رَجُلًا تَوَلَّى طَرَفًا، وَقِيلَ الطَّرَفَيْنِ.
فَصْلٌ الْفُرْقَةُ بِلَفْظِ الْخُلْعِ طَلَاقٌ، وَفِي قَوْلٍ فَسْخٌ لَا يُنْقِصُ عَدَدًا، فَعَلَى الْأَوَّلِ لَفْظُ الْفَسْخِ كِنَايَةٌ.
وَالْمُفَادَاةُ كَخُلْعٍ فِي الْأَصَحِّ، وَلَفْظُ الْخُلْعِ صَرِيحٌ،
ــ
[مغني المحتاج]
الزَّوْجَانِ مَعًا (رَجُلًا) فِي الْخُلْعِ (تَوَلَّى طَرَفًا) مِنْهُ أَيْ أَيُّهُمَا شَاءَ وَالطَّرَفُ الْآخَرُ يَتَوَلَّاهُ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ، أَوْ وَكِيلُهُ، وَلَا يَتَوَلَّى الطَّرَفَيْنِ كَمَا فِي الْبَيْعِ وَغَيْرِهِ (وَقِيلَ) يَتَوَلَّى (الطَّرَفَيْنِ) لِأَنَّ الْخُلْعَ يَكْفِي فِيهِ اللَّفْظُ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ، كَمَا لَوْ قَالَ: إنْ أَعْطَيْتِنِي أَلْفًا فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَأَعْطَتْهُ ذَلِكَ يَقَعُ الطَّلَاقُ خُلْعًا ثُمَّ شَرَعَ فِي الرُّكْنِ الْخَامِسِ وَهُوَ الصِّيغَةُ، وَتَنْقَسِمُ إلَى صَرِيحٍ وَكِنَايَةٍ مُعَبِّرًا عَنْهُ بِ " فَصْلٌ " فَقَالَ:.
[فَصْلٌ فِي الْفُرْقَةُ بِلَفْظِ الْخُلْعِ]
ثُمَّ شَرَعَ فِي الرُّكْنِ الْخَامِسِ وَهُوَ الصِّيغَةُ، وَتَنْقَسِمُ إلَى صَرِيحٍ وَكِنَايَةٍ مُعَبِّرًا عَنْهُ بِفَصْلٍ فَقَالَ:
فَصْلٌ
(الْفُرْقَةُ بِلَفْظِ الْخُلْعِ طَلَاقٌ) يُنْقِصُ الْعَدَدَ كَلَفْظِ الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذَكَرَهُ بَيْنَ طَلَاقَيْنِ فِي قَوْلِهِ: {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ} [البقرة: ٢٢٩] الْآيَةَ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ مُلْحَقٌ بِهِمَا، وَلِأَنَّهُ لَوْ كَانَ فَسْخًا لِمَا جَازَ عَلَى غَيْرِ الصَّدَاقِ إذْ الْفَسْخُ يُوجِبُ اسْتِرْجَاعَ الْبَدَلِ كَمَا أَنَّ الْإِقَالَةَ لَا تَجُوزُ بِغَيْرِ الثَّمَنِ (وَفِي قَوْلٍ: فَسْخٌ لَا يُنْقِصُ عَدَدًا) وَيَجُوزُ تَجْدِيدُ النِّكَاحِ بَعْدَ تَكَرُّرِهِ مِنْ غَيْرِ حَصْرٍ؛ لِأَنَّهَا فُرْقَةٌ حَصَلَتْ بِمُعَاوَضَةٍ فَتَكُونُ فَسْخًا كَشِرَاءِ زَوْجَتِهِ، وَهَذَا الْقَوْلُ مَنْسُوبٌ إلَى الْقَدِيمِ، وَفِي نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ أَنَّهُ لَا يَحْصُلُ بِهِ شَيْءٌ، لَا فُرْقَةُ طَلَاقٍ وَلَا فَسْخٌ، وَخَرَجَ بِلَفْظِ الْخُلْعِ الْفُرْقَةُ بِلَفْظِ الطَّلَاقِ إذَا كَانَ بِعِوَضٍ فَإِنَّهُ يَكُونُ طَلَاقًا قَطْعًا، وَكَذَا إنْ قَصَدَ بِلَفْظِ الْخُلْعِ الطَّلَاقَ، أَوْ اقْتَرَنَ بِلَفْظِ الْخُلْعِ طَلَاقٌ كَخَالَعْتُكِ عَلَى طَلْقَةٍ بِأَلْفٍ. قَالَ الْفُورَانِيُّ: وَإِذَا نَوَى بِالْخُلْعِ عَدَدًا إنْ جَعَلْنَاهُ طَلَاقًا وَقَعَ مَا نَوَاهُ، أَوْ فَسْخًا فَلَا لِأَنَّهُ لَا يَتَعَدَّدُ (فَعَلَى الْأَوَّلِ) وَهُوَ أَنَّ الْخُلْعَ طَلَاقٌ (لَفْظُ الْفَسْخِ) كَفَسَخْتُ نِكَاحَك بِكَذَا فَقَبِلَتْ (كِنَايَةٌ) فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ فِي الْقُرْآنِ وَلَمْ يُسْتَعْمَلْ عُرْفًا فِيهِ فَلَا يَكُونُ صَرِيحًا فَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ فِيهِ بِلَا نِيَّةٍ.
تَنْبِيهٌ: لَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ لَفْظَ الْفَسْخِ كِنَايَةٌ فِي لَفْظِ الْخُلْعِ، إذْ اللَّفْظُ لَا يُكَنَّى بِهِ عَنْ لَفْظٍ آخَرَ، بَلْ الْمُرَادُ أَنَّهُ كِنَايَةٌ فِي الْفُرْقَةِ بِعِوَضٍ الَّتِي يُعَبَّرُ عَنْهَا بِلَفْظِ الْخُلْعِ وَيُحْكَمُ عَلَيْهَا بِأَنَّهَا طَلَاقٌ.
(وَالْمُفَادَاةُ) كَفَادَيْتُكَ بِكَذَا حُكْمُهَا (كَخُلْعٍ) فِي صَرَاحَتِهِ الْآتِيَةِ (فِي الْأَصَحِّ) لِوُرُودِ لَفْظَةِ الْمُفَادَاةِ فِي الْقُرْآنِ. قَالَ تَعَالَى: {فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} [البقرة: ٢٢٩] وَالثَّانِي: أَنَّهُ كِنَايَةٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَكَرَّرْ فِي الْقُرْآنِ وَلَمْ يَشْتَهِرْ عَلَى لِسَانِ حَمَلَةِ الشَّرِيعَةِ (وَلَفْظُ الْخُلْعِ صَرِيحٌ) فِي الطَّلَاقِ فَلَا يُحْتَاجُ مَعَهُ لِنِيَّةٍ؛ لِأَنَّهُ تَكَرَّرَ عَلَى لِسَانِ حَمَلَةِ الشَّرْعِ لِإِرَادَةِ الْفِرَاقِ فَكَانَ كَالتَّكَرُّرِ فِي الْقُرْآنِ، وَهَذَا مَا صَرَّحَ بِهِ الْبَغَوِيّ وَالنَّشَائِيُّ، وَصَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَالْإِسْنَوِيُّ وَالْبُلْقِينِيُّ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute