للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي الْأَصَحِّ؛ وَإِنْ كَانَ اسْمُهَا طَارِقًا أَوْ طَالِبًا فَقَالَ يَا طَالِقُ وَقَالَ أَرَدْت النِّدَاءَ فَالْتَفَّ الْحَرْفُ صُدِّقَ.

وَلَوْ خَاطَبَهَا بِطَلَاقٍ هَازِلًا أَوْ لَاعِبًا أَوْ وَهُوَ يَظُنُّهَا أَجْنَبِيَّةً بِأَنْ كَانَتْ فِي ظُلْمَةٍ أَوْ أَنْكَحَهَا لَهُ وَلِيُّهُ أَوْ وَكِيلُهُ وَلَمْ يَعْلَمْ وَقَعَ.

ــ

[مغني المحتاج]

بِأَنْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا وَكَانَ اسْمُهَا ذَلِكَ عِنْدَ النِّدَاءِ لَمْ تَطْلُقْ أَيْضًا (فِي الْأَصَحِّ) حَمْلًا عَلَى النِّدَاءِ؛ وَلِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ الطَّلَاقَ وَاللَّفْظُ هُنَا مُشْتَرَكٌ وَالْأَصْلُ دَوَامُ النِّكَاحِ، أَمَّا إذَا كَانَ اسْمُهَا ذَلِكَ ثُمَّ غُيِّرَ إلَى غَيْرِهِ ثُمَّ خَاطَبَهَا بِهِ بَعْدَ التَّغْيِيرِ طَلُقَتْ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي نَظِيرِ الْمَسْأَلَةِ مِنْ الْعِتْقِ فِي نِدَاءِ عَبْدِهِ الْمُسَمَّى بِحُرٍّ يَا حُرُّ (وَإِنْ كَانَ اسْمُهَا طَارِقًا أَوْ طَالِبًا) أَوْ طَالِعًا أَوْ نَحْوَهَا مِنْ الْأَسْمَاءِ الَّتِي تُقَارِبُ حُرُوفَ طَالِقٍ (فَقَالَ) لَهَا: (يَا طَالِقُ، وَقَالَ: أَرَدْت النِّدَاءَ) لَهَا بِاسْمِهَا (فَالْتَفَّ) بِلِسَانِي (الْحَرْفُ صُدِّقَ) ظَاهِرًا لِظُهُورِ الْقَرِينَةِ.

(وَلَوْ خَاطَبَهَا بِطَلَاقٍ) لَهَا (هَازِلًا) وَهُوَ قَصْدُ اللَّفْظِ دُونَ مَعْنَاهُ (أَوْ لَاعِبًا) بِأَنْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا لِقَوْلِهَا لَهُ فِي مَعْرِضِ دَلَالٍ أَوْ مُلَاعَبَةٍ أَوْ اسْتِهْزَاءٍ طَلِّقْنِي فَيَقُولُ لَهَا لَاعِبًا أَوْ مُسْتَهْزِئًا طَلَّقْتُك (أَوْ) خَاطَبَهَا بِطَلَاقٍ (وَهُوَ يَظُنُّهَا أَجْنَبِيَّةً) وَيُصَدَّقُ ذَلِكَ بِصُوَرٍ. إمَّا (بِأَنْ كَانَتْ فِي ظُلْمَةٍ) أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ (أَوْ) بِأَنْ (أَنْكَحَهَا) لَهُ (وَلِيُّهُ أَوْ وَكِيلُهُ وَلَمْ يَعْلَمْ) بِالنِّكَاحِ أَوْ نَسِيَهُ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ (وَقَعَ) الطَّلَاقُ. أَمَّا فِي الْأُولَيَيْنِ فَلِأَنَّهُ أَتَى بِاللَّفْظِ عَنْ قَصْدٍ وَاخْتِيَارٍ وَعَدَمِ رِضَاهُ بِوُقُوعِهِ لِظَنِّهِ أَنَّهُ لَا يَقَعُ لَا أَثَرَ لَهُ لِخَطَأِ ظَنِّهِ، وَفِي حَدِيثٍ حَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ الْحَاكِمُ: صَحِيحُ الْإِسْنَادِ: «ثَلَاثٌ جِدُّهُنَّ جِدٌّ وَهَزْلُهُنَّ جِدٌّ: الطَّلَاقُ، وَالنِّكَاحُ، وَالرَّجْعَةُ» . قَالَ الْبَغَوِيّ: وَخَصَّ فِي الْحَدِيثِ الثَّلَاثَ لِتَأَكُّدِ أَمْرِ الْفَرْجِ وَإِنْ كَانَ الْبَيْعُ وَسَائِرُ التَّصَرُّفَاتِ تَنْعَقِدُ بِالْهَزْلِ عَلَى الْأَصَحِّ اهـ.

وَأَمَّا فِيمَا بَعْدَهُمَا فَلِأَنَّهُ أَوْقَعَ الطَّلَاقَ فِي مَحَلِّهِ وَظَنُّ غَيْرِ الْوَاقِعِ لَا يَدْفَعُهُ.

تَنْبِيهٌ: عَطْفُ الْمُصَنِّفِ اللَّعِبَ عَلَى الْهَزْلِ يَقْتَضِي تَغَايُرَهُمَا، وَكَلَامُ أَهْلِ اللُّغَةِ يَقْتَضِي تَرَادُفَهُمَا، قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ فِي الْفَائِقِ: الْهَزْلُ وَاللَّعِبُ مِنْ وَادِي الِاضْطِرَابِ، وَعِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ عَلَى سَبِيلِ اللَّعِبِ وَالْهَزْلِ، وَهِيَ تَقْتَضِي اتِّحَادَهُمَا، وَاَلَّذِي يَشْهَدُ لَهُ الِاسْتِعْمَالُ أَنَّ الْهَزْلَ يَخْتَصُّ بِالْكَلَامِ وَاللَّعِبَ أَعَمُّ، وَظَاهِرُ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ الْوُقُوعَ أَنَّهُ يَقَعُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا لَكِنَّ قَضِيَّةَ كَلَامِ الرَّوْضَةِ أَنَّهُ لَا يَقَعُ فِي مَسْأَلَةِ الظَّنِّ بَاطِنًا وَهُوَ، الظَّاهِرُ وَإِنْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ قَضِيَّةُ كَلَامِ الرُّويَانِيِّ إنَّ الْمَذْهَبَ الْوُقُوعُ بَاطِنًا، وَلَوْ نَسِيَ أَنَّ لَهُ زَوْجَةً فَقَالَ: زَوْجَتِي طَالِقٌ طَلُقَتْ كَمَا نَقَلَاهُ عَنْ النَّصِّ وَأَقَرَّاهُ، وَمَا جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ مِنْ وُقُوعِ الطَّلَاقِ فِيمَا إذَا ظَنَّهَا أَجْنَبِيَّةً يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَسْأَلَةٌ ذَكَرَهَا الْخُوَارِزْمِيُّ فِي الْكَافِي، فَقَالَ: رَجُلٌ تَزَوَّجَ امْرَأَةً فِي الرِّسْتَاقِ فَذَهَبَتْ إلَى الْبَلَدِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ، فَقِيلَ لَهُ: أَلَك زَوْجَةٌ فِي الْبَلَدِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ، فَقَالَ: إنْ كَانَ لِي زَوْجَةٌ فِي الْبَلَدِ فَهِيَ طَالِقٌ وَكَانَتْ هِيَ فِي الْبَلَدِ، فَعَلَى قَوْلَيْ حِنْثِ النَّاسِي. قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَأَكْثَرُ مَا يُلْمَحُ فِي الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>