وَلَوْ قَالَ لِثَلَاثٍ: مَنْ لَمْ تُخْبِرْنِي بِعَدَدِ رَكَعَاتِ فَرَائِضِ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ فَقَالَتْ وَاحِدَةٌ سَبْعَ عَشْرَةَ، وَأُخْرَى خَمْسَ عَشْرَةَ: أَيْ يَوْمَ جُمُعَةٍ، وَثَالِثَةٌ إحْدَى عَشْرَةَ: أَيْ لِمُسَافِرٍ لَمْ يَقَعْ.
ــ
[مغني المحتاج]
طَالِقٌ وَلَمْ يُرِدْ تَعْيِينًا، فَقَالَتْ: مَخْلُوقٌ لَا آدَمِيٌّ لَمْ يَحْنَثْ لِأَنَّهَا صَادِقَةٌ بِالْإِخْبَارِ، وَلَمْ يَتَخَلَّصْ مِنْ الْحِنْثِ بِقَوْلِهَا رَمَاهُ آدَمِيٌّ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ رَمَاهُ كَلْبٌ أَوْ رِيحٌ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ سَبَبَ الْحِنْثِ وُجِدَ وَشَكَكْنَا فِي الْمَانِعِ، وَشُبِّهَ بِمَا لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إلَّا أَنْ يَشَاءَ زَيْدٌ الْيَوْمَ، فَمَضَى الْيَوْمُ وَلَمْ تُعْرَفْ مَشِيئَتُهُ، وَلَوْ قَالَ لَهَا: إنْ لَمْ أَقُلْ كَمَا تَقُولِينَ فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَقَالَتْ لَهُ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا، فَخَلَاصُهُ مِنْ الْحِنْثِ أَنْ يَقُولَ: أَنْتِ طَالِقُ ثَلَاثًا إنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا مِنْ وَثَاقٍ، أَوْ أَنْتِ قُلْت أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا، وَلَوْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا وَهِيَ فِي مَاءٍ جَارٍ بِالْخُرُوجِ مِنْهُ، وَبِاللُّبْثِ بِأَنْ قَالَ لَهَا: إنْ خَرَجْت مِنْهُ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَإِنْ لَبِثْتِ فِيهِ فَأَنْتِ طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ خَرَجَتْ أَوْ لَبِثَتْ لِأَنَّهُ بِجَرَيَانِهِ يُفَارِقُهَا، فَإِنْ قَالَ لَهَا ذَلِكَ وَهِيَ فِي مَاءٍ رَاكِدٍ، فَخَلَاصُهُ مِنْ الْحِنْثِ أَنْ تُحْمَلَ مِنْهُ فَوْرًا، وَلَوْ قَالَ لَهَا: إنْ أَرَقْت مَاءَ هَذَا الْكُوزِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَإِنْ شَرِبْته أَنْتِ أَوْ غَيْرُك فَأَنْتِ طَالِقٌ، ثُمَّ إنْ تَرَكْته فَأَنْتِ طَالِقٌ فَبَلَّتْ بِهِ خِرْقَةً وَضَعَتْهَا فِيهِ أَوْ بَلَّتْهَا بِبَعْضِهِ أَوْ شَرِبَتْ هِيَ أَوْ غَيْرُهَا بَعْضَهُ لَمْ تَطْلُقْ، وَلَوْ قَالَ لَهَا: إنْ خَالَفْت أَمْرِي فَأَنْتِ طَالِقٌ فَخَالَفَتْ نَهْيَهُ كَأَنْ قَالَ لَهَا: لَا تَقُومِي فَقَامَتْ لَمْ تَطْلُقْ كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي فِي رَوْضِهِ؛ لِأَنَّهَا خَالَفَتْ نَهْيَهُ دُونَ أَمْرِهِ. قَالَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ: وَفِيهِ نَظَرٌ بِسَبَبِ الْعُرْفِ، وَلَوْ قَالَ لَهَا: إنْ خَالَفْت نَهْيِي فَأَنْتِ طَالِقٌ فَخَالَفَتْ أَمْرَهُ، كَأَنْ قَالَ: قُومِي فَرَقَدَتْ طَلُقَتْ كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي فِي رَوْضِهِ أَيْضًا، لِأَنَّ الْأَمْرَ بِالشَّيْءِ نَهْيٌ عَنْ ضِدِّهِ. قَالَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَهَذَا فَاسِدٌ، إذْ لَيْسَ الْأَمْرُ بِالشَّيْءِ نَهْيًا عَنْ ضِدِّهِ فِيمَا يَخْتَارُهُ، وَإِنْ كَانَ: أَيْ نَهْيًا عَنْ ضِدِّهِ. فَالْيَمِينُ لَا تُبْنَى عَلَيْهِ، بَلْ عَلَى اللُّغَةِ وَالْعُرْفِ، وَلَوْ قَالَ لَهَا: زَنَيْت فَأَنْكَرَتْ، فَقَالَ: إنْ كُنْت زَنَيْت فَأَنْتِ طَالِقٌ طَلُقَتْ حَالًا بِإِقْرَارِهِ السَّابِقِ، وَلَوْ قِيلَ لِزَانٍ: زَنَيْت، فَقَالَ: مَنْ زَنَى فَزَوْجَتُهُ طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ زَوْجَتُهُ إنْ قَصَدَ ذَمَّ الزَّانِي لَا إيقَاعَ الطَّلَاقِ.
(وَلَوْ قَالَ لِثَلَاثٍ) مِنْ زَوْجَاتِهِ (مَنْ لَمْ تُخْبِرْنِي) مِنْكُنَّ (بِعَدَدِ رَكَعَاتِ فَرَائِضِ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ) فَهِيَ طَالِقٌ (فَقَالَتْ وَاحِدَةٌ) مِنْهُنَّ عَدَدَ رَكَعَاتِ فَرَائِضِهَا (سَبْعَ عَشْرَةَ) رَكْعَةً بِنَاءً عَلَى الْغَالِبِ (وَ) قَالَتْ (أُخْرَى) أَيْ ثَانِيَةً مِنْهُنَّ (خَمْسَ عَشْرَةَ: أَيْ يَوْمَ جُمُعَةٍ، وَ) قَالَتْ (ثَالِثَةٌ) مِنْهُنَّ (إحْدَى عَشْرَةَ: أَيْ لِمُسَافِرٍ لَمْ يَقَعْ) عَلَى وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ طَلَاقٌ لِصِدْقِ الْكُلِّ، نَعَمْ إنْ أَرَادَ أَحَدَ هَذِهِ الْأَيَّامِ عَيْنًا فَالْحَلِفُ عَلَى مَا أَرَادَهُ.
فُرُوعٌ: لَوْ قَالَ: لِزَوْجَتِهِ: إنْ خَرَجْت إلَّا بِإِذْنِي فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأَذِنَ لَهَا وَهِيَ لَا تَعْلَمُ أَوْ كَانَتْ، مَجْنُونَةً أَوْ صَغِيرَةً فَخَرَجَتْ لَمْ تَطْلُقْ؛ لِأَنَّ إنْ لَا تَقْتَضِي التَّكْرَارَ، فَصَارَ كَمَا لَوْ قَالَ: إنْ خَرَجْتِ مَرَّةً بِغَيْرِ إذْنِي فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ إنْ خَرَجْت لَابِسَةً ثَوْبَ حَرِيرٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَخَرَجَتْ مِنْ غَيْرِ ثَوْبِ حَرِيرٍ ثُمَّ خَرَجَتْ لَابِسَةً ثَوْبَ حَرِيرٍ فَإِنَّهَا تَطْلُقُ، وَالْفَرْقِ أَنَّ خُرُوجَهَا بِلَا ثَوْبِ حَرِيرٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute