وَلَوْ قَالَ كُلٌّ مِنْهُمَا بِعْتُكَهُ بِكَذَا وَأَقَامَاهُمَا، فَإِنْ اتَّحَدَ تَارِيخُهُمَا تَعَارَضَتَا، وَإِنْ اخْتَلَفَ لَزِمَهُ الثَّمَنَانِ وَكَذَا إنْ أَطْلَقَتَا أَوْ إحْدَاهُمَا فِي الْأَصَحِّ.
وَلَوْ مَاتَ عَنْ ابْنَيْنِ مُسْلِمٍ وَنَصْرَانِيٍّ فَقَالَ كُلٌّ مِنْهُمَا: مَاتَ عَلَى دِينِي، فَإِنْ عُرِفَ أَنَّهُ كَانَ نَصْرَانِيًّا صُدِّقَ النَّصْرَانِيُّ، فَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ مُطْلَقَتَيْنِ قُدِّمَ الْمُسْلِمُ، وَإِنْ قَيَّدَتْ أَنَّ آخِرَ كَلَامِهِ إسْلَامٌ وَعَكَسَتْهُ الْأُخْرَى تَعَارَضَتَا، وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ دِينُهُ وَأَقَامَ كُلٌّ بَيِّنَةً أَنَّهُ مَاتَ عَلَى دِينِهِ تَعَارَضَتَا.
ــ
[مغني المحتاج]
تَنْبِيهٌ مَا أَطْلَقَهُ فِي الْمَتْنِ حَيْثُ لَمْ يُصَدِّقْ الْبَائِعُ أَحَدَهُمَا، فَإِنْ صَدَّقَهُ فَعَلَى الْأَصَحِّ وَهُوَ سُقُوطُ الْبَيِّنَتَيْنِ يُسَلَّمُ الْمُدَّعَى بِهِ لِلْمُصَدَّقِ. ثُمَّ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ عَكْسَ هَذِهِ الصُّورَةِ فِي قَوْلِهِ.
(وَلَوْ) (قَالَ: كُلٌّ مِنْهُمَا:) أَيْ الْمُتَدَاعِيَيْنِ لِثَالِثٍ (بِعْتُكَهُ) أَيْ الثَّوْبَ مَثَلًا (بِكَذَا) وَهُوَ مِلْكِي (وَأَقَامَاهُمَا) أَيْ أَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا بَيِّنَةً بِمَا قَالَهُ وَطَالَبَهُ بِالثَّمَنِ (فَإِنْ) لَمْ يُمْكِنْ الْجَمْعُ كَأَنْ (اتَّحَدَ تَارِيخُهُمَا تَعَارَضَتَا) لِامْتِنَاعِ كَوْنِهِ مِلْكًا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ لِهَذَا وَحْدَهُ وَلِذَاكَ وَحْدَهُ وَسَقَطَتَا عَلَى الْأَصَحِّ فَيَحْلِفُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا يَمِينًا (وَإِنْ اخْتَلَفَ) تَارِيخُهُمَا وَمَضَى مِنْ الزَّمَنِ مَا يُمْكِنُ فِيهِ الْعَقْدُ الْأَوَّلُ ثُمَّ الِانْتِقَالُ مِنْ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ الثَّانِي ثُمَّ الْعَقْدُ الثَّانِي (لَزِمَهُ الثَّمَنَانِ) لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ اشْتَرَاهُ مِنْ أَحَدِهِمَا فِي التَّارِيخِ الْأَوَّلِ ثُمَّ بَاعَهُ وَاشْتَرَاهُ مِنْ الْآخَرِ فِي التَّارِيخِ الثَّانِي. أَمَّا إذَا لَمْ يَمْضِ مَا يُمْكِنُ فِيهِ الِانْتِقَالُ فَلَا يَلْزَمُهُ الثَّمَنَانِ لِلتَّعَارُضِ (وَكَذَا إنْ أُطْلِقَتَا، أَوْ) أُطْلِقَتْ (إحْدَاهُمَا) وَأُرِّخَتْ الْأُخْرَى يَلْزَمُهُ أَيْضًا الثَّمَنَانِ (فِي الْأَصَحِّ) لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَا فِي زَمَانَيْنِ. وَالثَّانِي يَقُولُ بِتَعَارُضِهِمَا كَمُتَّحِدَيْ التَّارِيخِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الْمُشْتَرِي فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا بِيَقِينٍ.
(وَلَوْ) (مَاتَ) رَجُلٌ (عَنْ ابْنَيْنِ مُسْلِمٍ وَنَصْرَانِيٍّ فَقَالَ كُلٌّ مِنْهُمَا مَاتَ عَلَى دِينِي) فَأَرِثُهُ وَلَا بَيِّنَةَ (فَإِنْ عُرِفَ أَنَّهُ كَانَ نَصْرَانِيًّا صُدِّقَ النَّصْرَانِيُّ) بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ كُفْرِهِ وَالْمُسْلِمُ يَدَّعِي انْتِقَالَهُ عَنْهُ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ (فَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ مُطْلَقَتَيْنِ) بِمَا قَالَاهُ فَلَا تَعَارُضَ، وَ (قُدِّمَ الْمُسْلِمُ) أَيْ بَيِّنَتُهُ عَلَى بَيِّنَةِ النَّصْرَانِيِّ؛ لِأَنَّ مَعَ بَيِّنَتِهِ زِيَادَةَ عِلْمٍ وَهُوَ انْتِقَالُهُ إلَى الْإِسْلَامِ، وَالْأُخْرَى اسْتَصْحَبَتْ الْأَصْلَ، وَالنَّاقِلَةُ أَوْلَى مِنْ الْمُسْتَصْحِبَةِ، وَهَذَا أَصْلٌ يُسْتَعْمَلُ فِي تَرْجِيحِ الْبَيِّنَاتِ، كَمَا تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْجَرْحِ عَلَى التَّعْدِيلِ (وَإِنْ قَيَّدَتْ) بَيِّنَةُ الْمُسْلِمِ (أَنَّ آخِرَ كَلَامِهِ إسْلَامٌ وَعَكَسَتْهُ الْأُخْرَى) وَهِيَ بَيِّنَةُ النَّصْرَانِيِّ بِأَنْ قَيَّدَتْ بِأَنَّ آخِرَ كَلَامِهِ النَّصْرَانِيَّةُ (تَعَارَضَتَا) لِتَنَاقُضِهِمَا، إذْ يَسْتَحِيلُ مَوْتُهُ عَلَيْهِمَا فَتَسْقُطَانِ وَكَأَنْ لَا بَيِّنَةَ فَيُصَدَّقُ النَّصْرَانِيُّ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ كُفْرِ الْأَبِ، وَكَذَا لَوْ قَيَّدَتْ بَيِّنَةُ النَّصْرَانِيِّ فَقَطْ، وَيُشْتَرَطُ فِي بَيِّنَةِ النَّصْرَانِيِّ بَيَانُ مَا يَحْصُلُ بِهِ التَّنَصُّرُ كَثَالِثِ ثَلَاثَةٍ، وَفِي اشْتِرَاطِ بَيَانِ بَيِّنَةِ الْمُسْلِمِ كَلِمَةَ الْإِسْلَامِ وَجْهَانِ، وَنَقَلَ الْأَذْرَعِيُّ عَنْ إيرَادِ الْبَنْدَنِيجِيِّ الْمَنْعَ. ثُمَّ قَالَ: وَيَظْهَرُ أَنْ يَكُونَ الْأَصَحُّ الِاشْتِرَاطَ سِيَّمَا إذَا لَمْ يَكُنْ الشَّاهِدُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَوْ كَانَ مُخَالِفًا لِلْقَاضِي فِيمَا يُسْلِمُ بِهِ الْكَافِرُ (وَإِنْ) (لَمْ يُعْرَفْ دِينُهُ) . أَيْ الْمَيِّتِ (وَأَقَامَ كُلٌّ) مِنْهُمَا (بَيِّنَةً أَنَّهُ مَاتَ عَلَى دِينِهِ) (تَعَارَضَتَا) فَكَأَنْ لَا بَيِّنَةَ، وَسَوَاءٌ أَطْلَقَتَا أَمْ قَيَّدَتَا بِمِثْلِ مَا ذُكِرَ أَمْ قَيَّدَتْ بَيِّنَةُ النَّصْرَانِيِّ فَقَطْ، وَحِينَئِذٍ فَيُنْظَرُ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute