فَصْلٌ مَنْ بَاعَ وَلَمْ يَقْبِضْ الثَّمَنَ حَتَّى حُجِرَ عَلَى الْمُشْتَرِي بِالْفَلَسِ فَلَهُ فَسْخُ الْبَيْعِ وَاسْتِرْدَادُ الْمَبِيعِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّ خِيَارَهُ عَلَى الْفَوْرِ،
ــ
[مغني المحتاج]
الْحَبْسِ مُطْلَقًا وَالْمَرِيضُ إنْ لَمْ يَجِدْ مُمَرِّضًا فَإِنْ وَجَدَهُ فَلَا، وَإِنْ كَانَ يُحْبَسُ ابْتِدَاءً، وَمَنْ ثَبَتَ إعْسَارُهُ أُخْرِجَ وَلَوْ بِغَيْرِ إذْنِ الْغَرِيمِ لِزَوَالِ الْمُقْتَضِي.
[فَصْلٌ فِي رُجُوعِ الْمُعَامِلِ لِلْمُفْلِسِ عَلَيْهِ بِمَا عَامَلَهُ بِهِ وَلَمْ يَقْبِضْ عِوَضَهُ]
فَصْلٌ
فِي رُجُوعِ الْمُعَامِلِ لِلْمُفْلِسِ عَلَيْهِ بِمَا عَامَلَهُ بِهِ وَلَمْ يَقْبِضْ عِوَضَهُ (مَنْ بَاعَ وَلَمْ يَقْبِضْ الثَّمَنَ حَتَّى حُجِرَ عَلَى الْمُشْتَرِي بِالْفَلَسِ) أَيْ بِسَبَبِ إفْلَاسِهِ وَالْمَبِيعُ بَاقٍ عِنْدَهُ بِالشُّرُوطِ الْآتِيَةِ (فَلَهُ) أَيْ الْبَائِعِ (فَسْخُ الْبَيْعِ وَاسْتِرْدَادُ الْمَبِيعِ) لِحَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ «مَنْ أَدْرَكَ مَالَهُ بِعَيْنِهِ عِنْدَ رَجُلٍ أَوْ إنْسَانٍ قَدْ أَفْلَسَ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ» وَكَوْنُ الثَّمَنِ غَيْرُ مَقْبُوضٍ يَحْتَاجُ إلَى إضْمَارِهِ فِي الْحَدِيثِ، وَقَوْلُ الرَّاوِي: فِيهِ عِنْدَ رَجُلٍ أَوْ إنْسَانٍ شَكٌّ مِنْهُ، وَلَا يَحْتَاجُ فِي الْفَسْخِ إلَى حُكْمِ حَاكِمٍ بَلْ يَفْسَخُهُ بِنَفْسِهِ عَلَى الْأَصَحِّ، وَلَوْ حَكَمَ حَاكِمٌ بِمَنْعِ الْفَسْخِ لَمْ يُنْقَضُ كَمَا صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ، وَإِنْ قَالَ الْإِصْطَخْرِيُّ بِنَقْضِهِ وَلَوْ وَقَعَ الْبَيْعُ مِمَّنْ يَلْزَمُهُ التَّصَرُّفُ بِالْغِبْطَةِ كَأَنْ يَكُونَ مُكَاتَبًا أَوْ وَلِيًّا، وَالْغِبْطَةُ فِي الْفَسْخِ وَجَبَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ. أَمَّا مَنْ أَفْلَسَ وَلَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ أَوْ حُجِرَ عَلَيْهِ لِلسَّفَهِ فَلَا رُجُوعَ كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُهُ، وَأَفْهَمَ أَيْضًا امْتِنَاعَ الْفَسْخِ بِالْبَيْعِ الْوَاقِعِ فِي حَالِ الْحَجْرِ: أَيْ لِغَيْرِ الْجَاهِلِ كَمَا مَرَّ.
تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ: وَلَمْ يَقْبِضْ الثَّمَنَ الْمُرَادُ لَمْ يَقْبِضْ مِنْهُ شَيْئًا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ. وَاسْتِرْدَادُ الْمَبِيعِ. أَمَّا إذَا قَبَضَ بَعْضَ الثَّمَنِ فَسَيَذْكُرُهُ بَعْدُ، وَقَوْلُهُ: وَاسْتِرْدَادُ الْمَبِيعِ قَدْ يُوهِمُ مَنْعَ اسْتِرْدَادِ بَعْضِهِ، وَلَيْسَ مُرَادًا؛ لِأَنَّهُ مَصْلَحَةٌ لِلْغُرَمَاءِ كَمَا يَرْجِعُ الْوَالِدُ فِي بَعْضِ مَا وَهَبَهُ لِوَلَدِهِ بِخِلَافِ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ؛ لِأَنَّهُ يَضُرُّ بِالْبَائِعِ وَمِلْكُ الْمُفْلِسِ مَبِيعٌ كُلُّهُ، وَقَيَّدَ الْأَذْرَعِيُّ الرُّجُوعَ بِمَا إذَا لَمْ يَحْصُلْ بِهِ ضَرَرٌ بِالتَّشْقِيصِ عَلَى الْغُرَمَاءِ، وَقَالَ السُّبْكِيُّ: لَا يُلْتَفَتُ إلَى ذَلِكَ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ شَيْخُنَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ (وَالْأَصَحُّ أَنَّ خِيَارَهُ) أَيْ الْفَسْخِ (عَلَى الْفَوْرِ) كَخِيَارِ الْعَيْبِ بِجَامِعِ دَفْعِ الضَّرَرِ، وَالثَّانِي: كَخِيَارِ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ لِلْوَلَدِ، وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ بِحُصُولِ الضَّرَرِ هُنَا بِخِلَافِ ذَلِكَ، وَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ ادَّعَى الْجَهْلَ بِالْفَوْرِيَّةِ كَانَ كَالرَّدِّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute