للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَوْ أَكَلَا تَمْرًا وَخَلَطَا نَوَاهُمَا فَقَالَ إنْ لَمْ تُمَيِّزِي نَوَاك فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَجَعَلَتْ كُلَّ نَوَاةٍ وَحْدَهَا لَمْ يَقَعْ إلَّا أَنْ يَقْصِدَ تَعْيِينًا وَلَوْ كَانَ بِفَمِهَا تَمْرَةٌ فَعَلَّقَ بِبَلْعِهَا ثُمَّ بِرَمْيِهَا ثُمَّ بِإِمْسَاكِهَا فَبَادَرَتْ مَعَ فَرَاغِهِ بِأَكْلِ بَعْضٍ وَرَمْيِ بَعْضٍ لَمْ يَقَعْ.

ــ

[مغني المحتاج]

فَأَنْتِ طَالِقٌ فَبَاتَ عِنْدَهَا بَقِيَّةَ اللَّيْلِ حَنِثَ لِلْقَرِينَةِ، وَإِنْ اقْتَضَى الْمَبِيتُ أَكْثَرَ اللَّيْلِ، وَلَوْ قَالَ لَهَا إنْ نِمْت عَلَى ثَوْبٍ لَك فَأَنْتِ طَالِقٌ فَتَوَسَّدَ مِخَدَّتَهَا مَثَلًا لَمْ يَحْنَثْ كَمَا لَوْ وَضَعَ عَلَيْهَا يَدَيْهِ أَوْ رِجْلَيْهِ، وَلَوْ قَالَ لَهَا: إنْ قَتَلْت زَيْدًا غَدًا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَضَرَبَهُ الْيَوْمَ وَمَاتَ مِنْهُ غَدًا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّ الْقَتْلَ هُوَ الْفِعْلُ الْمُفَوِّتُ لِلرُّوحِ وَلَمْ يُوجَدْ، وَلَوْ قَالَ لَهَا: إنْ كَانَ عِنْدَك نَارٌ فَأَنْتِ طَالِقٌ حَنِثَ بِوُجُودِ السِّرَاجِ عِنْدَهَا، وَلَوْ قَالَ لَهَا: إنْ جُعْت يَوْمًا فِي بَيْتِي فَأَنْتِ طَالِقٌ فَجَاعَتْ يَوْمًا بِصَوْمٍ لَمْ تَطْلُقْ، بِخِلَافِ مَا لَوْ جَاعَتْ يَوْمًا بِلَا صَوْمٍ فَإِنَّهَا تَطْلُقُ، وَلَوْ قَالَ لَهَا: إنْ لَمْ يَكُنْ وَجْهُك أَحْسَنَ مِنْ الْقَمَرِ فَأَنْتِ طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ وَإِنْ كَانَتْ، زِنْجِيَّةً لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} [التين: ٤] : نَعَمْ إنْ أَرَادَ بِالْحُسْنِ الْجَمَالَ وَكَانَتْ قَبِيحَةَ الشَّكْلِ حَنِثَ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَلَوْ قَالَ لَهَا: إنْ قَصَدْتُك بِالْجِمَاعِ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَقَصَدَتْهُ هِيَ فَجَامَعَهَا لَمْ يَحْنَثْ، فَإِنْ قَالَ لَهَا: إنْ قَصَدْت جِمَاعَك فَأَنْتِ طَالِقٌ فَقَصَدَتْهُ فَجَامَعَهَا حَنِثَ (وَلَوْ أَكَلَا) أَيْ الزَّوْجَانِ (تَمْرًا) مَثَلًا (وَخَلَطَا نَوَاهُمَا، فَقَالَ) الزَّوْجُ لَهَا فَوْرًا أَمْ لَا (إنْ لَمْ تُمَيِّزِي نَوَاكِ) أَيْ نَوَى مَا أَكَلْته عَنْ نَوَى مَا أَكَلْته (فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَجَعَلَتْ كُلَّ نَوَاةٍ وَحْدَهَا) بِحَيْثُ لَا تَجْتَمِعُ مَعَ أُخْرَى (لَمْ يَقَعْ) طَلَاقٌ لِأَنَّ بِذَلِكَ يَتَمَيَّزُ نَوَى أَحَدِهِمَا (إلَّا أَنْ يَقْصِدَ تَعْيِينًا) لِنَوَاهَا عَنْ نَوَاهُ فَلَا يَتَخَلَّصُ مِنْ الْيَمِينِ بِمَا فَعَلَتْ بَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ حِينَئِذٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الْمُلَقَّنِ، وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ التَّعْلِيقِ بِالْمُسْتَحِيلِ عَادَةً لِتَعَذُّرِهِ، وَفِي الْكَافِي: لَوْ قَالَ: إنْ لَمْ تُخْبِرِينِي بِنَوَايَ أَوْ إنْ لَمْ تُشِيرِي إلَى نَوَايَ فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَالطَّرِيقُ فِي الْخَلَاصِ أَنْ تَعُدَّ النَّوَى عَلَيْهِ وَاحِدَةً وَاحِدَةً، وَتَقُولُ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ هَذِهِ نَوَاتُكَ (وَلَوْ كَانَ بِفَمِهَا تَمْرَةٌ) مَثَلًا (فَعَلَّقَ) طَلَاقَهَا (بِبَلْعِهَا ثُمَّ بِرَمْيِهَا ثُمَّ بِإِمْسَاكِهَا) كَقَوْلِهِ: إنْ بَلَعْتهَا فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَإِنْ رَمَيْتهَا فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَإِنْ أَمْسَكْتهَا فَأَنْتِ طَالِقٌ (فَبَادَرَتْ مَعَ) أَيْ عَقِبَ (فَرَاغِهِ) مِنْ التَّعْلِيقِ (بِأَكْلِ بَعْضٍ) مِنْهَا (وَرَمْيِ بَعْضٍ) مِنْهَا (لَمْ يَقَعْ) طَلَاقٌ؛ لِأَنَّ أَكْلَ الْبَعْضِ وَرَمْيَ الْبَعْضِ مُغَايِرٌ لِهَذِهِ الثَّلَاثَةِ.

تَنْبِيهٌ: أَشْعَرَ كَلَامُهُ بِاشْتِرَاطِ الْأَمْرَيْنِ، وَلَيْسَ مُرَادًا، بَلْ الشَّرْطُ الْمُبَادَرَةُ بِأَحَدِهِمَا، وَأَشَارَ بِثُمَّ إلَى اشْتِرَاطِ تَأْخِيرِ يَمِينِ الْإِمْسَاكِ، فَإِنْ تَقَدَّمَ أَوْ تَوَسَّطَ فِي الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ حَنِثَ، وَلَا حَاجَةَ لِثُمَّ فِي يَمِينِ الرَّمْيِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ تَقْدِيمُهَا عَلَى يَمِينِ الِابْتِلَاعِ، وَإِنَّمَا الْمُحْتَاجُ إلَيْهِ فِي التَّخَلُّصِ مِنْ الْحِنْثِ الْمُبَادَرَةُ الْمَذْكُورَةُ؛ لِأَنَّهَا لَوْ لَمْ تُبَادِرْ كَانَتْ، مُمْسِكَةً فَيَحْصُلُ الْحِنْثُ، وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ الْحِنْثَ بِأَكْلِ جَمِيعِهَا، وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّ الِابْتِلَاعَ أَكْلٌ، قَالَ ابْنُ النَّقِيبِ: وَهُوَ وَاضِحٌ، لَكِنْ لَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَهُ، وَقَدْ يُنَازَعُ فِيهِ إذَا ذَكَرَ التَّمْرَةَ فِي يَمِينِهِ. فَإِنَّ الْأَكْلَ فِيهِ مَضْغٌ يُزِيلُ اسْمَ التَّمْرَةِ فَلَمْ تَبْلُغْ تَمْرَةً، وَأَمَّا عَكْسُهُ، وَهُوَ قَوْلُهُ: إنْ أَكَلْت فَابْتَلَعَتْ، فَاَلَّذِي جَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي تَبَعًا

<<  <  ج: ص:  >  >>