وَقِيلَ: إنْ حَصَلَتْ مُقَاوَمَةٌ بِأَحْرَارٍ اُشْتُرِطَ إذْنُ سَيِّدِهِ، وَإِلَّا فَمَنْ قُصِدَ دَفَعَ عَنْ نَفْسِهِ بِالْمُمْكِنِ إنْ عَلِمَ أَنَّهُ إنْ أَخَذَ قُتِلَ، وَإِنْ جَوَّزَ الْأَسْرَ فَلَهُ أَنْ يَسْتَسْلِمَ
وَمَنْ هُوَ دُونَ مَسَافَةِ قَصْرٍ مِنْ الْبَلْدَةِ كَأَهْلِهَا، وَمَنْ عَلَى الْمَسَافَةِ يَلْزَمُهُمْ الْمُوَافَقَةُ بِقَدْرِ الْكِفَايَةِ إنْ لَمْ يَكْفِ أَهْلُهَا وَمَنْ يَلِيهِمْ. قِيلَ: وَإِنْ كَفَوْا.
ــ
[مغني المحتاج]
الْإِسْلَامِ خَطْبٌ عَظِيمٌ لَا سَبِيلَ إلَى إهْمَالِهِ، فَلَا بُدَّ مِنْ الْجَدِّ فِي دَفْعِهِ بِمَا يُمْكِنُ، وَفِي مَعْنَى دُخُولِهِمْ الْبَلْدَة مَا لَوْ أَطَلُّوا عَلَيْهَا، وَالنِّسَاءُ كَالْعَبِيدِ إنْ كَانَ فِيهِنَّ دِفَاعٌ، وَإِلَّا فَلَا يَحْضُرْنَ. قَالَ: الرَّافِعِيُّ: وَيَجُوزُ أَنْ لَا تَحْتَاجَ الْمَرْأَةُ إلَى إذْنِ الزَّوْجِ (وَقِيلَ: إنْ حَصَلَتْ مُقَاوَمَةٌ بِأَحْرَارٍ اُشْتُرِطَ) فِي عَبْدٍ (إذْنُ سَيِّدِهِ) ؛ لِأَنَّ فِي الْأَحْرَارِ غُنْيَةً عَنْهُمْ وَاعْتَمَدَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَقَالَ: هُوَ مُقْتَضَى نَصِّ الشَّافِعِيِّ، وَالْأَصَحُّ فِي الشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ الْأَوَّلُ لِتَقْوَى الْقُلُوبِ وَتَعْظُمَ الشَّوْكَةُ وَتَشْتَدَّ النِّكَايَةُ فِي الْكُفَّارِ انْتِقَامًا مِنْ هُجُومِهِمْ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يُمْكِنْ أَهْلَ الْبَلْدَةَ التَّأَهُّبُ لِقِتَالٍ بِأَنْ هَجَمَ الْكُفَّارُ عَلَيْهِمْ بَغْتَةً (فَمَنْ قُصِدَ) مِنْ الْمُكَلَّفِينَ وَلَوْ عَبْدًا، أَوْ امْرَأَةً، أَوْ مَرِيضًا أَوْ نَحْوَهُ (دَفَعَ عَنْ نَفْسِهِ) الْكُفَّارَ (بِالْمُمْكِنِ) لَهُ (إنْ عَلِمَ أَنَّهُ إنْ أُخِذَ قُتِلَ) بِضَمِّ أَوَّلِهِمَا (وَإِنْ جَوَّزَ) الْمُكَلَّفُ الْمَذْكُورُ (الْأَسْرَ) وَالْقَتْلَ (فَلَهُ) أَنْ يَدْفَعَ عَنْ نَفْسِهِ وَ (أَنْ يَسْتَسْلِمَ) لِقَتْلِ الْكُفَّارِ إنْ كَانَ رَجُلًا؛ لِأَنَّ الْمُكَافَحَةَ حِينَئِذٍ اسْتِعْجَالٌ لِلْقَتْلِ، وَالْأَسْرَ يَحْتَمِلُ الْخَلَاصُ، هَذَا إنْ عَلِمَ أَنَّهُ إنْ امْتَنَعَ مِنْ الِاسْتِسْلَامِ قُتِلَ، وَإِلَّا امْتَنَعَ عَلَيْهِ الِاسْتِسْلَامِ. أَمَّا الْمَرْأَةُ فَإِنْ عَلِمَتْ امْتِدَادُ الْأَيْدِي إلَيْهَا بِالْفَاحِشَةِ فَعَلَيْهَا الدَّفْعُ وَإِنْ قُتِلَتْ؛ لِأَنَّ الْفَاحِشَةَ لَا تُبَاحُ عِنْدَ خَوْفِ الْقَتْلِ وَإِنْ لَمْ تَمْتَدَّ الْأَيْدِي إلَيْهَا بِالْفَاحِشَةِ الْآنَ، وَلَكِنْ تَوَقَّعَتْهَا بَعْدَ السَّبْيِ اُحْتُمِلَ جَوَازُ اسْتِسْلَامِهَا ثُمَّ تَدْفَعُ إذَا أُرِيدَ مِنْهَا، ذَكَرَ ذَلِكَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا، ثُمَّ مَا مَرَّ حُكْمُ أَهْلِ بَلْدَةٍ دَخَلَهَا الْكُفَّارُ، وَأَشَارَ لِغَيْرِهِمْ بِقَوْلِهِ.
(وَمَنْ هُوَ دُونَ مَسَافَةِ قَصْرٍ مِنْ الْبَلْدَةِ) الَّتِي دَخَلَهَا الْكُفَّارُ حُكْمُهُ (كَأَهْلِهَا) فَيَجِبُ عَلَيْهِمْ الْمُضِيُّ إلَيْهِمْ إنْ وَجَدُوا زَادًا، وَلَا يُعْتَبَرُ الْمَرْكُوبُ لِقَادِرٍ عَلَى الْمَشْيِ عَلَى الْأَصَحِّ، هَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ فِي أَهْلِ الْبَلَدِ الَّتِي دَخَلُوهَا كِفَايَةٌ، وَكَذَا إنْ كَانَ فِي الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّهُمْ كَالْحَاضِرِينَ مَعَهُمْ، وَلَيْسَ لِأَهْلِ الْبَلْدَةِ ثُمَّ الْأَقْرَبِينَ فَالْأَقْرَبِينَ إذَا قَدَرُوا عَلَى الْقِتَالِ أَنْ يَلْبَثُوا إلَى لُحُوقِ الْآخَرِينَ (وَمَنْ) أَيْ: وَاَلَّذِينَ هُمْ (عَلَى الْمَسَافَةِ) لِلْقَصْرِ فَأَكْثَرَ (يَلْزَمُهُمْ) فِي الْأَصَحِّ إنْ وَجَدُوا زَادًا وَمَرْكُوبًا (الْمُوَافَقَةُ بِقَدْرِ الْكِفَايَةِ إنْ لَمْ يَكْفِ أَهْلُهَا وَمَنْ يَلِيهِمْ) دَفْعًا عَنْهُمْ وَإِنْقَاذًا لَهُمْ.
تَنْبِيهٌ: أَشَارَ بِقَوْلِهِ بِقَدْرِ الْكِفَايَةِ إلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الْجَمِيعِ الْخُرُوجَ، بَلْ إذَا صَارَ إلَيْهِمْ قَوْمٌ فِيهِمْ كِفَايَةٌ سَقَطَ الْحَرَجُ عَنْ الْبَاقِينَ (قِيلَ: وَإِنْ كَفَوْا) أَيْ أَهْلُ الْبَلَدِ وَمَنْ يَلِيهِمْ يَلْزَمُ مَنْ كَانَ عَلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ مُوَافَقَتُهُمْ مُسَاعَدَةً لَهُمْ، وَدُفِعَ بِأَنَّ هَذَا يُؤَدِّي إلَى الْإِيجَابِ عَلَى جَمِيعِ الْأُمَّةِ وَفِي ذَلِكَ حَرَجٌ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ.
تَنْبِيهٌ: قَائِلُ هَذَا الْوَجْهِ إنَّمَا يُوجِبُ عَلَى الْأَقْرَبِينَ فَالْأَقْرَبِينَ بِلَا ضَبْطٍ حَتَّى يَصِلَ الْخَبَرُ بِأَنَّهُمْ قَدْ كَفَوْا، فَكَانَ يَنْبَغِي لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ: وَمَنْ عَلَى مَسَافَةٍ. قِيلَ يَلْزَمُهُمْ الْأَقْرَبَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute