للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفُرْقَةٌ لَا بِسَبَبِهَا كَطَلَاقٍ.

وَيُسْتَحَبُّ أَنْ لَا تَنْقُصَ عَنْ ثَلَاثِينَ دِرْهَمًا، فَإِنْ تَنَازَعَا قَدَّرَهُ الْقَاضِي بِنَظَرِهِ مُعْتَبِرًا حَالَهُمَا، وَقِيلَ، وَقِيلَ حَالَهَا، وَقِيلَ أَقَلَّ مَالٍ.

ــ

[مغني المحتاج]

فَائِدَةٌ: فِي فَتَاوَى الْمُصَنِّفِ أَنَّ وُجُوبَ الْمُتْعَةِ مِمَّا يَغْفُلُ النِّسَاءُ عَنْ الْعِلْمِ بِهَا فَيَنْبَغِي تَعْرِيفُهُنَّ وَإِشَاعَةُ حُكْمِهَا لِيَعْرِفْنَ ذَلِكَ (وَفُرْقَةٌ لَا بِسَبَبِهَا) بِأَنْ كَانَتْ مِنْ الزَّوْجِ كَرِدَّتِهِ وَلِعَانِهِ وَإِسْلَامِهِ، أَوْ مِنْ أَجْنَبِيٍّ كَإِرْضَاعِ أُمِّ الزَّوْجِ أَوْ بِنْتِ زَوْجَتِهِ وَوَطْءِ أَبِيهِ أَوْ ابْنِهِ لَهَا بِشُبْهَةٍ حُكْمُهَا (كَطَلَاقٍ) فِي إيجَابِ الْمُتْعَةِ وَعَدَمِهِ أَيْ إذَا لَمْ يَسْقُطْ بِهَا الشَّطْرُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ. وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ: إنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُ. فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ يُتَصَوَّرُ وُجُوبُ الْمُتْعَةِ لِلزَّوْجَةِ الصَّغِيرَةِ فِي مَسْأَلَةِ الْإِرْضَاعِ وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ الْمُتْعَةَ مُخْتَصَّةٌ بِالتَّفْوِيضِ أَوْ الدُّخُولِ وَكِلَاهُمَا مُسْتَحِيلٌ فِيمَنْ هُوَ فِي سِنِّ الْإِرْضَاعِ. أَمَّا الدُّخُولُ فَوَاضِحٌ. وَأَمَّا التَّفْوِيضُ فَإِنَّهَا لَوْ زُوِّجَتْ وَجَبَ لَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ.

أُجِيبَ بِتَصَوُّرِ ذَلِكَ فِي أَمَةٍ صَغِيرَةٍ زَوَّجَهَا سَيِّدُهَا بِالتَّفْوِيضِ لِعَبْدٍ فَإِنَّ الْحُرَّ لَا يَنْكِحُ أَمَةً صَغِيرَةً، وَفِيمَا إذَا زَوَّجَ الْكَافِرُ ابْنَتَهُ الصَّغِيرَةَ كَافِرًا مُفَوَّضَةً وَكَانَ عِنْدَهُمْ أَنْ لَا مَهْرَ لِلْمُفَوَّضَةِ وَأَرْضَعَتْهَا أُمُّهُ أَوْ بِنْتُهُ ثُمَّ تَرَافَعَا إلَيْنَا فَإِنَّا نَقْضِي بِصِحَّةِ النِّكَاحِ وَلُزُومِ الْمُتْعَةِ. أَمَّا إذَا كَانَتْ الْفُرْقَةُ مِنْهَا أَوْ بِسَبَبِهَا كَرِدَّتِهَا وَإِسْلَامِهَا وَلَوْ تَبَعًا أَوْ فَسْخِهِ بِعَيْبِهَا فَلَا مُتْعَةَ لَهَا، سَوَاءٌ كَانَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ أَمْ بَعْدَهُ؛ لِأَنَّ الْمَهْرَ يَسْقُطُ بِذَلِكَ، وَوُجُوبُهُ آكَدُ مِنْ وُجُوبِ الْمُتْعَةِ بِدَلِيلِ أَنَّهُمَا لَوْ ارْتَدَّا مَعًا لَا مُتْعَةَ وَيَجِبُ الشَّطْرُ، وَالْفَرْقُ أَنَّ مِلْكَهَا لِلصَّدَاقِ سَابِقٌ عَلَى الرِّدَّةِ بِخِلَافِ الْمُتْعَةِ، وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ سُبِيَا مَعًا، وَلَوْ اشْتَرَاهَا الزَّوْجُ لَمْ تَسْتَحِقَّ مُتْعَةً وَإِنْ اسْتَدْعَى الزَّوْجُ شِرَاءَهَا؛ لِأَنَّهَا تَجِبُ بِالْفُرْقَةِ فَتَكُونُ لِلْمُشْتَرِي، فَلَوْ أَوْجَبْنَاهَا لَأَوْجَبْنَاهَا لَهُ عَلَى نَفْسِهِ فَلَمْ تَجِبْ، بِخِلَافِ الْمَهْرِ فَإِنَّهُ يَجِبُ بِالْعَقْدِ فَوَجَبَ لِلْبَائِعِ، وَتَجِبُ الْمُتْعَةُ لِسَيِّدِ الْأَمَةِ وَفِي كَسْبِ الْعَبْدِ كَالْمَهْرِ.

(وَيُسْتَحَبُّ أَنْ لَا تَنْقُصَ) الْمُتْعَةُ (عَنْ ثَلَاثِينَ دِرْهَمًا) أَوْ مَا قِيمَتُهُ ذَلِكَ. قَالَ فِي الْبُوَيْطِيِّ: وَهَذَا أَدْنَى الْمُسْتَحَبِّ، وَأَعْلَاهُ خَادِمٌ، وَأَوْسَطُهُ ثَوْبٌ اهـ.

وَيُسَنُّ أَنْ لَا تَبْلُغَ نِصْفَ مَهْرِ الْمِثْلِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْمُقْرِي: فَإِنْ بَلَغَتْهُ أَوْ جَاوَزَتْهُ جَازَ لِإِطْلَاقِ الْآيَةِ. قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ: وَلَا يَزِيدُ وُجُوبًا عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ، وَلَمْ يَذْكُرُوهُ اهـ.

وَمَحَلُّ ذَلِكَ مَا إذَا فَرَضَهُ الْحَاكِمُ، وَيَشْهَدُ لَهُ مِنْ كَلَامِ الْأَصْحَابِ نَظَائِرُ، مِنْهَا أَنَّ الْحَاكِمَ لَا يَبْلُغُ بِحُكُومَةِ عُضْوٍ مُقَدَّرَةٍ. وَمِنْهَا أَنْ لَا يَبْلُغَ بِالتَّعْزِيرِ الْحَدَّ وَغَيْرُ ذَلِكَ. أَمَّا إذَا اتَّفَقَ عَلَيْهَا الزَّوْجَانِ فَلَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ، وَيُحْمَلُ عَلَى هَذَا كَلَامُ مَنْ اعْتَرَضَ عَلَى الْبُلْقِينِيُّ وَقَالَ: الْأَوْجَهُ خِلَافُ كَلَامِهِ، بَلْ مُقْتَضَى النَّظَائِرِ أَنْ لَا يَصِلَ إلَى مَهْرِ الْمِثْلِ إذَا فَرَضَهَا الْقَاضِي وَهُوَ ظَاهِرٌ، ثُمَّ إنْ تَرَاضَيَا عَلَى شَيْءٍ فَذَاكَ.

(فَإِنْ تَنَازَعَا) فِي قَدْرِهَا (قَدَّرَهَا الْقَاضِي بِنَظَرِهِ) أَيْ اجْتِهَادِهِ بِحَسَبِ مَا يَلِيقُ بِالْحَالِ (مُعْتَبِرًا حَالَهُمَا) مِنْ يَسَارِ الزَّوْجِ وَإِعْسَارِهِ وَنَسَبِهَا وَصِفَاتِهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ} [البقرة: ٢٣٦] [الْبَقَرَةُ] {وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: ٢٤١] [الْبَقَرَةُ] (وَقِيلَ) يَعْتَبِرُ () فَقَطْ لِظَاهِرِ الْآيَةِ وَكَالنَّفَقَةِ (وَقِيلَ حَالَهَا) فَقَطْ لِأَنَّهَا كَالْبَدَلِ عَنْ الْمَهْرِ، وَهُوَ مُعْتَبَرٌ (وَقِيلَ) لَا يُقَدِّرُهَا بِشَيْءٍ، بَلْ الْوَاجِبُ (أَقَلُّ مَالٍ) مُتَمَوَّلٍ كَمَا يَجُوزُ جَعْلُهُ صَدَاقًا، وَفُرِّقَ بِأَنَّ الْمَهْرَ بِالتَّرَاضِي، وَعَلَى تَقْدِيرِهِ يَجِبُ مَا يُقَرِّرُهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>