للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ عَلَّقَ بِأَكْلِ رَغِيفٍ أَوْ رُمَّانَةٍ فَبَقِيَ لُبَابَةٌ أَوْ حَبَّةٌ لَمْ يَقَعْ.

ــ

[مغني المحتاج]

السُّؤَالَ مُعَادٌ فِي الْجَوَابِ فَكَأَنَّهُ قَالَ: نَعَمْ طَلَّقْتُهَا، وَلِهَذَا كَانَ صَرِيحًا فِي الْإِقْرَارِ هَذَا إذَا اقْتَصَرَ عَلَى نَعَمْ، فَإِنْ قَالَ: نَعَمْ طَلَّقْت فَهُوَ صَرِيحٌ قَطْعًا، وَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى طَلَّقْت فَقِيلَ هُوَ كِنَايَةٌ؛ لِأَنَّ نَعَمْ تَتَعَيَّنُ لِلْجَوَابِ، وَقَوْلُهُ طَلَّقْت مُسْتَقِلٌّ بِنَفْسِهِ فَكَأَنَّهُ قَالَ ابْتِدَاءً طَلَّقْت، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ، وَهُوَ لَوْ قَالَ ابْتِدَاءً لَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَقِيلَ كَنَعَمْ، وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ: كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا.

تَنْبِيهٌ: لَوْ جَهِلَ حَالَ السُّؤَالِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ اسْتِخْبَارٌ، كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ.

فُرُوعٌ: لَوْ قَالَ شَخْصٌ لِآخَرَ فَعَلْت كَذَا فَأَنْكَرَ، فَقَالَ: إنْ كُنْت فَعَلْت كَذَا فَامْرَأَتُك طَالِقٌ، فَقَالَ: نَعَمْ وَكَانَ قَدْ فَعَلَهُ لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ: كَمَا فِي فَتَاوَى الْقَاضِي وَجَعَلَهُ الْبَغَوِيّ اسْتِدْعَاءَ طَلَاقٍ فَيَكُونُ كَمَا لَوْ قِيلَ لَهُ: طَلَّقْت امْرَأَتَك مُسْتَدْعِيًا مِنْهُ طَلَاقَهَا فَقَالَ: نَعَمْ، وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ، وَلَوْ قِيلَ: إنْ جَاءَ زَيْدٌ فَامْرَأَتُك طَالِقٌ، فَقَالَ: نَعَمْ لَمْ يَكُنْ تَعْلِيقًا، وَلَوْ قِيلَ لَهُ أَلَك زَوْجَةٌ، فَقَالَ: لَا لَمْ تَطْلُقْ وَإِنْ نَوَى؛ لِأَنَّهُ كَذِبٌ مَحْضٌ، وَهَذَا مَا نَقَلَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ عَنْ نَصِّ الْإِمْلَاءِ، وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْ الْأَصْحَابِ. ثُمَّ ذَكَرَ تَفَقُّهًا مَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ كِنَايَةٌ عَلَى الْأَصَحِّ، وَبِهِ صَرَّحَ الْمُصَنِّفُ فِي تَصْحِيحِهِ، وَأَنَّ لَهَا تَحْلِيفَهُ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ طَلَاقَهَا، وَعَلَيْهِ جَرَى الْأَصْفُونِيُّ وَالْحِجَازِيُّ فِي اخْتِصَارِهِمَا كَلَامَ الرَّوْضَةِ، وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ كَمَا جَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي فِي رَوْضِهِ، وَلَوْ قِيلَ لَهُ: أَطَلَّقْت ثَلَاثًا، فَقَالَ: قَدْ كَانَ بَعْضُ ذَلِكَ فَلَيْسَ إقْرَارًا بِالطَّلَاقِ لِاحْتِمَالِ جَرَيَانِ تَعْلِيقٍ أَوْ وَعْدٍ أَوْ مُخَاصَمَةٍ تَئُولُ إلَيْهِ، فَلَوْ فُسِّرَ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ قُبِلَ، وَلَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: مَا أَنْتِ لِي بِشَيْءٍ كَانَ لَغْوًا لَا يَقَعُ بِهِ طَلَاقٌ وَإِنْ نَوَى، وَلَوْ قَالَ: امْرَأَتِي طَلَّقَهَا زَوْجُهَا وَلَمْ تَتَزَوَّجْ غَيْرَهُ طَلُقَتْ.

[فَصْلٌ فِي أَنْوَاعٍ مِنْ التَّعْلِيقِ فِي الطَّلَاقِ]

(فَصْلٌ) فِي أَنْوَاعٍ مِنْ التَّعْلِيقِ، إذَا (عَلَّقَ) طَلَاقَ زَوْجَتِهِ (بِأَكْلِ رَغِيفٍ أَوْ رُمَّانَةٍ) عَيَّنَ كُلًّا مِنْهُمَا أَمْ لَا كَإِنْ أَكَلْت هَذَا الرَّغِيفَ أَوْ هَذِهِ الرُّمَّانَةِ فَأَنْتِ طَالِقٌ (فَبَقِيَ) مِنْ ذَلِكَ بَعْدَ أَكْلِهَا لَهُ (لُبَابَةٌ) مِنْ الرَّغِيفِ تَقَعُ مَوْقِعًا كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ (أَوْ حَبَّةٌ) مِنْ الرُّمَّانَةِ (لَمْ يَقَعْ) طَلَاقٌ؛ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ أَنَّهَا لَمْ تَأْكُلْ الرَّغِيفَ أَوْ الرُّمَّانَةَ وَإِنْ تَسَامَحَ أَهْلُ الْعُرْفِ فِي إطْلَاقِ أَكْلِ الرَّغِيفِ أَوْ الرُّمَّانَةِ فِي ذَلِكَ، أَمَّا اللُّبَابَةُ الَّتِي لَا تَقَعُ مَوْقِعًا كَفُتَاتِ الْخُبْزِ الَّذِي يُدَقُّ مُدْرَكُهُ لَا يَظْهَرُ لَهُ أَثَرٌ فِي بِرٍّ وَلَا حِنْثٍ، وَلِهَذَا عَبَّرَ فِي الْمُحَرَّرِ بِكِسْرَةٍ، وَمِثْلُ ذَلِكَ يَأْتِي فِي الرُّمَّانَةِ فِيمَا إذَا بَقِيَ بَعْضُ حَبَّةٍ وَفِي التَّمْرَةِ الْمُعَلَّقِ بِأَكْمَلِهَا إذَا بَقِيَ قَمَعَهَا أَوْ شَيْءٌ مِمَّا جَرَتْ الْعَادَةُ بِتَرْكِهِ.

فُرُوعٌ: لَوْ قَالَ لَهَا: إنْ أَكَلْت أَكْثَرَ مِنْ رَغِيفٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ حَنِثَ بِأَكْلِهَا رَغِيفًا وَأَدَمًا، أَوْ قَالَ: إنْ أَكَلْت الْيَوْمَ إلَّا رَغِيفًا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأَكَلَتْ رَغِيفًا وَفَاكِهَةً حَنِثَ، وَلَوْ قَالَ لَهَا: إنْ لَبِسْت قَمِيصَيْنِ فَأَنْتِ طَالِقٌ طَلُقَتْ بِلُبْسِهِمَا وَلَوْ مُتَوَالِيَيْنِ، وَلَوْ قَالَ لَهَا نِصْفَ اللَّيْلِ مَثَلًا، إنْ بِتّ عِنْدَك

<<  <  ج: ص:  >  >>