للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَوْ بَاعَ حَامِلًا مُطْلَقًا دَخَلَ الْحَمْلُ فِي الْبَيْعِ.

فَصْلٌ وَمِنْ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ مَا لَا يُبْطِلُ لِرُجُوعِهِ: إلَى مَعْنًى يَقْتَرِنُ بِهِ كَبَيْعِ حَاضِرٍ لِبَادٍ بِأَنْ يَقْدُمَ غَرِيبٌ بِمَتَاعٍ تَعُمُّ الْحَاجَةُ إلَيْهِ

ــ

[مغني المحتاج]

بَيْعُ الْحَامِلِ بِرَقِيقٍ لِغَيْرِ مَالِكِ الْأُمِّ، فَلَوْ وَكَّلَ مَالِكُ الْحَمْلِ مَالِكَ الْأُمِّ فَبَاعَهُمَا دُفْعَةً لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْ الْعَقْدَ بِنَفْسِهِ فَلَا يَصِحُّ مِنْهُ التَّوْكِيلُ فِيهِ. فَإِنْ قِيلَ: يَشْكُلُ عَلَى عَدَمِ صِحَّةِ بَيْعِ الْحَامِلِ بِحُرٍّ أَوْ بِرَقِيقٍ لِغَيْرِ مَالِكِ الْأُمِّ صِحَّةُ بَيْعِ الدَّارِ الْمُسْتَأْجَرَةِ مَعَ أَنَّ الْمَنْفَعَةَ لَا تَدْخُلُ فَكَأَنَّهُ اسْتَثْنَاهَا.

أُجِيبَ بِأَنَّ الْحَمْلَ أَشْدُ اتِّصَالًا مِنْ الْمَنْفَعَةِ بِدَلِيلِ جَوَازِ إفْرَادِهَا بِالْعَقْدِ بِخِلَافِهِ، وَبِأَنَّ اسْتِثْنَاءَ الْمَنْفَعَةِ قَدْ وَرَدَ فِي قِصَّةِ جَابِرٍ لِمَا بَاعَ جَمَلَهُ مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاسْتَثْنَى ظَهْرَهُ إلَى الْمَدِينَةِ فَبَقِيَ مَا سِوَاهُ عَلَى الْأَصْلِ.

(وَلَوْ بَاعَ حَامِلًا) حَمْلُهَا لَهُ (مُطْلَقًا) مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِدُخُولٍ أَوْ عَدَمِهِ (دَخَلَ الْحَمْلُ فِي الْبَيْعِ) تَبَعًا لَهَا بِالْإِجْمَاعِ. أَمَّا إذَا كَانَ حَمْلُهَا لِغَيْرِهِ فَإِنَّ الْبَيْعَ لَا يَصِحُّ كَمَا مَرَّ، وَلَوْ وَضَعَتْ وَلَدًا ثُمَّ بَاعَهَا مَالِكُهَا فَوَضَعَتْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَلَدًا آخَرَ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَوَّلِ دُونَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، فَفِي أَوَاخِرِ النِّهَايَةِ عَنْ النَّصِّ أَنَّهُ لِلْبَائِعِ لِأَنَّهُ حَمْلٌ وَاحِدٌ. قَالَ الْإِمَامُ: وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ لِلْمُشْتَرِي لِانْفِصَالِهِ فِي مِلْكِهِ، وَبِهَذَا جَزَمَ الشَّيْخَانِ فِي بَابِ الْكِتَابَةِ مُسْتَدِلَّيْنِ بِهِ عَلَى نَظَائِرِهَا مِنْ الْكِتَابَةِ وَقَالَ الْمُتَوَلِّي: فِي بَابِ بَيْعِ الْأُصُولِ وَالثِّمَارِ: إنَّهُ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ فَمَنْ اسْتَثْنَى هَذِهِ الصُّورَةَ مِنْ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ فَقَدْ وَهِمَ.

[فَصْلٌ فِيمَا نُهِيَ عَنْهُ مِنْ الْبُيُوعِ نَهْيًا لَا يَقْتَضِي بُطْلَانَهَا]

، وَفِيهِ أَيْضًا مَا يَقْتَضِي الْبُطْلَانَ وَغَيْرَ ذَلِكَ، وَقَدْ شَرَعَ فِي بَيَانِ ذَلِكَ فَقَالَ (وَمِنْ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ مَا لَا يُبْطِلُ) بِضَمِّ الْيَاءِ بِضَبْطِ الْمُصَنِّفِ: أَيْ مَعَ كَسْرِ الطَّاءِ: أَيْ النَّهْيُ فِيهِ الْبَيْعَ وَيَجُوزُ فَتْحُ الطَّاءِ مَعَ ضَمِّ الْيَاءِ أَيْضًا وَعَكْسُهُ وَالضَّمِيرُ لِلْمَنْهِيِّ عَنْهُ وَالضَّمِيرُ فِي (لِرُجُوعِهِ) يَعُودُ إلَى النَّهْيِ لِدَلَالَةِ الْمَنْهِيِّ عَلَيْهِ (إلَى مَعْنًى يَقْتَرِنُ بِهِ) لَا إلَى ذَاتِهِ؛ لِأَنَّ النَّهْيَ لَيْسَ لِلْبَيْعِ بِخُصُوصِهِ، بَلْ لِأَمْرٍ آخَرَ، هَذَا هُوَ الْقِسْمُ الثَّانِي، فَجَمِيعُ مَا فِيهِ مِنْ الصُّوَرِ يَصِحُّ فِيهَا الْبَيْعُ وَيَحْرُمُ إلَّا فِي الصُّورَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ آخِرَ الْفَصْلِ وَلَوْ قَدَّمَهُمَا عَلَيْهِ كَانَ أَوْلَى. ثُمَّ شَرَعَ فِي الصُّوَرِ الَّتِي لَا يَبْطُلُ الْبَيْعُ فِيهَا وَهِيَ سَبْعَةٌ مُبْتَدِئًا بِوَاحِدَةٍ مِنْهَا فَقَالَ (كَبَيْعِ حَاضِرٍ لِبَادٍ بِأَنْ يَقْدُمَ) شَخْصٌ (غَرِيبٌ) أَوْ غَيْرُهُ (بِمَتَاعٍ تَعُمُّ الْحَاجَةُ) أَيْ حَاجَةُ أَهْلِ الْبَلَدِ (إلَيْهِ) كَالطَّعَامِ، وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ بِبَيْعِهِ سَعَةٌ فِي الْبَلَدِ لِقِلَّتِهِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>