للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَوْ لَفَظَ أَعْجَمِيٌّ بِهِ بِالْعَرَبِيَّةِ وَلَمْ يَعْرِفْ مَعْنَاهُ لَمْ يَقَعْ، وَقِيلَ إنْ نَوَى مَعْنَاهَا وَقَعَ.

وَلَا يَقَعُ طَلَاقُ مُكْرَهٍ،

ــ

[مغني المحتاج]

صُورَةُ التَّعْلِيقِ.

وَلَوْ كَانَ وَاعِظًا مَثَلًا وَطَلَبَ مِنْ الْحَاضِرِينَ شَيْئًا فَلَمْ يُعْطُوهُ، فَقَالَ مُتَضَجِّرًا مِنْهُمْ. طَلَّقْتُكُمْ وَفِيهِمْ امْرَأَتُهُ، وَلَمْ يَعْلَمْ بِهَا لَمْ تَطْلُقْ كَمَا بَحَثَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ بَعْدَ نَقْلِهِ عَنْ الْإِمَامِ أَنَّهُ أَفْتَى بِخِلَافِهِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ: لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ مَعْنَى الطَّلَاقِ، وَلِأَنَّ النِّسَاءَ لَا يَدْخُلْنَ فِي خِطَابِ الرِّجَالِ إلَّا بِدَلِيلٍ، وَاعْتُرِضَ عَلَيْهِ بِمَنْعٍ أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ مَعْنَى الطَّلَاقِ، إذْ مَعْنَاهُ الْفُرْقَةُ وَقَدْ نَوَاهَا، وَبِأَنَّ دَلِيلَ الدُّخُولِ هُنَا مَوْجُودٌ وَهُوَ مُشَافَهَةُ الْحَاضِرِينَ وَعَدَمُ عِلْمِهِ بِأَنَّ زَوْجَتَهُ فِيهِمْ لَا يَمْنَعُ الْإِيقَاعَ كَمَنْ خَاطَبَهَا يَظُنُّهَا غَيْرَهَا.

وَأُجِيبَ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّ مَعْنَى الطَّلَاقِ شَرْعًا: قَطْعُ عِصْمَةِ النِّكَاحِ وَلَمْ يَقْصِدْهُ الْوَاعِظُ، بِخِلَافِ مَنْ خَاطَبَ زَوْجَتَهُ يَظُنُّهَا غَيْرَهَا، وَعَنْ الثَّانِي بِأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يَكُونُ بِحَسَبِ الْقَصْدِ لِلتَّغْلِيبِ وَلَا قَصْدَ.

(وَلَوْ لَفَظَ أَعْجَمِيٌّ) أَوْ غَيْرُهُ (بِهِ) أَيْ الطَّلَاقِ (بِالْعَرَبِيَّةِ) أَوْ غَيْرِهَا مِمَّا لَا يَعْرِفُهُ (وَلَمْ يَعْرِفْ مَعْنَاهُ) سَوَاءٌ أَلْقَنَهُ أَوْ لَا (لَمْ يَقَعْ) لِانْتِفَاءِ قَصْدِهِ، وَقَيَّدَهُ الْمُتَوَلِّي بِمَنْ لَمْ يَكُنْ مُخَالِطًا لِأَهْلِ اللِّسَانِ وَإِلَّا لَمْ يُقْبَلْ ظَاهِرًا، وَيُدَيَّنُ وَيُصَدَّقُ فِي أَنَّهُ لَا يَعْرِفُ مَعْنَاهُ؛ لِأَنَّهُ الظَّاهِرُ مِنْ حَالِهِ قَالَهُ فِي الِاسْتِقْصَاءِ (وَقِيلَ إنْ نَوَى) الْعَجَمِيُّ بِهِ (مَعْنَاهَا) أَيْ الْعَرَبِيَّةِ عِنْدَ أَهْلِهَا (وَقَعَ) لِأَنَّهُ قَصَدَ لَفْظَ الطَّلَاقِ لِمَعْنَاهُ.

وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِأَنَّهُ لَمْ يَعْرِفْ مَعْنَاهُ لَا يَصِحُّ قَصْدُهُ؛ وَلَوْ لَمْ يَعْرِفْ مَعْنَاهُ وَقَصَدَ بِهِ قَطْعَ النِّكَاحِ لَمْ تَطْلُقْ كَمَا لَوْ أَرَادَ الطَّلَاقَ بِكَلِمَةٍ لَا مَعْنَى لَهَا.

(وَلَا يَقَعُ طَلَاقُ مُكْرَهٍ) بِغَيْرِ حَقٍّ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ كَمَا لَا يَصِحُّ إسْلَامُهُ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ وَمَا اُسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» وَلِخَبَرِ: «لَا طَلَاقَ فِي إغْلَاقٍ» أَيْ إكْرَاهٍ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِمُ، وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ؛ وَلِأَنَّهُ قَوْلٌ لَوْ صَدَرَ مِنْهُ بِاخْتِيَارِهِ طَلُقَتْ زَوْجَتُهُ وَصَحَّ إسْلَامُهُ، فَإِنْ أُكْرِهَ عَلَيْهِ بِبَاطِلٍ لَغَا كَالرِّدَّةِ. نَعَمْ تَقَدَّمَ فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ أَنَّهُ لَوْ تَكَلَّمَ فِيهَا مُكْرَهًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لِنُدْرَةِ الْإِكْرَاهِ فِيهَا، فَإِنْ كَانَ الْإِكْرَاهُ بِحَقٍّ وَقَعَ الطَّلَاقُ وَصَحَّ الْإِسْلَامُ، وَصُوِّرَ الطَّلَاقُ بِحَقٍّ جَمْعٌ بِإِكْرَاهِ الْقَاضِي الْمُولِيَ بَعْدَ مُدَّةِ الْإِيلَاءِ عَلَى طَلْقَةٍ وَاحِدَةٍ، فَإِنْ أُكْرِهَ عَلَى الثَّلَاثِ فَتَلَفَّظَ بِهَا لَغَا الطَّلَاقُ؛ لِأَنَّهُ يَفْسُقُ بِذَلِكَ وَيَنْعَزِلُ بِهِ. فَإِنْ قِيلَ: الْمُولِي لَا يُؤْمَرُ بِالطَّلَاقِ عَيْنًا بَلْ بِهِ أَوْ بِالْفَيْئَةِ، وَمِثْلُ هَذَا لَيْسَ بِإِكْرَاهٍ يَمْنَعُ الْوُقُوعَ كَمَا لَوْ أُكْرِهَ عَلَى أَنْ يُطَلِّقَ زَوْجَتَهُ أَوْ يُعْتِقَ عَبْدَهُ فَأَتَى بِأَحَدِهِمَا فَإِنَّهُ يَنْفُذُ.

أُجِيبَ بِأَنَّ الطَّلَاقَ قَدْ يَتَعَيَّنُ فِي بَعْضِ صُوَرِ الْمُولِي كَمَا لَوْ آلَى وَهُوَ غَائِبٌ فَمَضَتْ الْمُدَّةُ فَوَكَّلَتْ بِالْمُطَالَبَةِ فَرَفَعَهُ وَكِيلُهَا إلَى قَاضِي الْبَلَدِ الَّذِي فِيهِ الزَّوْجُ وَطَالَبَهُ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَأْمُرُهُ بِالْفَيْئَةِ بِاللِّسَانِ فِي الْحَالِ وَبِالْمَسِيرِ إلَيْهَا أَوْ بِحَمْلِهَا إلَيْهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>