كِتَابُ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ الْأَرْضُ الَّتِي لَمْ تُعَمَّرْ قَطُّ إنْ كَانَتْ بِبِلَادِ الْإِسْلَامِ؛ فَلِلْمُسْلِمِ تَمَلُّكُهَا بِالْإِحْيَاءِ.
ــ
[مغني المحتاج]
[كِتَابُ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ]
ِ، وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ: الْمَوَاتُ الْأَرْضُ الَّتِي لَا مَاءَ لَهَا، وَلَا يَنْتَفِعُ بِهَا أَحَدٌ. وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ: حَدُّ الْمَوَاتِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ مَا لَمْ يَكُنْ عَامِرًا وَلَا حَرِيمًا لِعَامِرٍ - قَرُبَ مِنْ الْعَامِرِ أَوْ بَعُدَ - وَكَلَامُ الْمَتْنِ يُوَافِقُ ذَلِكَ حَيْثُ قَالَ هُنَا: (الْأَرْضُ الَّتِي لَمْ تُعَمَّرْ قَطُّ) وَقَالَ فِيمَا بَعْدُ: وَلَا يُمْلَكُ بِالْإِحْيَاءِ حَرِيمُ مَعْمُورٍ.
وَالْأَصْلُ فِيهِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ أَخْبَارٌ، كَخَبَرِ «مَنْ عَمَّرَ أَرْضًا لَيْسَتْ لِأَحَدٍ فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَالتَّمْلِيكُ بِهِ مُسْتَحَبٌّ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْمُهَذَّبِ، وَوَافَقَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ لِحَدِيثِ «مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيْتَةً فَلَهُ فِيهَا أَجْرٌ، وَمَا أَكَلَتْ الْعَوَافِي - أَيْ: طُلَّابُ الرِّزْقِ - مِنْهَا فَهُوَ صَدَقَةٌ» رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ.
قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَهُوَ قِسْمَانِ: أَصْلِيٌّ وَهُوَ مَا لَمْ يُعَمَّرْ قَطُّ، وَطَارِئٌ وَهُوَ مَا خَرِبَ بَعْدَ عِمَارَةِ الْجَاهِلِيَّةِ، وَلَا يُشْتَرَطُ فِي نَفْيِ الْعِمَارَةِ التَّحَقُّقُ، بَلْ يَكْفِي عَدَمُ تَحَقُّقِهَا بِأَنْ لَا يُرَى أَثَرُهَا، وَلَا دَلِيلَ عَلَيْهَا مِنْ أَصْلِ شَجَرٍ وَنَهْرٍ وَجُدُرٍ وَأَوْتَادٍ، وَنَحْوِهَا. (إنْ كَانَتْ) تِلْكَ الْأَرْضُ (بِبِلَادِ الْإِسْلَامِ؛ فَلِلْمُسْلِمِ) أَيْ: يَجُوزُ لَهُ (تَمَلُّكُهَا بِالْإِحْيَاءِ) وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِيهِ الْإِمَامُ اكْتِفَاءً بِإِذْنِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا وَرَدَتْ بِهِ الْأَحَادِيثُ الْمَشْهُورَةُ، وَلِأَنَّهُ مُبَاحٌ كَالِاحْتِطَابِ وَالِاصْطِيَادِ، لَكِنْ يُسْتَحَبُّ اسْتِئْذَانُهُ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ.
نَعَمْ لَوْ حَمَى الْإِمَامُ لِنَعَمِ الصَّدَقَةِ مَوْضِعًا مِنْ الْمَوَاتِ فَأَحْيَاهُ شَخْصٌ؛ لَمْ يَمْلِكْهُ إلَّا بِإِذْنِ الْإِمَامِ؛ لِمَا فِيهِ مِنْ الِاعْتِرَاضِ عَلَى الْأَئِمَّةِ.
تَنْبِيهٌ تَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ بِالتَّمَلُّكِ قَدْ يُفْهِمُ التَّكْلِيفَ؛ لِأَنَّ الصَّبِيَّ وَالْمَجْنُونَ لَا يَتَمَلَّكَانِ بَلْ يُمَلَّكَانِ، وَكَلَامُ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ يُفْهِمُهُ، لَكِنَّ الْأَصَحَّ أَنَّهُ لَا فَرْقَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute