فَصْلٌ لِمُطَلَّقَةٍ قَبْلَ وَطْءٍ مُتْعَةٌ إنْ لَمْ يَجِبْ شَطْرُ مَهْرٍ وَكَذَا لِمَوْطُوءَةٍ فِي الْأَظْهَرِ،
ــ
[مغني المحتاج]
صَحَّ فِي نَصِيبِهَا دُونَ نَصِيبِهِ، وَيَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ إنْ جَهِلَ التَّشْطِيرَ، فَإِذَا فَسَخَ عِوَضَ الْخُلْعِ رَجَعَ عَلَيْهَا بِمَهْرِ الْمِثْلِ، وَإِلَّا فَنِصْفُ الصَّدَاقِ، وَإِنْ خَالَعَهَا عَلَى النِّصْفِ الْبَاقِي لَهَا بَعْدَ الْفُرْقَةِ صَارَ كُلُّ الصَّدَاقِ لَهُ، نِصْفُهُ بِعِوَضِ الْخُلْعِ وَنِصْفُهُ بِالتَّشْطِيرِ، وَإِنْ أَطْلَقَ النِّصْفَ بِأَنْ لَمْ يُقَيِّدْهُ بِالْبَاقِي لَهَا بَعْدَ الْفُرْقَةِ صَارَ كُلُّ الصَّدَاقِ لَهُ، نِصْفُهُ بِعِوَضِ الْخُلْعِ وَنِصْفُهُ بِالتَّشْطِيرِ، وَإِنْ أَطْلَقَ النِّصْفَ بِأَنْ لَمْ يُقَيِّدْهُ بِالْبَاقِي وَلَا بِغَيْرِهِ وَقَعَ الْعِوَضُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا، فَلَهَا عَلَيْهِ رُبُعُ الْمُسَمَّى، وَلَهُ عَلَيْهَا ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ بِحُكْمِ التَّشْطِيرِ وَعِوَضُ الْخُلْعِ وَنِصْفُ مَهْرِ الْمِثْلِ بِحُكْمِ مَا فَسَدَ مِنْ الْخُلْعِ، وَإِنْ خَالَعَهَا عَلَى أَنْ لَا تَبِعَةَ لَهُ عَلَيْهَا فِي الْمَهْرِ صَحَّ وَجَعَلْنَاهُ عَلَى مَا يَبْقَى لَهَا مِنْهُ.
[فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الْمُتْعَةِ]
ِ، وَهِيَ بِضَمِّ الْمِيمِ وَحُكِيَ كَسْرُهَا مُشْتَقَّةً مِنْ الْمَتَاعِ، وَهُوَ مَا يُسْتَمْتَعُ بِهِ، وَالْمُرَادُ بِهَا مَالٌ يَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ دَفْعُهُ لِامْرَأَتِهِ الْمُفَارِقَةِ فِي الْحَيَاةِ بِطَلَاقٍ وَمَا فِي مَعْنَاهُ بِشُرُوطٍ تَأْتِي، وَيَسْتَوِي فِيهَا الْحُرُّ وَغَيْرُهُ، وَالْمُسْلِمُ وَالذِّمِّيُّ وَالْحُرَّةُ وَغَيْرُهَا وَالْمُسْلِمَةُ وَالذِّمِّيَّةُ كَمَا شَمِلَ ذَلِكَ قَوْلُهُ: يَجِبُ (لِمُطَلَّقَةٍ قَبْلَ وَطْءٍ مُتْعَةٌ) عَلَى الْجَدِيدِ (إنْ لَمْ يَجِبْ) لَهَا (شَطْرُ مَهْرٍ) بِأَنْ كَانَتْ مُفَوَّضَةً وَلَمْ يُفْرَضْ لَهَا شَيْءٌ وَادَّعَى الْإِمَامُ فِيهِ الْإِجْمَاعَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ} [البقرة: ٢٣٦] [الْبَقَرَةُ] الْآيَةَ، وَلِأَنَّ الْمُفَوَّضَةَ لَمْ يَحْصُلْ لَهَا شَيْءٌ فَتَجِبُ لَهَا مُتْعَةٌ لِلْإِيحَاشِ، بِخِلَافِ مَنْ وَجَبَ لَهَا الشَّطْرُ. أَمَّا إذَا فُرِضَ لَهَا فِي التَّفْوِيضِ شَيْءٌ فَلَا مُتْعَةَ لَهَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَوْفِ مَنْفَعَةَ بُضْعِهَا فَيَكْفِي شَطْرُ مَهْرِهَا لِمَا لَحِقَهَا مِنْ الِاسْتِيحَاشِ وَالِابْتِذَالِ، وَعَنْ الْقَدِيمِ أَنَّهَا مُسْتَحَبَّةٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ} [البقرة: ٢٣٦] [الْبَقَرَةُ] وَلَوْ كَانَتْ وَاجِبَةً لَمْ يَخْتَصَّ بِهَا الْمُحْسِنُونَ دُونَ غَيْرِهِمْ.
تَنْبِيهٌ: كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ لِمُطَلَّقَةٍ وَنَحْوِهَا لِيَشْمَلَ الْمُلَاعِنَةَ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ كَلَامِهِ مَا لَوْ زَوَّجَ أَمَتَهُ بِعَبْدِهِ فَلَا شَطْرَ وَلَا مُتْعَةَ (وَكَذَا) يَجِبُ (لِمَوْطُوءَةٍ) مُتْعَةٌ (فِي الْأَظْهَرِ) الْجَدِيدُ سَوَاءٌ أَفَوَّضَ طَلَاقَهَا إلَيْهَا فَطَلُقَتْ أَوْ عَلَّقَهُ بِفِعْلِهَا فَفَعَلَتْ لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى: {وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: ٢٤١] [الْبَقَرَةُ] وَخُصُوصِ قَوْله تَعَالَى: {فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ} [الأحزاب: ٢٨] [الْأَحْزَابُ] وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ أَيْ فَتَعَالَيْنَ أُسَرِّحْكُنَّ وَأُمَتِّعْكُنَّ وَكُلُّهُنَّ مَدْخُولَاتٌ بِهِنَّ، أَوْ يُقَالُ: إنَّ الْوَاوَ لَا تَقْتَضِي التَّرْتِيبَ. وَالثَّانِي وَهُوَ الْقَدِيمُ: لَا مُتْعَةَ لَهَا لِاسْتِحْقَاقِهَا الْمَهْرَ وَفِيهِ غُنْيَةٌ عَنْ الْمُتْعَةِ، وَلِأَنَّهَا إذَا لَمْ تَسْتَحِقَّهَا مَعَ الشَّطْرِ فَمَعَ الْكُلِّ أَوْلَى.
وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ جَمِيعَ الْمَهْرِ وَجَبَ فِي مُقَابَلَةِ اسْتِيفَاءِ مَنْفَعَةِ الْبُضْعِ فَخَلَا الطَّلَاقُ عَنْ الْجَبْرِ، بِخِلَافِ مَنْ وَجَبَ لَهَا النِّصْفُ فَإِنَّ بُضْعَهَا سُلِّمَ لَهَا فَكَانَ الشَّطْرُ جَابِرًا لِلْإِيحَاشِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute