وَيُسْرَعُ بِهَا إنْ لَمْ يُخَفْ تَغَيُّرُهُ.
فَصْلٌ لِصَلَاتِهِ أَرْكَانٌ: أَحَدُهَا النِّيَّةُ، وَوَقْتُهَا كَغَيْرِهَا، وَتَكْفِي نِيَّةُ الْفَرْضِ، وَقِيلَ تُشْتَرَطُ نِيَّةُ فَرْضِ كِفَايَةٍ،
ــ
[مغني المحتاج]
فَإِنْ بَعُدَ عَنْهَا فَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ يُنْسَبُ إلَيْهَا بِأَنْ يَكُونَ التَّابِعُونَ كَثِيرِينَ حَصَلَتْ الْفَضِيلَةُ وَإِلَّا فَلَا، وَإِطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي اسْتِحْبَابِ التَّقَدُّمِ وَالتَّأَخُّرِ بَيْنَ الرَّاكِبِ وَالْمَاشِي، وَهُوَ مَا صَرَّحَا بِهِ فِي الشَّرْحَيْنِ وَالرَّوْضَةِ وَنَسَبَهُ فِي الْمَجْمُوعِ إلَى الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ، وَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي شَرْحِ الْمُسْنَدِ مِنْ أَنَّ الرَّاكِبَ يَكُونُ خَلْفَهَا بِالِاتِّفَاقِ تَبِعَ فِيهِ الْخَطَّابِيَّ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَهُوَ خَطَأٌ وَلَوْ مَشَى خَلْفَهَا حَصَلَ لَهُ فَضِيلَةُ أَصْلِ الْمُتَابَعَةِ وَفَاتَهُ كَمَالُهَا، وَلَوْ تَقَدَّمَ إلَى الْمَقْبَرَةِ لَمْ يُكْرَهْ، ثُمَّ هُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ قَامَ حَتَّى تُوضَعُ الْجِنَازَةُ وَإِنْ شَاءَ قَعَدَ، وَيُكْرَهُ رُكُوبُهُ فِي ذَهَابِهِ مَعَهَا لِمَا رَوَى التِّرْمِذِيُّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَأَى نَاسًا رُكَّابًا فِي جِنَازَةٍ فَقَالَ: أَلَا تَسْتَحْيُونَ إنَّ مَلَائِكَةَ اللَّهِ عَلَى أَقْدَامِهِمْ وَأَنْتُمْ عَلَى ظُهُورِ الدَّوَابِّ» هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ عُذْرٌ.
أَمَّا مَنْ بِهِ عُذْرٌ كَمَرَضٍ فَلَا، وَلَا كَرَاهَةَ فِي الرُّكُوبِ فِي الْعَوْدِ (وَيُسْرَعُ بِهَا) نَدْبًا لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أَسْرِعُوا بِالْجِنَازَةِ فَإِنْ تَكُ صَالِحَةً فَخَيْرٌ تُقَدِّمُونَهَا عَلَيْهِ وَإِنْ تَكُ سِوَى ذَلِكَ فَشَرٌّ تَضَعُونَهُ عَنْ رِقَابِكُمْ» هَذَا (إنْ لَمْ يُخَفْ تَغَيُّرُهُ) أَيْ الْمَيِّتِ بِالْإِسْرَاعِ وَإِلَّا فَيُتَأَنَّى بِهِ، وَالْإِسْرَاعُ فَوْقَ الْمَشْيِ الْمُعْتَادِ وَدُونَ الْخَبَبِ لِئَلَّا تَنْقَطِعَ الضُّعَفَاءُ، فَإِنْ خِيفَ تَغَيُّرُهُ بِالتَّأَنِّي زِيدَ فِي الْإِسْرَاعِ، وَيُكْرَهُ الْقِيَامُ لِلْجِنَازَةِ إذَا مَرَّتْ بِهِ وَلَمْ يُرِدْ الذَّهَابَ مَعَهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ وَجَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي خِلَافًا لِمَا جَرَى عَلَيْهِ الْمُتَوَلِّي مِنْ الِاسْتِحْبَابِ. قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ. قَالَ الْبَنْدَنِيجِيُّ: يُسْتَحَبُّ لِمَنْ مَرَّتْ بِهِ جِنَازَةٌ أَنْ يَدْعُوَ لَهَا وَيُثْنِيَ عَلَيْهَا إنْ كَانَتْ أَهْلًا لِذَلِكَ، وَأَنْ يَقُولَ: سُبْحَانَ الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ، سُبْحَانَ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ. وَرُوِيَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «مَنْ رَأَى جِنَازَةً فَقَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ صَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، هَذَا مَا وَعَدَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، اللَّهُمَّ زِدْنَا إيمَانًا وَتَسْلِيمًا كُتِبَ لَهُ عِشْرُونَ حَسَنَةً» . .
[فَصْلٌ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ الْمُسْلِمِ غَيْرِ الشَّهِيدِ]
[فَصْلٌ] فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ الْمُسْلِمِ غَيْرِ الشَّهِيدِ، وَهِيَ مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ كَمَا قَالَهُ الْفَاكِهَانِيُّ الْمَالِكِيُّ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ. قَالَ: وَكَذَا الْإِيصَاءُ بِالثُّلُثِ (لِصَلَاتِهِ أَرْكَانٌ) سَبْعَةٌ (أَحَدُهَا النِّيَّةُ) كَسَائِرِ الصَّلَوَاتِ، وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهَا فِي بَابِ صِفَةِ الصَّلَاةِ (وَوَقْتُهَا كَغَيْرِهَا) أَيْ كَوَقْتِ نِيَّةِ غَيْرِهَا مِنْ الصَّلَوَاتِ فِي وُجُوبِ قَرْنِ النِّيَّةِ بِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ (وَتَكْفِي) فِيهَا (نِيَّةُ) مُطْلَقِ (الْفَرْضِ) مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ الْكِفَايَةِ كَمَا تَكْفِي النِّيَّةُ فِي إحْدَى الْخَمْسِ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِفَرْضِ الْعَيْنِ (وَقِيلَ تُشْتَرَطُ نِيَّةُ فَرْضِ كِفَايَةٍ) لِيَتَمَيَّزَ عَنْ فَرْضِ الْعَيْنِ، وَلَعَلَّ هَذَا الْوَجْهَ فِيمَنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ عَلَيْهِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ، وَقَدْ عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ نِيَّةَ الْفَرْضِيَّةِ لَا بُدَّ مِنْهَا كَمَا فِي الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute