وَإِذَا اسْتَمْهَلَ لِيَأْتِيَ بِدَافِعٍ أُمْهِلَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ.
وَلَوْ ادَّعَى رِقَّ بَالِغٍ فَقَالَ: أَنَا حُرٌّ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ، أَوْ رِقَّ صَغِيرٍ لَيْسَ فِي يَدِهِ لَمْ يُقْبَلْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ، أَوْ فِي يَدِهِ حُكِمَ لَهُ بِهِ إنْ لَمْ يَعْرِفْ اسْتِنَادَهَا إلَى الْتِقَاطٍ.
ــ
[مغني المحتاج]
فِيهِ مُسْتَحَبٌّ لَا مُسْتَحَقٌّ اهـ وَلَعَلَّهُ يُشِيرُ بِالنَّظَرِ إلَى الْمَوْضِعِ السَّابِعِ وَبِالِاسْتِحْبَابِ إلَى الثَّامِنِ.
(وَإِذَا اسْتَمْهَلَ) أَيْ طَلَبَ الْإِمْهَالَ مَنْ أُقِيمَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ (لِيَأْتِيَ بِدَافِعٍ) فِيهَا اُسْتُفْسِرَ إنْ كَانَ جَاهِلًا؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُتَوَهَّمُ مَا لَيْسَ بِدَافِعٍ دَافِعًا، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ عَارِفًا، فَإِنْ عَيَّنَّ جِهَةً مِنْ نَحْوِ أَدَاءً أَوْ إبْرَاءٍ أَوْ كَانَ عَارِفًا (أُمْهِلَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ) ؛ لِأَنَّهَا مُدَّةٌ قَرِيبَةٌ لَا يَعْظُمُ الضَّرَرُ فِيهَا، وَمُقِيمُ الْبَيِّنَةِ قَدْ يَحْتَاجُ إلَى مِثْلِهَا لِلْفَحْصِ عَنْ الشُّهُودِ، وَلَوْ أَحْضَرَ بَعْدَ الثَّلَاثِ الشُّهُودَ وَلَمْ يَعْدِلُوا أُمْهِلَ ثَلَاثًا لِلتَّعْدِيلِ؛ لِأَنَّهُ اسْتِظْهَارٌ لِبَيِّنَةٍ فِي شَهَادَةٍ أُخْرَى كَمَا حَكَاهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الرُّويَانِيِّ وَأَقَرَّهُ وَلَوْ لَمْ يَأْتِ بِبَيِّنَةٍ ثُمَّ ادَّعَى عَلَى جِهَةٍ أُخْرَى بَعْدَ الْمُدَّةِ لَمْ يُمْهَلْ أَوْ فِي أَثْنَائِهَا سُمِعَتْ دَعْوَاهُ، وَلَوْ حَضَرَ فِي الثَّلَاثِ بِشَاهِدٍ وَاسْتُمْهِلَ بِالثَّانِي أُمْهِلَ ثَلَاثَةً مُسْتَقْبِلَةً كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، وَذَكَرَ الرَّافِعِيُّ فِي الْبَابِ الثَّانِي مِنْ أَبْوَابِ الْكِتَابَةِ أَنَّ الْعَبْدَ لَوْ ادَّعَى الْأَدَاءَ وَأَنْكَرَ السَّيِّدُ وَأَرَادَ الْعَبْدُ إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ أُمْهِلَ ثَلَاثًا. قَالَ: وَهَلْ هُوَ وَاجِبٌ أَوْ مُسْتَحَبٌّ؟ وَجْهَانِ. اهـ.
وَقِيَاسُ مَا هُنَا الْوُجُوبُ، وَلَوْ عَادَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَعْدَ الثَّلَاثِ وَسَأَلَ الْقَاضِيَ تَحْلِيفَ الْمُدَّعِي عَلَى نَحْوِ إبْرَاءٍ أَجَابَهُ إلَيْهِ لِتَيَسُّرِهِ فِي الْحَالِ، وَلَا يُكَلَّفُ تَسْلِيمَ الدَّيْنِ أَوَّلًا.
(وَلَوْ) (ادَّعَى رِقَّ بَالِغٍ) عَاقِلٍ (فَقَالَ: أَنَا حُرٌّ) بِالْأَصَالَةِ (فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ) بِيَمِينِهِ وَإِنْ تَدَاوَلَتْهُ الْأَيْدِي وَسَبَقَ مِنْ مُدَّعِي رِقَّهُ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَى الرِّقِّ ظَاهِرًا كَاسْتِخْدَامٍ وَإِجَارَةٍ لِمُوَافَقَتِهِ الْأَصْلَ وَهُوَ الْحُرِّيَّةُ وَعَلَى الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةُ.
تَنْبِيهٌ: مَحَلُّ مَا ذُكِرَ إذَا لَمْ يَسْبِقْ مِنْهُ إقْرَارٌ بِرِقٍّ وَإِنْ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ، وَإِذَا حَلَفَ عَلَى نَفْيِ الرِّقِّ وَقَدْ اشْتَرَاهُ الْمُدَّعِي مِنْ غَيْرِهِ رَجَعَ الْمُدَّعِي عَلَى بَائِعِهِ بِالثَّمَنِ، وَلَوْ اعْتَرَفَ حَالَةَ الْخُصُومَةِ بِرِقِّهِ وَقَالَ: إنَّهُ ذَكَرَهُ عَلَى وَجْهِ الْخُصُومَةِ، أَوْ اعْتَمَدَ فِي اعْتِرَافِهِ بِهِ ظَاهِرَ الْيَدِ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ حُرٌّ؛ أَيْ بِالْأَصَالَةِ كَمَا مَرَّ مَا لَوْ قَالَ: أَعْتَقْتَنِي أَوْ أَعْتَقَنِي الَّذِي بَاعَنِي مِنْك أَوْ غَيْرُهُ فَإِنَّهُ لَا يُقْبَلُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ، وَمَا لَوْ قَالَ: أَنَا عَبْدُ فُلَانٍ فَالْمُصَدَّقُ السَّيِّدُ لِاعْتِرَافِ الْعَبْدِ بِالرِّقِّ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ تَثْبُتُ عَلَيْهِ الْيَدُ وَالْيَدُ عَلَيْهِ لِلسَّيِّدِ جَزَمَ بِهِ الرَّافِعِيُّ فِي آخِرِ الدَّعَاوَى تَبَعًا لِلْبَغَوِيِّ أَنَّ بَيِّنَةَ الرِّقِّ أَوْلَى؛ لِأَنَّ مَعَهَا زِيَادَةُ عِلْمٍ وَهُوَ إثْبَاتُ الرِّقِّ، وَنَقَلَ الْهَرَوِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ الْأَصْحَابِ أَنَّ بَيِّنَةَ الْحُرِّيَّةِ أَوْلَى (أَوْ) ادَّعَى (رِقَّ صَغِيرٍ لَيْسَ فِي يَدِهِ) (لَمْ يُقْبَلْ) مِنْهُ (إلَّا بِبَيِّنَةٍ) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْمِلْكِ، وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّ الْمَجْنُونَ الْبَالِغَ كَالصَّغِيرِ، وَلَوْ كَانَ الصَّغِيرُ فِي يَدِ غَيْرِهِ وَصَدَّقَهُ صَاحِبُ الْيَدِ كَفَى تَصْدِيقُهُ مَعَ حَلِفِ الْمُدَّعِي (أَوْ) ادَّعَى رِقَّ صَغِيرٍ (فِي يَدِهِ حُكِمَ لَهُ بِهِ) بَعْدَ حَلِفِهِ (إنْ لَمْ يَعْرِفْ اسْتِنَادَهَا) أَيْ يَدَ الْمُدَّعِي (إلَى الْتِقَاطٍ) كَمَا لَوْ ادَّعَى الْمِلْكَ فِي دَابَّةٍ أَوْ ثَوْبٍ، وَإِنَّمَا حَلَفَ لِخَطَرِ شَأْنِ الْحُرِّيَّةِ، وَلَا أَثَرَ لِإِنْكَارِهِ إذَا بَلَغَ بِهِ بَلْ يَسْتَمِرُّ الرِّقُّ، فَإِنْ اسْتَنَدَتْ إلَى الْتِقَاطٍ لَمْ يُقْبَلْ إلَّا بِحُجَّةٍ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ قَدْ ذَكَرَهَا فِي اللَّقِيطِ فَهِيَ مُكَرَّرَةٌ، وَالْفَرْقُ أَنَّ اللَّقِيطَ مَحْكُومٌ بِحُرِّيَّتِهِ ظَاهِرًا بِخِلَافِ غَيْرِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute