كِتَابُ الْهِبَةِ
ــ
[مغني المحتاج]
[كِتَابُ الْهِبَةِ]
ِ تُقَالُ لِمَا يَعُمُّ الْهَدِيَّةَ وَالصَّدَقَةَ، وَلِمَا يُقَابِلُهُمَا، وَاسْتُعْمِلَ الْأَوَّلُ فِي تَعْرِيفِهَا وَالثَّانِي: فِي أَرْكَانِهَا وَسَيَأْتِي. وَالْأَصْلُ فِيهَا عَلَى الْأَوَّلِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا} [النساء: ٤] وَقَوْلُهُ {وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ} [البقرة: ١٧٧] وقَوْله تَعَالَى: {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ} [النساء: ٨٦] قِيلَ الْمُرَادُ مِنْهَا الْهِبَةُ، وَأَخْبَارٌ كَخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «لَا تَحْقِرَنَّ جَارَةٌ لِجَارَتِهَا وَلَوْ فِرْسِنَ شَاةٍ» أَيْ ظِلْفَهَا، وَانْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ عَلَى اسْتِحْبَابِ الْهِبَةِ بِجَمِيعِ أَنْوَاعِهَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} [المائدة: ٢] وَالْهِبَةُ: بِرٌّ، وَلِأَنَّهَا سَبَبُ التَّوَادِّ وَالتَّحَابِّ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «تَهَادَوْا تَحَابُّوا» وَقَبِلَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَدِيَّةَ الْمُقَوْقَسِ الْكَافِرِ وَتَسَرَّى مِنْ جُمْلَتِهَا بِمَارِيَةَ الْقِبْطِيَّةِ وَأَوْلَدَهَا، وَقَبِلَ هَدِيَّةَ النَّجَاشِيِّ الْمُسْلِمِ وَتَصَرَّفَ فِيهَا وَهَادَاهُ أَيْضًا " وَقَدْ يُعْرَضُ لَهَا أَسْبَابٌ تُخْرِجُهَا عَنْ ذَلِكَ: مِنْهَا الْهِبَةُ لِأَرْبَابِ الْوِلَايَاتِ وَالْعُمَّالِ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِمْ قَبُولُ الْهَدِيَّةِ مِنْ أَهْلِ وِلَايَاتِهِمْ مِمَّنْ لَيْسَتْ لَهُ عَادَةٌ بِذَلِكَ قَبْلَ الْوِلَايَةِ كَمَا هُوَ مُحَرَّرٌ فِي مَحَلِّهِ. وَمِنْهَا مَا لَوْ كَانَ الْمُتَّهَبُ يَسْتَعِينُ بِذَلِكَ عَلَى مَعْصِيَةٍ، وَصَرْفُهَا فِي الْأَقَارِبِ وَالْجِيرَانِ أَفْضَلُ مِنْ صَرْفِهَا فِي غَيْرِهِمْ لِمَا فِي الْأَوَّلِ مِنْ صِلَةِ الرَّحِمِ، وَلِمَا رُوِيَ فِي الثَّانِي مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute