وَلَوْ أَسَرُوا مُسْلِمًا فَالْأَصَحُّ وُجُوبُ النُّهُوض إلَيْهِمْ لِخَلَاصِهِ إنْ تَوَقَّعْنَاهُ.
[فَصْلٌ] يُكْرَهُ غَزْوٌ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ.
وَيُسَنُّ إذْ بَعَثَ سَرِيَّةً أَنْ يُؤَمِّرَ عَلَيْهِمْ وَيَأْخُذَ الْبَيْعَةَ بِالثَّبَاتِ.
ــ
[مغني المحتاج]
فَالْأَقْرَبَ، وَالْأَصَحُّ إنْ كَفَى أَهْلُهَا لَمْ يَلْزَمْهُمْ.
(وَلَوْ أَسَرُوا) أَيْ الْكُفَّارُ (مُسْلِمًا فَالْأَصَحُّ وُجُوبُ النُّهُوضِ إلَيْهِمْ) وَإِنْ لَمْ يَدْخُلُوا دَارَنَا (لِخَلَاصِهِ إنْ تَوَقَّعْنَاهُ) بِأَنْ يَكُونُوا قَرِيبِينَ كَمَا نَنْهَضُ إلَيْهِمْ عِنْدَ دُخُولِهِمْ دَارَنَا بَلْ أَوْلَى؛ لِأَنَّ حُرْمَةَ الْمُسْلِمِ أَعْظَمُ مِنْ حُرْمَةِ الدَّارِ. وَالثَّانِي الْمَنْعُ؛ لِأَنَّ إزْعَاجِ الْجُنُودِ لِخَلَاصِ أَسِيرٍ بَعِيدٌ. أَمَّا إذَا لَمْ يُمْكِنْ تَخْلِيصُهُ بِأَنْ لَمْ يَرْجُوهُ فَلَا يَتَعَيَّنُ جِهَادُهُمْ، بَلْ يَنْتَظِرُ لِلضَّرُورَةِ، وَذَكَرَ فِي التَّنْبِيهِ وَغَيْرِهِ فَكَّ مَنْ أُسِرَ مِنْ الذِّمِّيِّينَ.
تَتِمَّةٌ: لَا تَتَسَارَعُ الطَّوَائِفُ وَالْآحَادُ مِنَّا إلَى دَفْعِ مَلِكٍ مِنْهُمْ عَظِيمِ شَوْكَتُهُ دَخَلَ أَطْرَافَ بِلَادِنَا لِمَا فِيهِ مِنْ عِظَمِ الْخَطَرِ.
[فَصْل فِيمَا يُكْرَهُ مِنْ الْغَزْوِ وَمَنْ يَحْرُمُ]
[فَصْلٌ] فِيمَا يُكْرَهُ مِنْ الْغَزْوِ، وَمَنْ يَحْرُمُ أَوْ يُكْرَهُ قَتْلُهُ مِنْ الْكُفَّارِ، وَمَا يَجُوزُ قِتَالُهُمْ بِهِ (يُكْرَهُ غَزْوٌ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ) تَأَدُّبًا مَعَهُ، وَلِأَنَّهُ أَعْرَفُ مِنْ غَيْرِهِ بِمَصَالِحِ الْجِهَادِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَحْرُمْ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ أَكْثَرُ مِنْ التَّغْرِيرِ بِالنُّفُوسِ وَهُوَ جَائِزٌ فِي الْجِهَادِ. وَيَنْبَغِي كَمَا قَالَ: الْأَذْرَعِيُّ تَخْصِيصُ ذَلِكَ بِالْمُتَطَوِّعَةِ أَمَّا الْمُرْتَزِقَةُ فَلَا يَجُوزُ لَهُمْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُمْ مُرْصَدُونَ لِمُهِمَّاتٍ تَعْرِضُ لِلْإِسْلَامِ يَصْرِفهُمْ فِيهَا الْإِمَامُ، فَهُمْ بِمَنْزِلَةِ الْأُجَرَاءِ.
تَنْبِيهٌ: اسْتَثْنَى الْبُلْقِينِيُّ مِنْ الْكَرَاهَةِ صُوَرًا. إحْدَاهَا: أَنْ يَفُوتَهُ الْمَقْصُودُ بِذَهَابِهِ لِلِاسْتِئْذَانِ. ثَانِيهَا: إذَا عَطَّلَ الْإِمَامُ الْغَزْوَ وَأَقْبَلَ هُوَ وَجُنُودُهُ عَلَى أُمُورِ الدُّنْيَا كَمَا يُشَاهَدُ. ثَالِثُهَا: إذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ لَوْ اسْتَأْذَنَهُ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ.
(وَيُسَنُّ) لِلْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ (إذْ بَعَثَ سَرِيَّةً) لِبِلَادِ الْكُفَّارِ، وَهِيَ طَائِفَةٌ مِنْ الْجَيْشِ يَبْلُغُ أَقْصَاهَا أَرْبَعُمِائَةٍ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا تَسْرِي فِي اللَّيْلِ، وَقِيلَ: لِأَنَّهَا خُلَاصَةِ الْعَسْكَرِ وَخِيَارُهُ رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «خَيْرُ الْأَصْحَابِ أَرْبَعَةٌ، وَخَيْرُ السَّرَايَا أَرْبَعُمِائَةٍ، وَخَيْرُ الْجَيْشِ أَرْبَعَةُ آلَافٍ، وَلَنْ تُغْلَبَ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا مِنْ قِلَّةٍ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَأَبُو دَاوُد، وَزَادَ أَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ " إذَا صَبَرُوا وَصَدَقُوا " (أَنْ يُؤَمِّرَ عَلَيْهِمْ) أَمِيرًا مُطَاعًا يَرْجِعُونَ إلَيْهِ فِي أُمُورِهِمْ (وَيَأْخُذَ) عَلَيْهِمْ (الْبَيْعَةَ) وَهِيَ بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ: الْحَلِفُ بِاَللَّهِ تَعَالَى (بِالثَّبَاتِ) عَلَى الْجِهَادِ وَعَدَمِ الْفِرَارِ اقْتِدَاءً بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا هُوَ مَشْهُورٌ فِي الصَّحِيحِ، وَأَنْ يَبْعَثَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute