للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شَيْئًا فَأَخَذَ مِنْهُ بِحُجَّةٍ مُطْلَقَةٍ رَجَعَ عَلَى بَائِعِهِ بِالثَّمَنِ، وَقِيلَ لَا إلَّا إذَا اُدُّعِيَ فِي مِلْكٍ سَابِقٍ عَلَى الشِّرَاءِ.

وَلَوْ ادَّعَى مِلْكًا مُطْلَقًا فَشَهِدُوا لَهُ مَعَ سَبَبِهِ لَمْ يَضُرَّ، وَإِنْ ذَكَرَ سَبَبًا، وَهُمْ سَبَبًا آخَرَ ضَرَّ.

ــ

[مغني المحتاج]

(شَيْئًا فَأَخَذَ مِنْهُ بِحُجَّةٍ مُطْلَقَةٍ) أَيْ غَيْرِ مُؤَرَّخَةٍ وَلَا بَيِّنَةٍ لِسَبَبِ الْمِلْكِ (رَجَعَ) الشَّخْصُ (عَلَى بَائِعِهِ بِالثَّمَنِ) وَإِنْ اُحْتُمِلَ انْتِقَالُهُ مِنْهُ أَيْ الْمُدَّعِي لِمَسِيسِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ فِي عُهْدَةِ الْعُقُودِ، وَلِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ انْتِقَالِهِ مِنْهُ إلَيْهِ فَيَسْتَنِدُ الْمِلْكُ الْمَشْهُودُ بِهِ إلَى مَا قَبْلَ الشِّرَاءِ، وَإِنَّمَا حُكِمَ بِبَقَاءِ الزَّوَائِدِ الْمُنْفَصِلَةِ لِلْمُدَّعِي كَمَا تَقَرَّرَ لِاحْتِمَالِ انْتِقَالِهَا إلَيْهِ مَعَ كَوْنِهَا لَيْسَتْ بِجُزْءٍ مِنْ الْأَصْلِ (وَقِيلَ: لَا) يَرْجِعُ (إلَّا إذَا اُدُّعِيَ) بِضَمِّ الدَّالِ بِخَطِّهِ (فِي مِلْكٍ سَابِقٍ عَلَى الشِّرَاءِ) لِاحْتِمَالِ انْتِقَالِ الْمِلْكِ مِنْ الْمُشْتَرِي إلَى الْمُدَّعِي، وَرَجَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَقَالَ: إنَّهُ الصَّوَابُ وَالْمَذْهَبُ الَّذِي لَا يَجُوزُ غَيْرُهُ. قَالَ: وَحَكَى الْقَاضِي الْحُسَيْنُ الْأَوَّلَ عَنْ الْأَصْحَابِ، وَهُوَ لَا يُعْرَفُ مِنْ كُتُبِ الْأَصْحَابِ فِي الطَّرِيقَيْنِ، وَهِيَ طَرِيقَةٌ غَيْرُ مُسْتَقِيمَةٍ جَامِعَةٌ لِأَمْرٍ مُحَالٍ، وَهُوَ أَنَّهُ يَأْخُذُ النِّتَاجَ وَالثَّمَرَةَ وَالزَّوَائِدَ الْمُنْفَصِلَةَ كُلَّهَا، وَهُوَ قَضِيَّةُ صِحَّةِ الْبَيْعِ، وَيَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ، وَهُوَ قَضِيَّةُ فَسَادِ الْبَيْعِ، وَهَذَا مُحَالٌ،

وَأُجِيبَ عَنْهُ بِمَا تَقَرَّرَ.

تَنْبِيهٌ احْتَرَزَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ: " مُطْلَقَةٍ " عَمَّا لَوْ اسْتَنَدَ الِاسْتِحْقَاقُ إلَى حَالَةِ الْعَقْدِ فَيَرْجِعُ قَطْعًا، وَمَحِلُّ الرُّجُوعِ مَا لَمْ يُصَدِّقْهُ عَلَى أَنَّهُ مِلْكُهُ، فَإِنْ صَدَّقَهُ أَوْ شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ بِإِقْرَارِ الْمُشْتَرِي حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا لَمْ يَرْجِعْ بِالثَّمَنِ عَلَيْهِ لِاعْتِرَافِهِ بِمَا يَقْتَضِي أَنَّهُ مَظْلُومٌ. نَعَمْ لَوْ صَدَّقَهُ. أَوْ قَالَ: هُوَ مِلْكِي عَلَى وَجْهِ الْخُصُومَةِ وَاعْتُمِدَ ظَاهِرُ الْيَدِ ثُمَّ بَانَ خِلَافُهُ رَجَعَ، وَكَذَا لَوْ قَالَ ابْتِدَاءً بِعْنِي هَذِهِ الدَّارَ فَإِنَّهَا مِلْكُكَ. ثُمَّ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِالِاسْتِحْقَاقِ أَوْ اشْتَرَى عَبْدًا فِي الظَّاهِرِ. فَقَالَ: أَنَا حُرُّ الْأَصْلِ وَحَلَفَ فَحُكِمَ بِحُرِّيَّتِهِ وَكَانَ الْمُشْتَرِي قَدْ صَرَّحَ فِي مُنَازَعَتِهِ بِأَنَّهُ رَقِيقٌ فَيَرْجِعُ بِالثَّمَنِ، وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ عَلَى بَائِعِهِ عَمَّا لَوْ بَاعَهُ الْمُشْتَرِي لِغَيْرِهِ وَانْتُزِعَ مِنْ الْمُشْتَرِي الثَّانِي فَإِنَّهُ لَيْسَ لَهُ مُطَالَبَةُ الْبَائِعِ الْأَوَّلِ وَإِنْ لَمْ يَظْفَرْ بِبَائِعِهِ، بَلْ يَرْجِعُ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى بَائِعِهِ.

(وَلَوْ) (ادَّعَى) شَخْصٌ (مِلْكًا مُطْلَقًا فَشَهِدُوا لَهُ) بِهِ (مَعَ) بَيَانِ (سَبَبِهِ) (لَمْ يَضُرَّ) مَا زَادُوهُ أَيْ لَمْ تَبْطُلْ شَهَادَتُهُمْ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ سَبَبَ الْمِلْكِ تَابِعٌ لِلْمِلْكِ، وَلَيْسَ مَقْصُودًا فِي نَفْسِهِ، وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ الْمِلْكُ، وَقَدْ وَافَقَتْ فِيهِ الْبَيِّنَةُ الدَّعْوَى.

تَنْبِيهٌ لَا تُقَدَّمُ هَذِهِ الْبَيِّنَةُ بِذِكْرِ السَّبَبِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ ذِكْرَ السَّبَبِ مُرَجَّحٌ؛ لِأَنَّهُمْ ذَكَرُوا السَّبَبَ قَبْلَ الدَّعْوَى بِهِ وَالِاسْتِشْهَادِ عَلَيْهِ، فَإِنْ أَفَادَ الْمُدَّعِي دَعْوَى الْمِلْكِ وَسَبَبِهِ فَشَهِدُوا لَهُ بِذَلِكَ قُدِّمَتْ بَيِّنَتُهُ حِينَئِذٍ (وَإِنْ ذَكَرَ) الْمُدَّعِي (سَبَبًا) لِلْمِلْكِ (وَهُمْ) أَيْ الشُّهُودُ ذَكَرُوا (سَبَبًا آخَرَ) لِلْمِلْكِ (ضَرَّ) ذَلِكَ فَتُرَدُّ شَهَادَتُهُمْ لِلتَّنَاقُضِ بَيْنَ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ. وَقِيلَ: لَا يَضُرُّ بَلْ يُقْبَلُ عَلَى أَصْلِ الْمِلْكِ وَيَلْغُو السَّبَبُ وَهُوَ نَظِيرُ الْمُرَجَّحِ فِيمَا إذَا قَالَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ مِنْ ثَمَنِ عَبْدٍ فَقَالَ الْمُقَرُّ لَهُ: لَا بَلْ مِنْ ثَمَنِ دَارٍ، فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ وَحِينَئِذٍ يُحْتَاجُ إلَى الْفَرْقِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>