للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَوْ

اتَّهَمَهَا بِسَرِقَةٍ فَقَالَ إنْ لَمْ تَصْدُقِينِي فَأَنْتِ طَالِقٌ فَقَالَتْ سَرَقْت مَا سَرَقْت لَمْ تَطْلُقْ.

وَلَوْ قَالَ: إنْ لَمْ تُخْبِرِينِي بِعَدَدِ حَبِّ هَذِهِ الرُّمَّانَةِ قَبْلَ كَسْرِهَا فَالْخَلَاصُ أَنْ تَذْكُرَ عَدَدًا يُعْلَمُ أَنَّهَا لَا تَنْقُصُ عَنْهُ ثُمَّ تَزِيدَ وَاحِدًا وَاحِدًا حَتَّى تَبْلُغَ مَا يُعْلَمُ أَنَّهَا لَا تَزِيدُ عَلَيْهِ، وَالصُّورَتَانِ فِيمَنْ لَمْ يَقْصِدْ تَعْرِيفًا.

ــ

[مغني المحتاج]

لِأَصْلِهِ فِي هَذَا الْبَابِ أَنَّهُ لَوْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِالْأَكْلِ فَابْتَلَعَتْ لَمْ يَحْنَثْ؛ لِأَنَّهُ يُقَالُ: ابْتَلَعَ وَلَمْ يَأْكُلْ، وَوَقَعَ لَهُ كَأَصْلِهِ فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ عَكْسُ هَذَا. وَاخْتَلَفَ الْمُتَأَخِّرُونَ فَمِنْهُمْ مَنْ ضَعَّفَ أَحَدَ الْمَوْضِعَيْنِ، وَمِنْهُمْ مَنْ جَمَعَ، وَفَرَّقَ بِأَنَّ الطَّلَاقَ مَبْنِيٌّ عَلَى اللُّغَةِ، وَالْبَلْعُ لَا يُسَمَّى أَكْلًا، وَالْأَيْمَانُ مَبْنَاهَا عَلَى الْعُرْفِ، وَالْبَلْعُ فِيهِ يُسَمَّى أَكْلًا، وَهَذَا أَوْلَى مِنْ تَضْعِيفِ أَحَدِ الْمَوْضِعَيْنِ.

(وَلَوْ) عَلَّقَ طَلَاقَهَا وَهِيَ عَلَى سُلَّمٍ بِالصُّعُودِ وَبِالنُّزُولِ ثُمَّ بِالْمُكْثِ فَوَثَبَتْ أَوْ انْتَقَلَتْ إلَى سُلَّمٍ آخَرَ، أَوْ اضْطَجَعَ السُّلَّمُ وَهِيَ عَلَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ، وَتَقُومُ مِنْ مَوْضِعِهَا أَوْ حُمِلَتْ وَصَعَدَ بِهَا الْحَامِلُ أَوْ نَزَلَ بِغَيْرِ أَمْرِهَا فَوْرًا فِي الْجَمِيعِ لَمْ تَطْلُقْ، أَمَّا لَوْ حُمِلَتْ بِأَمْرِهَا فَيَحْنَثُ، نَعَمْ إنْ حَمَلَهَا بِلَا صُعُودٍ وَنُزُولٍ بِأَنْ يَكُونَ وَاقِفًا عَلَى الْأَرْضِ أَوْ نَحْوِهَا فَلَا أَثَرَ لِأَمْرِهَا.

وَإِنْ (اتَّهَمَهَا) أَيْ زَوْجَتَهُ (بِسَرِقَةٍ، فَقَالَ) لَهَا (إنْ لَمْ تَصْدُقِينِي) فِي أَمْرِ هَذِهِ السَّرِقَةِ (فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَقَالَتْ) لَهُ قَوْلَيْنِ: أَحَدُهُمَا، (سَرَقْت) وَالْآخَرُ (مَا سَرَقْت لَمْ تَطْلُقْ) لِأَنَّهَا صَادِقَةٌ فِي أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ.

(وَلَوْ قَالَ) لَهَا: (إنْ لَمْ تُخْبِرِينِي) صَادِقَةً (بِعَدَدِ حَبِّ هَذِهِ الرُّمَّانَةِ قَبْلَ كَسْرِهَا) فَأَنْتِ طَالِقٌ (فَالْخَلَاصُ) مِنْ الْيَمِينِ (أَنْ تَذْكُرَ) لَهُ (عَدَدًا يُعْلَمُ أَنَّهَا) أَيْ الرُّمَّانَةَ (لَا تَنْقُصُ عَنْهُ) كَمِائَةٍ (ثُمَّ تَزِيدَ وَاحِدًا وَاحِدًا) فَتَقُولَ مِائَةٌ وَوَاحِدٌ وَاثْنَانِ وَهَكَذَا (حَتَّى تَبْلُغَ مَا) أَيْ عَدَدًا لِلرُّمَّانَةِ (يُعْلَمُ أَنَّهَا لَا تَزِيدُ عَلَيْهِ) أَيْ انْتَهَتْ إلَيْهِ مِنْ عَدَدِ حَبِّهَا فَتَكُونُ مُخْبِرَةً بِعَدَدِهَا (وَالصُّورَتَانِ) هَذِهِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا (فِيمَنْ لَمْ يَقْصِدْ تَعْرِيفًا) فَإِنْ قَصَدَهُ لَمْ تَخْلُصْ مِنْ الْيَمِينِ بِمَا ذَكَرَتْهُ. فَإِنْ قِيلَ: الشِّقُّ الْأَوَّلُ يُشْكِلُ بِمَا قَالُوا مِنْ أَنَّ الْخَبَرَ يَعُمُّ الصِّدْقَ وَالْكَذِبَ وَالسَّارَّ وَغَيْرَهُ، فَقَدْ قَالُوا: لَوْ قَالَ لِنِسَائِهِ مَنْ أَخْبَرَتْنِي مِنْكُنَّ بِقُدُومِ زَيْدٍ فَهِيَ طَالِقٌ، فَأَخْبَرَتْهُ امْرَأَتُهُ وَهِيَ كَاذِبَةٌ أَوْ بَعْدَ عِلْمِهِ بِهِ مِنْ غَيْرِهِنَّ طَلُقَتْ.

أُجِيبَ بِأَنَّ لِلرُّمَّانَةِ وَنَحْوِهَا عَدَدًا خَاصًّا وَقَدْ عَلَّقَ بِهِ، فَإِذَا أَخْبَرَتْهُ بِعَدَدِ حَبِّهَا كَاذِبَةً لَمْ تُخْبِرْ بِهِ بِخِلَافِ قُدُومِ زَيْدٍ فَيَصْدُقُ بِالْخَبَرِ الْكَاذِبِ، وَأَمَّا الْبِشَارَةُ فَإِنَّهَا تَخْتَصُّ بِالْخَبَرِ الْأَوَّلِ السَّارِّ الصَّادِقِ قَبْلَ الشُّعُورِ، فَإِذَا قَالَ لِنِسَائِهِ: مَنْ بَشَّرَتْنِي مِنْكُنَّ بِكَذَا فَهِيَ طَالِقٌ فَأَخْبَرَتْهُ امْرَأَتُهُ بِذَلِكَ ثَانِيًا بَعْدَ إخْبَارِ غَيْرِهَا أَوْ كَانَ غَيْرَ سَارٍّ بِأَنْ كَانَ بِسُوءٍ أَوْ وَهِيَ كَاذِبَةٌ أَوْ بَعْدَ عِلْمِهِ بِهِ مِنْ غَيْرِهِنَّ لَمْ تَطْلُقْ لِعَدَمِ وُجُودِ الصِّفَةِ، نَعَمْ مَحَلُّ اعْتِبَارِ كَوْنِهِ سَارًّا إذَا أَطْلَقَ، كَقَوْلِهِ: مَنْ بَشَّرَتْنِي بِخَبَرٍ أَوْ أَمْرٍ عَنْ زَيْدٍ، فَإِنْ قَيَّدَ كَقَوْلِهِ: مَنْ بَشَّرَتْنِي بِقُدُومِ زَيْدٍ فَهِيَ طَالِقٌ اكْتَفَى بِصِدْقِ الْخَبَرِ، وَإِنْ كَانَ كَارِهًا كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ.

وَلَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: إنْ لَمْ تَعُدِّي جَوْزَ هَذِهِ الشَّجَرَةِ الْيَوْمَ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَقِيلَ يَتَخَلَّصُ مِنْ الْحِنْثِ بِأَنْ تَفْعَلَ مَا ذَكَرَ آنِفًا، وَقِيلَ: يَجِبُ أَنْ تَبْتَدِئَ مِنْ الْوَاحِدِ وَتَزِيدَ حَتَّى تَنْتَهِيَ إلَى الْعِلْمِ بِمَا ذَكَرَ، وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ؛ لِأَنَّهَا إذَا لَمْ تَبْدَأْ بِالْوَاحِدِ لَهُ تَعُدَّ جَوْزَهَا.

فُرُوعٌ: لَوْ سَقَطَ حَجَرٌ مِنْ عُلُوٍّ، فَقَالَ لِزَوْجَتِهِ: إنْ لَمْ تُخْبِرِينِي السَّاعَةَ مَنْ رَمَاهُ فَأَنْتِ

<<  <  ج: ص:  >  >>