وَيُقَوَّمُ بَعْدَ انْدِمَالِهِ فَإِنْ لَمْ يَبْقَ نَقْصٌ اُعْتُبِرَ أَقْرَبُ نَقْصٍ إلَى الِانْدِمَالِ، وَقِيلَ يُقَدِّرُهُ قَاضٍ بِاجْتِهَادِهِ، وَقِيلَ لَا غُرْمَ.
وَالْجُرْحُ الْمُقَدَّرُ كَمُوضِحَةٍ يَتْبَعُهُ الشَّيْنُ حَوَالَيْهِ.
وَمَا لَا يَتَقَدَّرُ يُفْرَدُ
ــ
[مغني المحتاج]
بِهِ الرَّافِعِيُّ تَبَعًا لِلْبَغَوِيِّ وَإِنْ كَانَ النَّصُّ يَقْتَضِي أَنْ لَا يَبْلُغَ بِهَا دِيَةَ الْعُضْوِ، فَإِنْ تَبِعَ مُقَدَّرًا وَإِنْ زَادَتْ عَلَيْهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ تَبَعًا لِلْبَغَوِيِّ وَإِنْ كَانَ النَّصُّ يَقْتَضِي أَنْ لَا يَبْلُغَ بِهَا دِيَةَ الْعُضْوِ، فَإِنْ تَبِعَ مُقَدَّرًا كَالْكَفِّ فَإِنَّهُ يَتْبَعُ الْأَصَابِعَ، فَالشَّرْطُ أَنْ لَا يَبْلُغَ ذَلِكَ دِيَةَ الْمُقَدَّرِ، إنْ بَلَغَ بِحُكُومَةِ الْكَفِّ دِيَةَ أُصْبُعٍ جَازَ؛ لِأَنَّ مَنْفَعَتَهَا دَفْعًا وَاحْتِوَاشًا تَزِيدُ عَلَى مَنْفَعَةِ أُصْبُعٍ، كَمَا أَنَّ حُكُومَةَ الْيَدِ الشَّلَّاءِ لَا تَبْلُغُ دِيَةَ الْيَدِ وَيَجُوزُ أَنْ تَبْلُغَ دِيَةَ أُصْبُعٍ وَأَنْ تَزِيدَ عَلَيْهَا، وَإِنَّمَا لَمْ يَجْعَلْ السَّاعِدَ كَالْكَفِّ حَتَّى لَا يَبْلُغَ بِحُكُومَةِ جُرْحِهِ دِيَةَ الْأَصَابِعِ؛ لِأَنَّ الْكَفَّ هِيَ الَّتِي تَتْبَعُ الْأَصَابِعَ دُونَ السَّاعِدِ؛ وَلِهَذَا لَوْ قَطَعَ مِنْ الْكُوعِ لَزِمَهُ مَا يَلْزَمُهُ فِي لَقْطِ الْأَصَابِعِ، وَلَوْ قَطَعَ مِنْ الْمَرْفِقِ لَزِمَهُ مَعَ الدِّيَةِ حُكُومَةُ السَّاعِدِ (وَيُقَوَّمُ) لِمَعْرِفَةِ الْحُكُومَةِ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ بِفَرْضِ رِقِّهِ، لَكِنْ (بَعْدَ انْدِمَالِهِ) لَا قَبْلَهُ؛ لِأَنَّ الْجِرَاحَةَ قَدْ تَسْرِي إلَى النَّفْسِ، أَوْ إلَى مَا يَكُونُ وَاجِبُهُ مُقَدَّرًا فَيَكُونُ ذَلِكَ هُوَ الْوَاجِبُ لَا الْحُكُومَةُ (فَإِنْ لَمْ يَبْقَ) بَعْدَ انْدِمَالِهِ (نَقْصٌ) فِي الْمَنْفَعَةِ وَلَا الْجَمَالِ وَلَا تَأَثَّرَتْ بِهِ الْقِيمَةُ (اُعْتُبِرَ) فِيهِ (أَقْرَبُ نَقْصٍ) مِنْ حَالَاتِ نَقْصٍ فِيهِ (إلَى الِانْدِمَالِ) وَهَكَذَا لِئَلَّا تُحِيطَ الْجِنَايَةُ عَلَى الْمَعْصُومِ، فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ النَّقْصُ إلَّا حَالَ سَيَلَانِ الدَّمِ اعْتَبَرْنَا الْقِيمَةَ حِينَئِذٍ وَاعْتَبَرْنَا الْجِرَاحَةَ دَامِيَةً.
تَنْبِيهٌ: مُقْتَضَى اعْتِبَارِهِ أَقْرَبَ نَقْصٍ إلَى الِانْدِمَالِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ نَقْصٌ كَالسِّنِّ الزَّائِدَةِ وَلِحْيَةِ الْمَرْأَةِ لَمْ يَجِبْ شَيْءٌ، وَلَيْسَ مُرَادًا كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ، فَإِنْ كَانَتْ الْجِرَاحَةُ خَفِيفَةً لَا تُؤَثِّرُ فِي حَالِ سَيَلَانِ الدَّمِ عُزِّرَ فَقَطْ إلْحَاقًا لَهَا كَمَا فِي الْوَسِيطِ بِاللَّطْمَةِ وَالضَّرْبَةِ الَّتِي لَمْ يَبْقَ لَهَا أَثَرٌ لِلضَّرُورَةِ لِانْسِدَادِ بَابِ التَّقْوِيمِ الَّذِي هُوَ عُمْدَةُ الْحُكُومَةِ، وَفِي التَّتِمَّةِ: الْحَاكِمُ يُوجِبُ شَيْئًا بِاجْتِهَادِهِ، وَرَجَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ (وَقِيلَ يُقَدِّرُهُ) أَيْ يُقَدِّرُ النَّقْصَ الْمَذْكُورَ (قَاضٍ بِاجْتِهَادِهِ) لِئَلَّا تَخْلُوَ الْجِنَايَةُ عَنْ غُرْمٍ (وَقِيلَ لَا غُرْمَ) حِينَئِذٍ، بَلْ الْوَاجِبُ التَّعْزِيرُ كَالضَّرْبَةِ وَالصَّفْعَةِ الَّتِي لَمْ يَبْقَ لَهَا أَثَرٌ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ سُرَيْجٍ، وَقَالَ الْإِمَامُ: إنَّهُ الْقِيَاسُ. .
(وَالْجُرْحُ الْمُقَدَّرُ) أَرْشُهُ (كَمُوضِحَةٍ) وَمَأْمُومَةٍ (يَتْبَعُهُ الشَّيْنُ) الْكَائِنُ (حَوَالَيْهِ) وَلَا يُفْرَدُ بِحُكُومَةٍ؛ لِأَنَّهُ لَوْ اسْتَوْعَبَ بِالْإِيضَاحِ جَمِيعَ مَوْضِعِ الشَّيْنِ لَمْ يَكُنْ فِيهِ إلَّا أَرْشُ مُوضِحَةٍ.
تَنْبِيهٌ: هَذَا إذَا كَانَ الشَّيْنُ فِي مَحَلِّ الْإِيضَاحِ، فَإِنْ تَعَدَّى شَيْنُ مُوضِحَةِ الرَّأْسِ عَنْ مَحَلِّهِ إلَى الْقَفَا أَوْ الْوَجْهِ لَمْ يَتْبَعْهُ، فِي أَحَدِ وَجْهَيْنِ يَظْهَرُ تَرْجِيحُهُ، وَصَحَّحَهُ الْبَارِزِيُّ لِتَعَدِّيهِ مَحَلَّ الْإِيضَاحِ، وَكَلَامُ أَصْلِ الرَّوْضَةِ يُشِيرُ إلَيْهِ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ الِاسْتِتْبَاعِ مَا لَوْ أَوْضَحَ جَبِينَهُ فَأَزَالَ حَاجِبَهُ فَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ مِنْ أَرْشِ مُوضِحَةٍ وَحُكُومَةِ الشَّيْنِ وَإِزَالَةِ الْحَاجِبِ، حَكَيَاهُ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَأَقَرَّاهُ، وَلَوْ جَرَحَهُ عَلَى بَدَنِهِ جِرَاحَةً وَبِقُرْبِهَا جَائِفَةٌ قُدِّرَتْ بِهَا وَلَزِمَهُ الْأَكْثَرُ مِنْ أَرْشِ الْقِسْطِ وَالْحُكُومَةِ كَمَا لَوْ كَانَ بِقُرْبِهَا مُوضِحَةٌ.
(وَمَا) أَيْ وَالْجُرْحُ الَّذِي (لَا يَتَقَدَّرُ) أَرْشُهُ كَدَامِيَةٍ (يُفْرَدُ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute