وَلَوْ وَجَدَ الْمُسْلِمُ الْمُسْلَمَ إلَيْهِ بَعْدَ الْمَحِلِّ فِي غَيْرِ مَحَلِّ التَّسْلِيمِ لَمْ يَلْزَمْهُ الْأَدَاءُ إنْ كَانَ لِنَقْلِهِ مُؤْنَةٌ، وَلَا يُطَالِبُهُ بِقِيمَتِهِ لِلْحَيْلُولَةِ عَلَى الصَّحِيحِ، وَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ قَبُولِهِ هُنَاكَ لَمْ يُجْبَرْ
ــ
[مغني المحتاج]
بِأَنَّ الْإِسْقَاطَ هُنَا وَسِيلَةٌ إلَى الطَّلَبِ الْمُؤَدِّي لِلْبَرَاءَةِ وَالدَّفْعُ مُحَصِّلٌ لَهَا نَفْسِهَا فَكَانَ أَقْوَى مَعَ أَنَّ الْأَجَلَ لَمْ يَسْقُطْ فِي الْمَوْضِعَيْنِ، وَالثَّانِي: لَا يُجْبَرُ لِلْمِنَّةِ، وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّهُ لَوْ تَعَارَضَ غَرَضَاهُمَا، فَالْمَرْعِيُّ جَانِبُ الْمُسْتَحِقِّ عَلَى الْأَصَحِّ كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ، فَإِنَّهُ لَمْ يَنْظُرْ إلَى غَرَضِ الْمُؤَدِّي إلَّا عِنْدَ عَدَمِ غَرَضِ الْمُسْتَحِقِّ، وَيُجْبَرُ الدَّائِنُ عَلَى قَبُولِ كُلِّ دَيْنٍ حَالٍّ إنْ كَانَ غَرَضُ الْمَدِينِ غَيْرَ الْبَرَاءَةِ، وَعَلَيْهِ أَوْ عَلَى الْإِبْرَاءِ إنْ كَانَ غَرَضُهُ الْبَرَاءَةَ. قَالَ السُّبْكِيُّ: هَذَا إذَا أَحْضَرَهُ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ، فَإِنْ تَبَرَّعَ بِهِ غَيْرُهُ فَإِنْ كَانَ عَنْ حَيٍّ لَمْ يَجِبْ الْقَبُولُ لِلْمِنَّةِ، وَإِلَّا فَإِنْ كَانَ الْمُتَبَرِّعُ الْوَارِثَ وَجَبَ الْقَبُولُ لِأَنَّهُ يُخَلِّصُ التَّرِكَةَ لِنَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ فَفِيهِ تَرَدَّدَ جَوَابُ الْقَاضِي اهـ. وَالظَّاهِرُ عَدَمُ الْوُجُوبِ، وَحَيْثُ ثَبَتَ الْإِجْبَارُ وَأَصَرَّ عَلَى الِامْتِنَاعِ قَبَضَهُ الْحَاكِمُ لَهُ.
تَنْبِيهٌ: لَوْ أُحْضِرَ الْمُسْلَمُ فِيهِ الْحَالُّ فِي مَكَانِ التَّسْلِيمِ لِغَرَضِ غَيْرِ الْبَرَاءَةِ أُجْبِرَ الْمُسْلِمُ عَلَى قَبُولِهِ أَوْ لِغَرَضِهَا أُجْبِرَ عَلَى الْقَبُولِ أَوْ الْإِبْرَاءِ، وَقَدْ يُقَالُ بِالتَّخْيِيرِ فِي الْمُؤَجَّلِ وَالْحَالِّ الْمُحْضَرِ فِي غَيْرِ مَكَانِ التَّسْلِيمِ أَيْضًا، وَجَرَى عَلَيْهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ فِي الثَّانِي، وَاَلَّذِي يَقْتَضِيهِ كَلَامُ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَهُوَ الْأَوْجَهُ الْإِجْبَارُ فِيهِمَا عَلَى الْقَبُولِ فَقَطْ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمُسْلِمَ فِي مَسْأَلَتِنَا اسْتَحَقَّ التَّسْلِيمَ فِيهَا لِوُجُودِ زَمَانِهِ وَمَكَانِهِ، فَامْتِنَاعُهُ مِنْهُ مَحْضُ عِنَادٍ فَضُيِّقَ عَلَيْهِ بِطَلَبِ الْإِبْرَاءِ بِخِلَافِ ذَيْنِكَ.
(وَلَوْ وَجَدَ الْمُسْلِمُ الْمُسْلَمَ إلَيْهِ بَعْدَ الْمَحِلِّ) بِكَسْرِ الْحَاءِ (فِي غَيْرِ مَحَلِّ التَّسْلِيمِ) بِفَتْحِهَا وَهُوَ مَكَانُهُ الْمُتَعَيِّنُ بِالْعَقْدِ أَوْ الشَّرْطِ وَطَالَبَهُ بِالْمُسْلَمِ فِيهِ (لَمْ يَلْزَمْهُ) أَيْ الْمُسْلَمَ إلَيْهِ (الْأَدَاءُ إنْ كَانَ لِنَقْلِهِ) مِنْ مَحَلِّ التَّسْلِيمِ إلَى مَحَلِّ الظَّفَرِ (مُؤْنَةٌ) وَلَمْ يَتَحَمَّلْهَا الْمُسْلِمُ عَنْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ لِعَدَمِ الْتِزَامِهِ لَهَا وَلِتَضَرُّرِهِ بِذَلِكَ، بِخِلَافِ مَا لَا مُؤْنَةَ لِنَقْلِهِ كَدَرَاهِمَ لَا مُؤْنَةَ لِنَقْلِهَا أَوْ تَحَمَّلَهَا الْمُسْلِمُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْأَدَاءُ إذْ لَا ضَرَرَ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ.
تَنْبِيهٌ: أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِنَفْيِ الْأَدَاءِ خَاصَّةً إلَى أَنَّ لَهُ الدَّعْوَى عَلَيْهِ وَإِلْزَامَهُ بِالسَّفَرِ مَعَهُ إلَى مَكَانِ التَّسْلِيمِ أَوْ بِالتَّوْكِيلِ وَلَا يُحْبَسُ (وَلَا يُطَالِبُهُ بِقِيمَتِهِ لِلْحَيْلُولَةِ عَلَى الصَّحِيحِ) لِامْتِنَاعِ الِاعْتِيَاضِ عَنْهُ كَمَا مَرَّ، لَكِنْ لَهُ الْفَسْخُ وَاسْتِرْدَادُ رَأْسِ الْمَالِ كَمَا لَوْ انْقَطَعَ الْمُسْلَمُ فِيهِ. (وَإِنْ) أَحْضَرَهُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ فِي غَيْرِ مَحَلِّ التَّسْلِيمِ فَ (امْتَنَعَ) الْمُسْلِمُ (مِنْ قَبُولِهِ هُنَاكَ لَمْ يُجْبَرْ) عَلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute