للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَوْ اشْتَرَى عَبْدًا فَجَاءَ بِعَبْدٍ مَعِيبٍ لِيَرُدَّهُ فَقَالَ الْبَائِعُ لَيْسَ هَذَا الْمَبِيعُ صُدِّقَ الْبَائِعُ بِيَمِينِهِ وَفِي مِثْلِهِ فِي السَّلَمِ يُصَدَّقُ الْمُسْلِمُ فِي الْأَصَحِّ.

بَابٌ

ــ

[مغني المحتاج]

تَنْبِيهٌ هَذَا الِاخْتِلَافُ قَدْ عَلِمْتَ أَنَّهُ يَجْرِي فِي غَيْرِ الْبَيْعِ كَالنِّكَاحِ وَغَيْرِهِ، فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَلَوْ ادَّعَى صِحَّةَ الْعَقْدِ لَكَانَ أَوْلَى.

(وَلَوْ اشْتَرَى عَبْدًا) مَثَلًا مُعَيَّنًا وَقَبَضَهُ (فَجَاءَ بِعَبْدٍ مَعِيبٍ لِيَرُدَّهُ فَقَالَ الْبَائِعُ: لَيْسَ هَذَا الْمَبِيعُ صُدِّقَ الْبَائِعُ بِيَمِينِهِ) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ السَّلَامَةُ وَبَقَاءِ الْعَقْدِ (وَفِي مِثْلِهِ فِي السَّلَمِ) بِأَنْ يَقْبِضَ الْمُسْلِمُ الْمُؤَدَّى عَنْ الْمُسْلَمِ فِيهِ ثُمَّ يَأْتِي بِمَعِيبٍ فَيَقُولُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ لَيْسَ هَذَا الْمَقْبُوضُ (يُصَدَّقُ الْمُسْلِمُ فِي الْأَصَحِّ) بِيَمِينِهِ أَنَّ هَذَا هُوَ الْمَقْبُوضُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ شَغْلِ ذِمَّةِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ بِالْمُسْلَمِ فِيهِ، وَالثَّانِيَ: يُصَدَّقُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ كَالْبَيْعِ، وَفَرَّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الْمُدَّعِيَ هُنَا لَمْ يَعْتَرِفْ بِقَبْضِ مَا وَرَدَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ، وَالْأَصْلُ بَقَاءُ شَغْلِ ذِمَّةِ الْمُنْكِرِ، وَهُنَاكَ اعْتَرَفَ بِقَبْضِهِ وَوَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِي سَبَبِ الْفَسْخِ، وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ، وَقَيَّدْتُ الْعَبْدَ فِي كَلَامِهِ بِالْمُعَيَّنِ احْتِرَازًا عَنْ الْمَبِيعِ الْمَوْصُوفِ فِي الذِّمَّةِ فَإِنَّهُ كَالْمُسْلَمِ فِيهِ، وَالثَّمَنُ الْمُعَيَّنُ كَالْمَبِيعِ الْمُعَيَّنِ فَيُصَدَّقُ الْمُشْتَرِي فِي الْأَصَحِّ.

خَاتِمَةٌ: لَوْ قُبِضَ الْبَيْعُ مَثَلًا مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا ثُمَّ ادَّعَى نَقْصًا، فَإِنْ كَانَ قَدْرًا يَقَعُ مِثْلُهُ فِي الْكَيْلِ أَوْ الْوَزْنِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ لِاحْتِمَالِهِ مَعَ عَدَمِ مُخَالَفَتِهِ الظَّاهِرَ وَإِلَّا فَلَا يُصَدَّقُ لِمُخَالَفَتِهِ الظَّاهِرَ؛ وَلِأَنَّهُمَا اتَّفَقَا عَلَى الْقَبْضِ، وَالْقَابِضُ يَدَّعِي الْخَطَأَ فِيهِ فَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ كَمَا لَوْ اقْتَسَمَا ثُمَّ جَاءَ أَحَدُهُمَا وَادَّعَى الْخَطَأَ فِيهِ تَلْزَمُهُ الْبَيِّنَةُ، وَلَوْ بَاعَهُ أَوْ رَهَنَهُ عَصِيرًا فَوَجَدَهُ خَمْرًا أَوْ وَجَدَ فِيهِ فَأْرَةً مَيِّتَةً، وَقَالَ: هَكَذَا قَبْضَتُهُ مِنْك وَأَنْكَرَ الْبَائِعُ صُدِّقَ الْبَائِعُ بِيَمِينِهِ إنْ أَمْكَنَ صِدْقُهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْدَقَ عَدَمُ الْمُفْسِدِ، وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي الْقَبْضِ صُدِّقَ الْمُشْتَرِي، وَلَوْ بَاعَ شَخْصٌ شَيْئًا فَظَهَرَ أَنَّهُ كَانَ لِابْنِهِ أَوْ مُوَكِّلِهِ فَوَقَعَ اخْتِلَافٌ كَأَنْ قَالَ الِابْنُ: بَاعَ أَبِي مَالِي فِي الصِّغَرِ لِنَفْسِهِ مُتَعَدِّيًا، وَقَالَ الْمُوَكِّلُ بَاعَ وَكِيلِي مَالِي مُتَعَدِّيًا، وَقَالَ الْمُشْتَرِي لَمْ يَتَعَدَّ الْوَلِيُّ وَلَا الْوَكِيلُ صُدِّقَ الْمُشْتَرِي بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْأَبِ وَالْوَكِيلِ أَمِينٌ فَلَا يُتَّهَمُ إلَّا بِحُجَّةٍ.

[بَابٌ فِي مُعَامَلَةِ الرَّقِيقِ]

ِ ذَكَرَ الشَّيْخُ فِي التَّنْبِيهِ هَذَا الْبَابَ عَقِبَ الْقِرَاضِ لِمُشَارَكَتِهِ لَهُ فِي اتِّحَادِ الْمَقْصُودِ، وَهُوَ تَحْصِيلُ الرِّبْحِ بِالْإِذْنِ فِي التَّصَرُّفِ وَذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - هُنَا وَتَرْجَمَ لَهُ بِمُدَايَنَةِ الْعَبْدِ، وَتَبِعَهُ الرَّافِعِيُّ ثُمَّ تَبِعَهُمَا الْمُصَنِّفُ. قَالَ الْإِمَامُ: تَصَرُّفَاتُ الرَّقِيقِ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ: مَا لَا

<<  <  ج: ص:  >  >>