فصل قَالَ آجَرْتُك هَذَا الْبَيْتَ بِعَشْرَةٍ، فَقَالَ بَلْ جَمِيعَ الدَّارِ بِالْعَشَرَةِ وَأَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ تَعَارَضَتَا، وَفِي قَوْلٍ تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْمُسْتَأْجِرِ.
وَلَوْ ادَّعَيَا شَيْئًا فِي يَدِ ثَالِثٍ وَأَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا بَيِّنَةً أَنَّهُ اشْتَرَاهُ وَوَزَنَ لَهُ ثَمَنَهُ فَإِنْ اخْتَلَفَ تَارِيخٌ حُكِمَ لِلْأَسْبَقِ، وَإِلَّا تَعَارَضَتَا.
ــ
[مغني المحتاج]
[فَصْلٌ فِي اخْتِلَافِ الْمُتَدَاعِيَيْنِ]
ِ فِي الْعُقُودِ وَغَيْرِهَا، وَأَشَارَ لِلْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ: إذَا (قَالَ) وَاحِدٌ (آجَرْتُك هَذَا الْبَيْتَ) مِنْ هَذِهِ الدَّارِ شَهْرَ كَذَا (بِعَشْرَةٍ فَقَالَ) الْآخَرُ (بَلْ) آجَرْتنِي (جَمِيعَ الدَّارِ) الْمُشْتَمِلَةِ عَلَيْهِ (بِالْعَشَرَةِ وَأَقَامَا) بِمَا قَالَاهُ (بَيِّنَتَيْنِ) وَأُطْلِقَتَا أَوْ اتَّفَقَ تَارِيخُهُمَا، وَكَذَا إنْ اخْتَلَفَ وَاتَّفَقَا عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَجْرِ إلَّا عَقْدٌ وَاحِدٌ (تَعَارَضَتَا) لِتَكَاذُبِهِمَا فَيَسْقُطَانِ عَلَى الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ وَاحِدٌ، وَعَلَى الْقَوْلِ بِالِاسْتِعْمَالِ يُقْرَعُ عَلَى الْأَصَحِّ، وَلَا تَأْتِي الْقِسْمَةُ؛ لِأَنَّ التَّنَازُعَ هُنَا فِي الْعَقْدِ وَهُوَ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُقَسَّمَ بِخِلَافِ الْمِلْكِ، وَلَا الْوَقْفِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ تَفُوتُ فِي مُدَّةِ التَّوَقُّفِ (وَفِي قَوْلٍ) مِنْ تَخْرِيجِ ابْنِ سُرَيْجٍ وَلَيْسَ بِمَنْصُوصٍ، وَمَحِلُّهُ فِي غَيْرِ مُخْتَلِفَتَيْ التَّارِيخِ (تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْمُسْتَأْجِرِ) لِاشْتِمَالِ بَيِّنَتِهِ عَلَى زِيَادَةٍ وَهِيَ اكْتِرَاءُ غَيْرِ الْبَيْتِ، وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الزِّيَادَةَ الْمُرَجَّحَةَ هِيَ الْمُشْعِرَةُ بِمَزِيدِ عِلْمٍ وَوُضُوحِ حَالِ أَحَدِ جَانِبَيْ مَا فِيهِ التَّنَافِي كَإِسْنَادٍ إلَى سَبَبٍ وَانْتِقَالٍ عَنْ اسْتِصْحَابٍ، وَأَصْلُ الزِّيَادَةِ هُنَا لَيْسَتْ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا هِيَ زِيَادَةٌ فِي الْمَشْهُودِ بِهِ. أَمَّا إذَا اخْتَلَفَ تَارِيخُهُمَا وَلَمْ يَتَّفِقَا عَلَى عَقْدٍ وَاحِدٍ كَأَنْ شَهِدَتْ إحْدَاهُمَا أَنَّهُ أَجَّرَ كَذَا سَنَةً مِنْ أَوَّلِ رَمَضَانَ، وَالْأُخْرَى مِنْ أَوَّلِ شَوَّالٍ، قُدِّمَ الْأَسْبَقُ فِي الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّ السَّابِقَ مِنْ الْعَقْدَيْنِ صَحِيحٌ لَا مَحَالَةَ، فَإِنَّهُ إنْ سَبَقَ الْعَقْدُ عَلَى الدَّارِ صَحَّ وَلَغَا الْعَقْدُ الْوَارِدُ عَلَى الْبَيْتِ بَعْدُ، وَإِنْ سَبَقَ الْعَقْدُ عَلَى الْبَيْتِ صَحَّ، وَالْعَقْدُ الْوَارِدُ عَلَى الدَّارِ بَعْدَهُ يَبْطُلُ فِي الْبَيْتِ، وَفِي بَاقِي الدَّارِ خِلَافُ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ.
(وَلَوْ) (ادَّعَيَا) أَيْ كُلٌّ مِنْ اثْنَيْنِ (شَيْئًا فِي يَدِ ثَالِثٍ) أَنْكَرَهُمَا (وَأَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا بَيِّنَةً أَنَّهُ اشْتَرَاهُ) مِنْ ذَلِكَ الثَّالِثِ (وَوَزَنَ) بِفَتْحِ الزَّايِ (لَهُ ثَمَنَهُ) وَطَالَبَ بِتَسْلِيمِ مَا اشْتَرَاهُ ذَا الْيَدِ (فَإِنْ اخْتَلَفَ تَارِيخٌ) كَأَنْ شَهِدَتْ إحْدَى الْبَيِّنَتَيْنِ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ فِي رَجَبٍ، وَالْأُخْرَى أَنَّهُ اشْتَرَاهُ فِي شَعْبَانَ (حُكِمَ لِلْأَسْبَقِ) تَارِيخًا لِعَدَمِ الْمُعَارِضِ حَالَ السَّبْقِ وَيُطَالِبُهُ الْآخَرُ بِالثَّمَنِ.
تَنْبِيهٌ وَزَنَ يَتَعَدَّى بِاللَّامِ كَمَا اسْتَعْمَلَهُ الْمُصَنِّفُ وَبِنَفْسِهِ وَهُوَ الْأَفْصَحُ (وَإِلَّا) بِأَنْ اتَّحَدَ تَارِيخُهُمَا أَوْ أُطْلِقَتَا أَوْ إحْدَاهُمَا (تَعَارَضَتَا) فَعَلَى الْأَصَحِّ يَتَسَاقَطَانِ وَيَحْلِفُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا أَنَّهُ مَا بَاعَهُ وَلَا تَعَارُضَ فِي الثَّمَنَيْنِ فَيَلْزَمَانِهِ، هَذَا إذَا لَمْ تَتَعَرَّضْ الْبَيِّنَةُ لِقَبْضِ الْمَبِيعِ، فَإِنْ فُرِضَ التَّعَرُّضُ لَهُ فَلَا رُجُوعَ بِالثَّمَنِ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ قَدْ اسْتَقَرَّ بِالْقَبْضِ وَلَيْسَ عَلَى الْبَائِعِ عُهْدَةُ مَا يَحْدُثُ بَعْدَهُ، وَمَنْ شَهِدَ لِلْبَائِعِ بِالْمِلْكِ وَقْتَ الْبَيْعِ أَوْ لِلْمُشْتَرِي الْآنَ أَوْ بِنَقْدِ الثَّمَنِ دُونَ الْأُخْرَى قُدِّمَتْ شَهَادَتُهَا وَإِنْ كَانَتْ الْأُخْرَى سَابِقَةً؛ لِأَنَّ مَعَهَا زِيَادَةَ عِلْمٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute