للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابٌ سُجُودُ السَّهْوِ سُنَّةٌ عِنْدَ تَرْكِ مَأْمُورٍ بِهِ، أَوْ فِعْلِ مَنْهِيٍّ عَنْهُ فَالْأَوَّلُ إنْ كَانَ رُكْنًا وَجَبَ تَدَارُكُهُ، وَقَدْ يُشْرَعُ السُّجُودُ كَزِيَادَةٍ حَصَلَتْ بِتَدَارُكِ رُكْنٍ كَمَا سَبَقَ فِي التَّرْتِيبِ،

ــ

[مغني المحتاج]

وَتُكْرَهُ الْخُصُومَةُ وَرَفْعُ الصَّوْتِ وَنَشْدُ الضَّالَّةِ فِيهِ، وَلَا بَأْسَ أَنْ يُعْطَى السَّائِلُ فِيهِ شَيْئًا، وَلَا بَأْسَ بِإِنْشَادِ الشِّعْرِ فِيهِ إذَا كَانَ مَدْحًا لِلنُّبُوَّةِ أَوْ لِلْإِسْلَامِ، أَوْ كَانَ حِكْمَةً أَوْ فِي مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ أَوْ الزُّهْدِ وَنَحْوِ ذَلِكَ.

[بَابٌ سُجُودِ السَّهْوِ]

بِالتَّنْوِينِ فِي مُقْتَضَى سُجُودِ السَّهْوِ وَحُكْمِهِ وَمَحَلِّهِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ، وَالسَّجَدَاتُ الَّتِي لَيْسَتْ مِنْ صُلْبِ الصَّلَاةِ ثَلَاثٌ: سُجُودُ السَّهْوِ وَالتِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ، وَقَدَّمَ الْأَوَّلَ فَقَالَ (سُجُودُ السَّهْوِ) فِي الصَّلَاةِ فَرْضًا أَوْ نَفْلًا (سُنَّةٌ) لِلْأَحَادِيثِ الْآتِيَةِ فِيهِ وَلِيَجْبُرَ خَلَلَهَا الْحَاصِلَ عَلَى سُجُودِ التِّلَاوَةِ لِكَوْنِهِ لَا يُفْعَلُ إلَّا فِي الصَّلَاةِ لَكِنَّهُ فِي التَّنْبِيهِ قَدَّمَ سُجُودَ التِّلَاوَةِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ فِي الصَّلَاةِ سَابِقٌ لِسُجُودِ السَّهْوِ، وَقَدَّمَ سُجُودَ التِّلَاوَةِ عَلَى سُجُودِ الشُّكْرِ لِكَوْنِهِ يُفْعَلُ فِيهَا وَخَارِجَهَا، وَسُجُودُ الشُّكْرِ لَا يُفْعَلُ إلَّا خَارِجَهَا، وَهُوَ لُغَةً: نِسْيَانُ الشَّيْءِ وَالْغَفْلَةُ عَنْهُ، وَالْمُرَادُ هُنَا الْغَفْلَةُ عَنْ شَيْءٍ فِي الصَّلَاةِ، وَإِنَّمَا يُسَنُّ (عِنْدَ تَرْكِ مَأْمُورٍ بِهِ) مِنْ الصَّلَاةِ (أَوْ فِعْلِ مَنْهِيٍّ عَنْهُ) فِيهَا وَلَوْ بِالشَّكِّ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ فِيهِمَا فِيمَا لَوْ شَكَّ هَلْ صَلَّى ثَلَاثًا أَمْ أَرْبَعًا وَغَيْرَ ذَلِكَ فَسَقَطَ بِذَلِكَ مَا قِيلَ إنَّهُ لَا يُسَنُّ السُّجُودُ لِكُلِّ تَرْكٍ مَأْمُورٍ بِهِ وَلَا لِكُلِّ فِعْلٍ مَنْهِيٍّ عَنْهُ، وَإِنَّهُ أَهْمَلَ سَبَبًا ثَالِثًا وَهُوَ إيقَاعُ بَعْضِ الْفَرْضِ مَعَ التَّرَدُّدِ فِي وُجُوبِهِ كَمَا إذَا شَكَّ هَلْ صَلَّى ثَلَاثًا أَمْ أَرْبَعًا، فَإِنَّهُ يَقُومُ إلَى الرَّابِعَةِ وَيَسْجُدُ كَمَا سَيَأْتِي. قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ: وَرَدَّهُ فِي الْخَادِمِ أَيْضًا بِأَنَّ سَبَبَ السُّجُودِ التَّرَدُّدُ فِي الرَّكْعَةِ الْمَفْعُولَةِ زَائِدَةً وَهُوَ رَاجِعٌ لِارْتِكَابِ الْمَنْهِيِّ وَلَمْ يَجِبْ لِأَنَّهُ لَمْ يَنُبْ عَنْ فَرْضٍ، بَلْ شُرِعَ لِتَرْكِ غَيْرِ وَاجِبٍ، وَالْبَدَلُ: إمَّا كَالْمُبْدَلِ أَوْ أَخَفَّ مِنْهُ وَبِهَذَا فَارَقَ جُبْرَانَ الْحَاجِّ لِكَوْنِهِ بَدَلًا عَنْ وَاجِبٍ.

(فَالْأَوَّلُ) مِنْ السَّبَبَيْنِ وَهُوَ تَرْكُ مَأْمُورٍ بِهِ (إنْ كَانَ رُكْنًا وَجَبَ تَدَارُكُهُ) بِفِعْلِهِ وَلَا يُغْنِي عَنْهُ السُّجُودُ؛ لِأَنَّ حَقِيقَةَ الصَّلَاةِ لَا تُوجَدُ بِدُونِهِ (وَقَدْ يُشْرَعُ) مَعَ تَدَارُكِهِ (السُّجُودُ كَزِيَادَةٍ) بِالْكَافِ (حَصَلَتْ بِتَدَارُكِ رُكْنٍ كَمَا سَبَقَ فِي) رُكْنِ (التَّرْتِيبِ) وَهُوَ الرُّكْنُ الثَّالِثَ عَشَرَ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ، وَذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ وَإِنْ سَهَا فَمَا بَعْدَ الْمَتْرُوكِ لَغْوٌ إلَى آخِرِ الْمَسْأَلَةِ فَفِي تِلْكَ الصُّوَرِ كُلِّهَا إذَا تَدَارَكَ سَجَدَ لِلسَّهْوِ كَمَا مَرَّ، وَمُرَادُهُ بِمَا سَبَقَ بَيَانُ الزِّيَادَةِ لَا السُّجُودِ فَإِنَّهُ لَمْ يَذْكُرْهُ هُنَاكَ، وَقَدْ لَا يُشْرَعُ السُّجُودُ بِأَنْ لَا تَحْصُلَ زِيَادَةٌ كَمَا إذَا تَرَكَ النِّيَّةَ أَوْ التَّحْرِيمَ أَوْ اُحْتُمِلَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَسْتَأْنِفُ الصَّلَاةَ وَلَا سُجُودَ، وَمَا لَوْ كَانَ الْمَتْرُوكُ السَّلَامَ فَتَذَكَّرَهُ عَنْ قُرْبٍ وَلَمْ يَنْتَقِلْ مِنْ مَوْضِعِهِ فَيُسَلِّمْ مِنْ غَيْرِ سُجُودٍ، فَإِنْ طَالَ الْفَصْلُ فَهُوَ مَسْأَلَةُ السُّكُوتِ الطَّوِيلِ، وَقَدْ مَرَّ فِي بَابٍ غَيْرِ هَذَا أَنَّهُ لَا يُبْطِلُ عَلَى الرَّاجِحِ، وَقَدْ يُقَالُ يَسْجُدُ لَهُ أَخْذًا مِمَّا سَيَأْتِي فِي تَطْوِيلِ الرُّكْنِ الْقَصِيرِ بِالسُّكُوتِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>