فَصْلٌ مَرَّ بِلِسَانِ نَائِمٍ طَلَاقٌ لَغَا، وَلَوْ سَبَقَ لِسَانٌ بِطَلَاقٍ بِلَا قَصْدٍ لَغَا، وَلَا يُصَدَّقُ ظَاهِرًا إلَّا بِقَرِينَةٍ.
وَلَوْ كَانَ اسْمُهَا طَالِقًا فَقَالَ يَا طَالِقُ وَقَصَدَ النِّدَاءَ لَمْ تَطْلُقْ، وَكَذَا إنْ أَطْلَقَ
ــ
[مغني المحتاج]
[فَصْلٌ فِي الْقَصْدُ فِي الطَّلَاقِ]
(فَصْلٌ) فِي اشْتِرَاطِ الْقَصْدِ فِي الطَّلَاقِ، وَهَذَا شُرُوعٌ مِنْهُ فِي الرُّكْنِ الثَّالِثِ وَهُوَ الْقَصْدُ، إذَا (مَرَّ بِلِسَانِ نَائِمٍ) أَوْ مَنْ زَالَ عَقْلُهُ بِسَبَبٍ لَمْ يَعْصِ بِهِ (طَلَاقٌ لَغَا) وَإِنْ قَالَ بَعْدَ اسْتِيقَاظِهِ أَوْ إفَاقَتِهِ أَجَزْتُهُ أَوْ أَوْقَعْتُهُ لِحَدِيثِ «رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثٍ» وَذَكَرَ مِنْهَا النَّائِمَ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ وَلِانْتِفَاءِ الْقَصْدِ.
تَنْبِيهٌ: كَانَ الْمُصَنِّفُ مُسْتَغْنِيًا عَنْ هَذَا بِاشْتِرَاطِ التَّكْلِيفِ أَوَّلَ الْبَابِ، لَوْ تَلَفَّظَ بِالطَّلَاقِ، ثُمَّ قَالَ: كُنْت حِينَئِذٍ صَبِيًّا أَوْ نَائِمًا وَأَمْكَنَ ذَلِكَ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ: كَمَا قَالَهُ الرُّويَانِيُّ، وَإِنْ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ فِي تَصْدِيقِ النَّائِمِ نَظَرٌ فَإِنَّهُ لَا أَمَارَةَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الصَّبِيِّ (وَلَوْ سَبَقَ لِسَانُهُ بِطَلَاقٍ بِلَا قَصْدٍ) لِحُرُوفِ الطَّلَاقِ لِمَعْنَاهُ (لَغَا) مَا سَبَقَ لِسَانُهُ إلَيْهِ لِمَا مَرَّ، وَكَذَا إذَا تَلَفَّظَ بِالطَّلَاقِ حَاكِيًا كَلَامَ غَيْرِهِ، وَكَذَلِكَ الْفَقِيهُ إذَا تَكَرَّرَ لَفْظُ الطَّلَاقِ فِي دَرْسِهِ وَتَصْوِيرِهِ.
تَنْبِيهٌ: لَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ قَصْدٌ مَعَ قَوْلِهِ سَبَقَ، وَلَوْ قَالَ: لَا بِقَصْدٍ كَانَ أَعَمَّ (وَلَا يُصَدَّقُ ظَاهِرًا) فِي دَعْوَاهُ سَبْقَ لِسَانِهِ بِالطَّلَاقِ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغَيْرِ بِهِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ الْغَالِبَ أَنَّ الْبَالِغَ الْعَاقِلَ لَا يَتَكَلَّمُ بِكَلَامٍ إلَّا وَيَقْصِدُهُ (إلَّا بِقَرِينَةٍ) كَأَنْ دَعَاهَا بَعْدَ طُهْرِهَا مِنْ الْحَيْضِ إلَى فِرَاشِهِ، وَأَرَادَ أَنْ يَقُولَ: أَنْتِ الْآنَ طَاهِرَةٌ فَسَبَقَ لِسَانُهُ، فَقَالَ أَنْتِ الْيَوْمَ طَالِقَةٌ.
تَنْبِيهٌ: لَوْ ظَنَّتْ صِدْقَهُ فِي دَعْوَاهُ السَّبْقَ فَلَهَا قَبُولُ قَوْلِهِ، وَكَذَا لِلشُّهُودِ أَنْ لَا يَشْهَدُوا عَلَيْهِ بِالطَّلَاقِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ هُنَا، وَذَكَرَ أَوَاخِر الطَّلَاقِ، أَنَّهُ لَوْ سَمِعَ لَفْظَ رَجُلٍ بِالطَّلَاقِ وَتَحَقَّقَ أَنَّهُ سَبَقَ لِسَانُهُ إلَيْهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْهِ بِمُطْلَقِ الطَّلَاقِ، وَكَانَ مَا هُنَا فِيمَا إذَا ظَنُّوا وَمَا هُنَاكَ فِيمَا إذَا تَحَقَّقُوا كَمَا يُفْهِمُهُ كَلَامُهُ. قَالَ شَيْخُنَا وَمَعَ ذَلِكَ فِيمَا هُنَا نَظَرٌ اهـ. وَالْأَوْلَى إلْحَاقُ مَا هُنَا بِمَا هُنَاكَ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ.
(وَلَوْ كَانَ اسْمُهَا طَالِقًا فَقَالَ) لَهَا (يَا طَالِقُ) بِضَمِّ الْقَافِ بِخَطِّهِ (وَقَصَدَ النِّدَاءَ لَمْ تَطْلُقْ) جَزْمًا لِأَنَّهُ صَرَفَهُ عَنْ مَعْنَاهُ، وَكَوْنُهَا اسْمَهَا كَذَلِكَ قَرِينَةٌ تُسَوِّغُ تَصْدِيقَهُ.
تَنْبِيهٌ: الْمُرَادُ قَصْدُ نِدَائِهَا بِاسْمِهَا وَإِلَّا فَنِدَاؤُهَا مَقْصُودٌ، وَإِنْ أَرَادَ الطَّلَاقَ (وَكَذَا إنْ أَطْلَقَ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute