. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[مغني المحتاج]
الْأَكْلِ وَمِثْلُهُ مَنْ يَقْتَدِي بِهِ، وَأَنْ يُرَحِّبَ بِضَيْفِهِ وَيُكْرِمَهُ، وَأَنْ يَحْمَدَ اللَّهَ عَلَى حُصُولِهِ ضَيْفًا عِنْدَهُ، وَيُكْرَهُ الْأَكْلُ مُتَّكِئًا وَهُوَ الْجَالِسُ مُتَعَمِّدًا عَلَى وِطَاءٍ تَحْتَهُ كَقُعُودِ مَنْ يُرِيدُ الْإِكْثَارَ مِنْ الطَّعَامِ. قَالَهُ الْخَطَّابِيُّ، وَأَشَارَ غَيْرُهُ إلَى أَنَّهُ الْمَائِلُ إلَى جَنْبِهِ، وَمِثْلُهُ الْمُضْطَجِعُ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى، وَيُكْرَهُ الْأَكْلُ مِمَّا يَلِي غَيْرَهُ وَمِنْ الْأَعْلَى وَالْوَسَطِ، وَنَصُّ الشَّافِعِيِّ عَلَى تَحْرِيمِهِ مَحْمُولٌ عَلَى الْمُشْتَمِلِ عَلَى الْإِيذَاءِ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ نَحْوُ الْفَاكِهَةِ مِمَّا يُتَنَقَّلُ بِهِ فَيَأْخُذُ مِنْ أَيِّ جَانِبٍ شَاءَ، وَيُكْرَهُ تَقْرِيبُ فَمِهِ مِنْ الطَّعَامِ بِحَيْثُ يَقَعُ مِنْ فَمِهِ إلَيْهِ شَيْءٌ وَذَمُّهُ، لَا قَوْلُهُ لَا أَشْتَهِيهِ أَوْ مَا اعْتَدْت أَكْلَهُ، وَيُكْرَهُ نَفْضُ يَدِهِ فِي الْقَصْعَةِ وَالشُّرْبُ مِنْ فَمِ الْقِرْبَةِ، وَالْأَكْلُ بِالشِّمَالِ وَالتَّنَفُّسُ وَالنَّفْخُ فِي الْإِنَاءِ، وَالْبُزَاقُ وَالْمُخَاطُ حَالَ أَكْلِهِمْ، وَقَرْنُ تَمْرَتَيْنِ وَنَحْوِهِمَا كَعِنَبَتَيْنِ بِغَيْرِ إذْنِ الشُّرَكَاءِ.
وَيُسَنُّ لِلضَّيْفِ وَإِنْ لَمْ يَأْكُلْ أَنْ يَدْعُوَ لِلْمُضِيفِ كَأَنْ يَقُولَ: أَكَلَ طَعَامَكُمْ الْأَبْرَارُ، وَأَفْطَرَ عِنْدَكُمْ الصَّائِمُونَ، وَصَلَّتْ عَلَيْكُمْ الْمَلَائِكَةُ، وَذَكَرَكُمْ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ. وَيُسَنُّ قِرَاءَةُ سُورَةِ الْإِخْلَاصِ وَقُرَيْشٍ، ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ وَغَيْرُهُ. وَيُنْدَبُ أَنْ يَشْرَبَ بِثَلَاثَةِ أَنْفَاسٍ بِالتَّسْمِيَةِ فِي أَوَائِلِهَا وَبِالْحَمْدِ فِي أَوَاخِرِهَا، وَيَقُولُ فِي آخِرِ الْأَوَّلِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَيَزِيدُ فِي الثَّانِي: رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَفِي الثَّالِثِ: الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، وَأَنْ يَنْظُرَ فِي الْكُوزِ قَبْلَ الشُّرْبِ، وَلَا يَتَجَشَّأُ فِيهِ بَلْ يُنَحِّيهِ عَنْ فَمِهِ بِالْحَمْدِ وَيَرُدَّهُ بِالتَّسْمِيَةِ، وَالشُّرْبُ قَائِمًا خِلَافُ الْأَوْلَى. وَمِنْ آدَابِ الْأَكْلِ: أَنْ يَلْتَقِطَ فُتَاتَ الطَّعَامِ، وَأَنْ يَقُولَ الْمَالِكُ لِضَيْفِهِ وَلِغَيْرِهِ كَزَوْجَتِهِ وَوَلَدِهِ إذَا رَفَعَ يَدَهُ مِنْ الطَّعَامِ: كُلْ، وَيُكَرِّرَهُ عَلَيْهِ مَا لَمْ يَتَحَقَّقْ أَنَّهُ اكْتَفَى مِنْهُ، وَلَا يَزِيدُ عَلَى ثَلَاثِ مَرَّاتٍ، وَأَنْ يَتَخَلَّلَ، وَلَا يَبْتَلِعَ مَا يَخْرُجُ مِنْ أَسْنَانِهِ بِالْخِلَالِ بَلْ يَرْمِيهِ، وَيَتَمَضْمَضُ بِخِلَافِ مَا يَجْمَعُهُ بِلِسَانِهِ مِنْ بَيْنِهَا فَإِنَّهُ يَبْلَعُهُ، وَأَنْ يَأْكُلَ قَبْلَ أَكْلِهِ اللَّحْمَ لُقْمَةً أَوْ لُقْمَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً مِنْ الْخُبْزِ حَتَّى يَسُدَّ الْخَلَلَ، وَأَنْ لَا يَشُمَّ الطَّعَامَ، وَلَا يَأْكُلَهُ حَارًّا حَتَّى يَبْرُدَ.
وَمِنْ آدَابِ الضَّيْفِ: أَنْ لَا يَخْرُجَ إلَّا بِإِذْنِ صَاحِبِ الْمَنْزِلِ، وَأَنْ لَا يَجْلِسَ فِي مُقَابَلَةِ حُجْرَةِ النِّسَاءِ وَسُتْرَتِهِنَّ، وَأَنْ لَا يُكْثِرَ النَّظَرَ إلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي يَخْرُجُ مِنْهُ الطَّعَامُ.
وَمِنْ آدَابِ الْمُضِيفِ: أَنْ يُشَيِّعَ الضَّيْفَ عِنْدَ خُرُوجِهِ إلَى بَابِ الدَّارِ، وَيَنْبَغِي لِلْآكِلِ أَنْ يُقَدِّمَ الْفَاكِهَةَ ثُمَّ اللَّحْمَ ثُمَّ الْحَلَاوَةَ، وَإِنَّمَا قُدِّمَتْ الْفَاكِهَةُ لِأَنَّهَا أَسْرَعُ اسْتِحَالَةً، فَيَنْبَغِي أَنْ تَقَعَ أَسْفَلَ الْمَعِدَةِ، وَيُنْدَبُ أَنْ يَكُونَ عَلَى الْمَائِدَةِ بَقْلٌ، وَسَيَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى زِيَادَةٌ عَلَى ذَلِكَ فِي بَابِ الْأَطْعِمَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute