للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْكِتَابُ بِالْحُكْمِ يَمْضِي مَعَ قُرْبِ الْمَسَافَةِ وَبِسَمَاعِ الْبَيِّنَةِ لَا يُقْبَلُ عَلَى الصَّحِيحِ إلَّا فِي مَسَافَةِ قَبُولِ شَهَادَةٍ عَلَى شَهَادَةٍ.

[فَصْلٌ] ادَّعَى عَيْنًا غَائِبَةً عَنْ الْبَلَدِ يُؤْمَنُ اشْتِبَاهُهَا كَعَقَارٍ وَعَبْدٍ وَفَرَسٍ مَعْرُوفَاتٍ سَمِعَ بَيِّنَتَهُ وَحَكَمَ بِهَا وَكَتَبَ إلَى قَاضِي بَلَدِ الْمَالِ لِيُسَلِّمَهُ لِلْمُدَّعِي وَيَعْتَمِدُ فِي الْعَقَارِ حُدُودَهُ.

ــ

[مغني المحتاج]

اسْتَرَدَّ، وَجَمِيعُ مَا سَبَقَ حَيْثُ الْحُجَّةُ شَاهِدَانِ، فَإِذَا كَانَتْ شَاهِدًا وَيَمِينًا أَوْ يَمِينًا مَرْدُودَةً وَجَبَ بَيَانُهَا، فَقَدْ لَا يَكُونُ ذَلِكَ حُجَّةً عِنْدَ الْمَنْهِيِّ إلَيْهِ (وَالْكِتَابُ) أَوْ الْإِنْهَاءُ بِدُونِهِ (بِالْحُكْمِ) (يَمْضِي مَعَ قُرْبِ الْمَسَافَةِ) وَبُعْدِهَا كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ لِفَهْمِهِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى (وَ) الْكِتَابُ (بِسَمَاعِ الْبَيِّنَةِ) فَقَطْ (لَا يُقْبَلُ عَلَى الصَّحِيحِ إلَّا فِي مَسَافَةِ قَبُولِ شَهَادَةٍ عَلَى شَهَادَةٍ) وَهِيَ كَمَا سَيَأْتِي مَا فَوْقَ مَسَافَةِ الْعَدْوَى الْمُعْتَبَرَةِ بِأَنَّهَا الَّتِي يَرْجِعُ مِنْهَا الْمُبَكِّرُ لِمَوْضِعِهِ لَيْلًا لَا الْمُعْتَبَرَةُ بِمَسَافَةِ الْقَصْرِ عَلَى الصَّحِيحِ، وَالثَّانِي يُقْبَلُ مَعَ قُرْبِ الْمَسَافَةِ أَيْضًا، وَفَارَقَ عَلَى الْأَوَّلِ الْإِنْهَاءَ بِالْحُكْمِ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ قَدْ تَمَّ وَلَمْ يَبْقَ إلَّا الِاسْتِيفَاءُ بِخِلَافِ سَمَاعِ الْحُجَّةِ، إذْ يَسْهُلُ اخْتِصَارُهَا مَعَ الْقُرْبِ وَالْعِبْرَةُ فِي الْمَسَافَةِ بِمَا بَيْنَ الْقَاضِيَيْنِ، لَا بِمَا بَيْنَ الْقَاضِي الْمَنْهِيِّ وَالْغَرِيمِ.

[فَصَلِّ الدَّعْوَى بِعَيْنٍ غَائِبَةٍ أَوْ غَيْرِهَا وَسَمَاعِ الْبَيِّنَةِ وَالْحُكْمِ بِهَا]

[فَصْلٌ] فِي بَيَانِ الدَّعْوَى بِعَيْنٍ غَائِبَةٍ أَوْ غَيْرِهَا وَسَمَاعِ الْبَيِّنَةِ وَالْحُكْمِ بِهَا. إذَا (ادَّعَى) عِنْدَ قَاضٍ (عَيْنًا غَائِبَةً عَنْ الْبَلَدِ) سَوَاءٌ أَكَانَتْ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ أَمْ لَا (يُؤْمَنُ اشْتِبَاهُهَا) بِغَيْرِهَا (كَعَقَارٍ وَعَبْدٍ وَفَرَسٍ مَعْرُوفَاتٍ) بِالشُّهْرَةِ.

تَنْبِيهٌ لَوْ عَبَّرَ كَالْمُحَرَّرِ وَالرَّوْضَةِ بِمَعْرُوفِينَ بِتَغْلِيبِ الْعَاقِلِ عَلَى غَيْرِهِ كَانَ أَوْلَى، وَلَكِنَّهُ غَلَّبَ غَيْرَ الْعَاقِلِ الْأَكْثَرِ عَلَى الْعَاقِلِ الْأَقَلِّ، وَجَوَابُ الشَّرْطِ الْمُقَدَّرِ قَوْلُهُ (سَمِعَ) الْقَاضِي (بَيِّنَتَهُ وَحَكَمَ بِهَا وَكَتَبَ) بِذَلِكَ (إلَى قَاضِي بَلَدِ الْمَالِ لِيُسَلِّمَهُ) أَيْ الْمُدَّعَى بِهِ (لِلْمُدَّعِي) بَعْدَ ثُبُوتِ ذَلِكَ عِنْدَهُ كَمَا فِي نَظِيرِهِ مِنْ الدَّعْوَى عَلَى الْغَائِبِ، وَلَا فَرْقَ فِي مَسَائِلِ الْفَصْلِ بَيْنَ حُضُورِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَغَيْبَتِهِ، وَإِنَّمَا أَدْخَلَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَابِ نَظَرًا لَغَيْبَةِ الْمَحْكُومِ بِهِ، وَلَا بَيْنَ كَوْنِ الْمُدَّعَى بِهِ فِي مَحَلِّ وِلَايَةِ الْقَاضِي أَوْ خَارِجًا عَنْهَا كَمَا أَنَّ قَضَاءَهُ يَنْفُذُ عَلَى الْخَارِجِ عَنْ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ إذَا قَامَتْ الْبَيِّنَةُ بِنَسَبِهِ وَصِفَتِهِ. قَالَ الْإِمَامُ: وَعَلَى هَذَا قَالَ الْعُلَمَاءُ بِحَقَائِقِ الْقَضَاءِ: قَاضِي قَرْيَةٍ يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ عَلَى بِقَاعِ الدُّنْيَا فِي دَائِرَةِ الْآفَاقِ وَيَقْضِي عَلَى أَهْلِ الدُّنْيَا (وَيَعْتَمِدُ) الْمُدَّعِي (فِي) دَعْوَى (الْعَقَارِ) الَّذِي لَمْ يُشْتَهَرْ (حُدُودَهُ) الْأَرْبَعَةَ لِيَتَمَيَّزَ.

تَنْبِيهٌ مَحَلُّ ذِكْرِ حُدُودِهِ كُلِّهَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِأَقَلَّ مِنْهَا، وَإِلَّا اكْتَفَى بِمَا يُعْلَمُ بِهِ مِنْهَا كَمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>