للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنْ كَانَتْ بِطَرَفٍ لَهُ مُقَدَّرٌ اُشْتُرِطَ أَنْ لَا تَبْلُغَ مُقَدَّرَهُ فَإِنْ بَلَغَتْهُ نَقَّصَ الْقَاضِي شَيْئًا بِاجْتِهَادِهِ، أَوْ لَا تَقْدِيرَ فِيهِ كَفَخِذٍ فَأَنْ لَا تَبْلُغَ دِيَةَ نَفْسٍ،

ــ

[مغني المحتاج]

كَانَتْ الْجِنَايَةُ عَلَى أُصْبُعٍ وَجَبَ بَعِيرٌ، أَوْ عَلَى أُنْمُلَةٍ وَجَبَ ثُلُثُ بَعِيرٍ فِي غَيْرِ الْإِبْهَامِ، وَيُقَاسُ عَلَى ذَلِكَ مَا أَشْبَهَهُ وَلِلْحَاجَةِ فِي مَعْرِفَةِ الْحُكُومَةِ إلَى تَقْدِيرِ الرِّقِّ. قَالَ الْأَئِمَّةُ: الْعَبْدُ أَصْلُ الْحُرِّ فِي الْجِنَايَاتِ الَّتِي لَا يَتَقَدَّرُ أَرْشُهَا: كَمَا أَنَّ الْحُرَّ أَصْلُ الْعَبْدِ فِي الْجِنَايَاتِ الَّتِي يَتَقَدَّرُ أَرْشُهَا، وَتَجِبُ الْحُكُومَةُ إبِلًا كَالدِّيَةِ لَا نَقْدًا. وَأَمَّا التَّقْوِيمُ فَمُقْتَضَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَغَيْرِهِ أَنَّهُ بِالنَّقْدِ، لَكِنْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ عَلَى أَنَّهُ بِالْإِبِلِ فَقَالَ: فِي إذْهَابِ الْعُذْرَةِ فَيُقَالُ: لَوْ كَانَتْ أَمَةً تُسَاوِي خَمْسِينَ مِنْ الْإِبِلِ كَمْ يُنْقِصُهَا ذَهَابُ الْعُذْرَةِ مِنْ الْقِيمَةِ؟ فَإِنْ قِيلَ: الْعُشْرُ وَجَبَ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ، وَإِنْ قِيلَ أَقَلُّ أَوْ أَكْثَرُ وَجَبَ، حَكَاهُ الْبُلْقِينِيُّ ثُمَّ قَالَ: وَهُوَ جَارٍ عَلَى أَصْلِهِ فِي الدِّيَاتِ أَنَّ الْإِبِلَ هِيَ الْأَصْلُ اهـ.

وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا أَنَّ كُلًّا مِنْ الْأَمْرَيْنِ جَائِزٌ؛ لِأَنَّهُ يُوصِلُ إلَى الْغَرَضِ.

تَنْبِيهٌ: مَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا كَانَتْ الْجِنَايَةُ عَلَى عُضْوٍ لَهُ أَرْشٌ مُقَدَّرٌ، فَإِنْ كَانَتْ عَلَى الصَّدْرِ أَوْ الْفَخِذِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا لَا مُقَدَّرَ فِيهِ اُعْتُبِرَتْ الْحُكُومَةُ مِنْ دِيَةِ النَّفْسِ قَطْعًا، وَتُقَدَّرُ لِحْيَةُ امْرَأَةٍ أُزِيلَتْ فَفَسَدَ مَنْبَتُهَا لِحْيَةَ عَبْدٍ كَبِيرٍ يَتَزَيَّنُ بِهَا، وَمِثْلُهَا الْخُنْثَى، وَلَوْ قَلَعَ سِنًّا أَوْ قَطَعَ أُصْبُعًا زَائِدَةً وَلَمْ يَنْقُصْ بِذَلِكَ شَيْءٌ قُدِّرَتْ زَائِدَةً لَا أَصْلِيَّةً خَلْفَهَا وَيُقَوَّمُ لَهُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ مُتَّصِفًا بِذَلِكَ، ثُمَّ يُقَوَّمُ مَقْطُوعُ الزَّائِدِ فَيَظْهَرُ التَّفَاوُتُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الزَّائِدَةَ تَشُدُّ الْوَجْهَ وَيَحْصُلُ بِهَا نَوْعُ جَمَالٍ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ اعْتِبَارِ النِّسْبَةِ لَوْ قَطَعَ أُنْمُلَةً لَهَا طَرَفٌ زَائِدٌ فَيَجِبُ فِيهَا مَعَ دِيَةِ أُنْمُلَةٍ حُكُومَةٌ يُقَدِّرُهَا الْقَاضِي بِاجْتِهَادِهِ، وَلَا يُعْتَبَرُ النِّسْبَةُ لِعَدَمِ إمْكَانِهَا. قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَكَانَ يَجُوزُ أَنْ يُقَوِّمَ لَهُ الزَّائِدَةَ بِلَا أَصْلِيَّةٍ ثُمَّ يُقَوِّمَ دُونَهَا كَمَا فُعِلَ فِي السِّنِّ الزَّائِدَةِ، أَوْ يُعْتَبَرَ بِأَصْلِيَّةٍ كَمَا اُعْتُبِرَتْ لِحْيَةُ الْمَرْأَةِ بِلِحْيَةِ الرَّجُلِ، وَلِحْيَتُهَا كَالْأَعْضَاءِ الزَّائِدَةِ، وَلِحْيَتُهُ كَالْأَعْضَاءِ الْأَصْلِيَّةِ.

وَأَجَابَ شَيْخِي عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّا لَوْ فَعَلْنَا مَا ذُكِرَ لَزَادَ زِيَادَةً تَضُرُّ بِالْجَانِي؛ لِأَنَّ أَرْشَهَا يَكْثُرُ بِذَلِكَ.

(فَإِنْ كَانَتْ) أَيْ الْحُكُومَةُ (بِطَرَفٍ) أَيْ لِأَجْلِهِ (لَهُ) أَرْشٌ (مُقَدَّرٌ) كَالْيَدِ وَالرِّجْلِ (اُشْتُرِطَ أَنْ لَا تَبْلُغَ) تِلْكَ الْحُكُومَةُ (مُقَدَّرَهُ) أَيْ الطَّرَفِ لِئَلَّا تَكُونَ الْجِنَايَةُ عَلَى الْعُضْوِ مَعَ بَقَائِهِ مَضْمُونَةً بِمَا يُضْمَنُ بِهِ الْعُضْوُ نَفْسُهُ فَيُنْقِصَ حُكُومَةَ الْأُنْمُلَةِ بِجُرْحِهَا أَوْ قَطْعِ ظُفْرِهَا عَنْ يَدِهَا، وَحُكُومَةَ جِرَاحَةِ الْأُصْبُعِ بِطُولِهِ عَنْ دِيَتِهِ، وَلَا يَبْلُغُ بِحُكُومَةِ مَا دُونَ الْجَائِفَةِ مِنْ الْجِرَاحَاتِ عَلَى الْبَطْنِ أَوْ نَحْوِهِ أَرْشَ الْجَائِفَةِ (فَإِنْ بَلَغَتْهُ نَقَّصَ الْقَاضِي) مِنْهُ (شَيْئًا بِاجْتِهَادِهِ) لِئَلَّا يَلْزَمَ الْمَحْذُورُ السَّابِقُ، وَلَا يَكْفِي أَقَلُّ مُتَمَوِّلٍ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ وَجَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي وَإِنْ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ تَبَعًا لِلْمَاوَرْدِيِّ أَقَلُّهُ مَا يَصْلُحُ ثَمَنًا أَوْ صَدَاقًا أَيْ فَيَكْفِي أَقَلُّ مُتَمَوِّلٍ (أَوْ) كَانَتْ لِطَرَفٍ (لَا تَقْدِيرَ فِيهِ) وَلَا يَتْبَعُ مُقَدَّرًا (كَفَخِذٍ) وَسَاعِدٍ وَظَهْرٍ وَكَفٍّ (فَأَنْ) أَيْ فَالشَّرْطُ أَنْ (لَا تَبْلُغَ) حُكُومَتُهُ (دِيَةَ نَفْسٍ) وَهُوَ مَعْلُومٌ أَنَّهَا لَا تَصِلُ إلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْكُلَّ أَكْثَرُ مِنْ الْجُزْءِ، بَلْ الْمُرَادُ أَنْ لَا يَصِيرَ بُلُوغُهَا أَرْشَ عُضْوٍ مُقَدَّرٍ وَإِنْ زَادَتْ عَلَيْهِ كَمَا صَرَّحَ

<<  <  ج: ص:  >  >>