وَلَوْ اشْتَبَهَ صَامَ شَهْرًا بِالِاجْتِهَادِ، فَإِنْ وَافَقَ مَا بَعْدَ رَمَضَانَ أَجْزَأَهُ وَهُوَ قَضَاءٌ عَلَى الْأَصَحِّ فَلَوْ نَقَصَ وَكَانَ رَمَضَانُ تَامًّا لَزِمَهُ يَوْمٌ آخَرُ، وَلَوْ غَلِطَ بِالتَّقْدِيمِ وَأَدْرَكَ رَمَضَانَ لَزِمَهُ صَوْمُهُ، وَإِلَّا فَالْجَدِيدُ وُجُوبُ الْقَضَاءِ.
وَلَوْ نَوَتْ الْحَائِضُ صَوْمَ غَدٍ قَبْلَ انْقِطَاعِ دَمِهَا ثُمَّ انْقَطَعَ لَيْلًا صَحَّ إنْ تَمَّ لَهَا فِي اللَّيْلِ أَكْثَرُ الْحَيْضِ،
ــ
[مغني المحتاج]
كَيَوْمِ الشَّكِّ.
(وَلَوْ اشْتَبَهَ) رَمَضَانُ عَلَى أَسِيرٍ أَوْ مَحْبُوسٍ أَوْ نَحْوِهِ (صَامَ شَهْرًا بِالِاجْتِهَادِ) كَمَا يَجْتَهِدُ لِلصَّلَاةِ فِي الْقِبْلَةِ وَالْوَقْتِ، وَذَلِكَ بِأَمَارَةٍ كَالرَّبِيعِ وَالْخَرِيفِ وَالْحَرِّ وَالْبَرْدِ، فَلَوْ صَامَ بِلَا اجْتِهَادٍ فَوَافَقَ رَمَضَانَ لَمْ يُجْزِئْهُ لِتَرَدُّدٍ فِي النِّيَّةِ فَلَوْ اجْتَهَدَ وَتَحَيَّرَ فَلَمْ يَظْهَرْ لَهُ شَيْءٌ فَفِي الْمَجْمُوعِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَصُومَ. فَإِنْ قِيلَ: يَنْبَغِي أَنْ يَلْزَمَهُ الصَّوْمُ وَيَقْضِيَ كَالْمُتَحَيِّرِ فِي الْقِبْلَةِ.
أُجِيبَ بِأَنَّهُ هُنَا لَمْ يَتَحَقَّقْ الْوُجُوبَ وَلَمْ يَظُنَّهُ، وَأَمَّا فِي الْقِبْلَةِ فَقَدْ تَحَقَّقَ دُخُولُ وَقْتِ الصَّلَاةِ وَعَجَزَ عَنْ شَرْطِهَا فَأُمِرَ بِالصَّلَاةِ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ لِحُرْمَةِ الْوَقْتِ وَلَوْ لَمْ يَعْرِفْ اللَّيْلَ مِنْ النَّهَارِ وَاسْتَمَرَّتْ الظُّلْمَةُ، فَفِي الْمَجْمُوعِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ التَّحَرِّي وَالصَّوْمُ وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ، فَلَوْ ظَهَرَ أَنَّهُ كَانَ يَصُومُ اللَّيْلَ وَيُفْطِرُ النَّهَارَ وَجَبَ الْقَضَاءُ كَمَا فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْأَصْحَابِ (فَإِنْ وَافَقَ) صَوْمُهُ بِالِاجْتِهَادِ رَمَضَانَ وَقَعَ أَدَاءً وَإِنْ نَوَاهُ قَضَاءً؛ لِظَنِّهِ خُرُوجَهُ كَمَا قَالَهُ الرُّويَانِيُّ أَوْ (مَا بَعْدَ رَمَضَانَ أَجْزَأَهُ) قَطْعًا وَإِنْ نَوَى الْأَدَاءَ كَمَا فِي الصَّلَاةِ (وَهُوَ قَضَاءٌ عَلَى الْأَصَحِّ) لِوُقُوعِهِ بَعْدَ الْوَقْتِ، وَالثَّانِي: أَنَّهُ أَدَاءٌ؛ لِأَنَّ الْعُذْرَ قَدْ يَجْعَلُ غَيْرَ الْوَقْتِ وَقْتًا كَمَا فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ، وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ (فَلَوْ نَقَصَ) الشَّهْرُ الَّذِي صَامَهُ بِالِاجْتِهَادِ وَلَمْ يَكُنْ شَوَّالًا وَلَا الْحِجَّةَ (وَكَانَ رَمَضَانُ تَامًّا لَزِمَهُ يَوْمٌ آخَرُ) بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ قَضَاءٌ. فَإِنْ قُلْنَا: إنَّهُ أَدَاءٌ كَفَاهُ النَّاقِصُ وَلَوْ انْعَكَسَ الْحَالُ. فَإِنْ قُلْنَا: إنَّهُ قَضَاءٌ فَلَهُ إفْطَارُ الْيَوْمِ الْأَخِيرِ إذَا عَرَفَ الْحَالَ، وَإِنْ قُلْنَا: إنَّهُ أَدَاءٌ فَلَا، فَإِنْ كَانَ شَوَّالًا فِي مَسْأَلَةِ الْمَتْنِ لَزِمَهُ يَوْمَانِ أَوْ الْحِجَّةَ فَخَمْسَةُ أَيَّامٍ، وَفِي عَكْسِهَا لَا قَضَاءَ فِي الْأُولَى، وَفِي الثَّانِيَةِ يَلْزَمُهُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ، وَفِي التَّسَاوِي يَلْزَمُهُ فِي الْأُولَى يَوْمٌ، وَفِي الثَّانِيَةِ أَرْبَعٌ، وَلَوْ وَافَقَ رَمَضَانَ السَّنَةَ الْقَابِلَةَ وَقَعَ عَنْهَا لَا عَنْ الْقَضَاءِ (وَلَوْ غَلِطَ) فِي اجْتِهَادِهِ وَصَوْمِهِ (بِالتَّقْدِيمِ وَأَدْرَكَ رَمَضَانَ) بَعْدَ تَبَيُّنِ الْحَالِّ (لَزِمَهُ صَوْمُهُ) قَطْعًا لِتَمَكُّنِهِ مِنْهُ فِي وَقْتِهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُدْرِكْ رَمَضَانَ بِأَنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ لَهُ الْحَالُ إلَّا بَعْدَهُ أَوْ فِي أَثْنَائِهِ (فَالْجَدِيدُ وُجُوبُ الْقَضَاءِ) لِمَا فَاتَهُ؛ لِأَنَّهُ أَتَى بِالْعِبَادَةِ قَبْلَ وَقْتِهَا فَلَا يُجْزِئُهُ كَمَا فِي الصَّلَاةِ، وَالْقَدِيمُ لَا يَجِبُ لِلْعُذْرِ، وَقَطَعَ بَعْضُهُمْ بِالْأَوَّلِ، وَأَفْهَمَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَبِنْ الْحَالُ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا فِي الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ صِحَّةُ الِاجْتِهَادِ، وَلَوْ أَدَّى اجْتِهَادُهُ إلَى فَوَاتِ رَمَضَانَ فَصَامَ شَهْرًا قَضَاءً فَبَانَ أَنَّهُ رَمَضَانُ أَجْزَأَهُ كَمَا مَرَّ عَنْ الرُّويَانِيِّ، وَلَوْ تَحَرَّى لِشَهْرِ نَذْرٍ فَوَافَقَ رَمَضَانَ لَمْ يَسْقُطْ شَيْءٌ مِنْهُمَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا نَوَى النَّذْرَ وَرَمَضَانُ لَا يَقْبَلُ غَيْرَهُ، وَمِثْلُهُ مَا لَوْ كَانَ عَلَيْهِ صَوْمُ قَضَاءٍ فَأَتَى بِهِ فِي رَمَضَانَ.
(وَلَوْ نَوَتْ الْحَائِضُ) أَوْ النُّفَسَاءُ فِي اللَّيْلِ (صَوْمَ غَدٍ قَبْلَ انْقِطَاعِ دَمِهَا ثُمَّ انْقَطَعَ) دَمُهَا (لَيْلًا صَحَّ) صَوْمُهَا بِهَذِهِ النِّيَّةِ (إنْ تَمَّ) لَهَا (فِي اللَّيْلِ أَكْثَرُ الْحَيْضِ) أَوْ النِّفَاسِ؛ لِأَنَّهَا جَازِمَةٌ بِأَنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute