.
[فَصْلٌ فِي شَرْطِ صِحَّةِ الصَّوْمِ مِنْ حَيْثُ الْفِعْلُ]
ثُمَّ شَرَعَ فِي الرُّكْنِ الثَّانِي مُعَبِّرًا عَنْهُ بِالشَّرْطِ كَمَا تَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ، وَبِهَذَا يَسْقُطُ مَا قِيلَ: إنَّ الْمُصَنِّفَ جَعَلَ النِّيَّةَ شَرْطًا وَالْإِمْسَاكَ شَرْطًا فَلَا حَقِيقَةَ لِلصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ فِيهِ غَيْرُ النِّيَّةِ وَالْإِمْسَاكِ، فَإِذَا كَانَا شَرْطَيْنِ فَأَيْنَ الصَّوْمُ؟ فَقَالَ: (فَصْلٌ) شَرْطُ الصَّوْمِ أَيْ: شَرْطُ صِحَّتِهِ مِنْ حَيْثُ الْفِعْلُ (الْإِمْسَاكُ عَنْ الْجِمَاعِ) بِالْإِجْمَاعِ وَلَوْ بِغَيْرِ إنْزَالٍ، وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} [البقرة: ١٨٧] وَالرَّفَثُ الْجِمَاعُ. نَعَمْ فِي إتْيَانِ الْبَهِيمَةِ أَوْ الدُّبُرِ إذَا لَمْ يُنْزِلْ خِلَافٌ فَقِيلَ: لَا يُفْطِرُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ فِيهِ التَّعْزِيرَ فَقَطْ.
(وَالِاسْتِقَاءَةِ) لِخَبَرِ ابْنِ حِبَّانَ وَغَيْرِهِ «مَنْ ذَرَعَهُ الْقَيْءُ - أَيْ غَلَبَ عَلَيْهِ -، وَهُوَ صَائِمٌ فَلَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاءٌ، وَمَنْ اسْتَقَاءَ فَلْيَقْضِ» (١) هَذَا إذَا كَانَ عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ عَامِدًا مُخْتَارًا لِذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ جَاهِلًا لِقُرْبِ عَهْدِهِ بِالْإِسْلَامِ أَوْ نَشَأَ بَعِيدًا عَنْ الْعُلَمَاءِ أَوْ نَاسِيًا أَوْ مُكْرَهًا فَإِنَّهُ لَا يُفْطِرُ، وَمَالَ فِي الْبَحْرِ إلَى أَنَّ الْجَاهِلَ يُعْذَرُ مُطْلَقًا، وَالْمُعْتَمَدُ خِلَافُهُ كَمَا قَيَّدَهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ بِمَا ذُكِرَ (وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَوْ تَيَقَّنَ أَنَّهُ لَمْ يَرْجِعْ شَيْءٌ إلَى جَوْفِهِ) بِالِاسْتِقَاءَةِ كَأَنْ تَقَايَأَ مُنَكَّسًا (بَطَلَ) صَوْمُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُفْطِرَ عَيْنُهَا كَالْإِنْزَالِ لِظَاهِرِ الْخَبَرِ، وَوَجْهُ مُقَابِلِهِ الْبِنَاءُ عَلَى أَنَّ الْمُفْطِرَ رُجُوعُ شَيْءٍ مِمَّا خَرَجَ وَإِنْ قَلَّ (وَإِنْ غَلَبَهُ الْقَيْءُ فَلَا بَأْسَ) أَيْ لَمْ يَضُرَّ لِلْخَبَرِ الْمَارِّ (وَكَذَا لَوْ اقْتَلَعَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute