للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَوْ وَضَعُوا سَيْفًا عَلَى يَدِهِ وَتَحَامَلُوا عَلَيْهِ دَفْعَةً فَأَبَانُوهَا قُطِعُوا.

وَشِجَاجُ الرَّأْسِ وَالْوَجْهِ عَشْرٌ: حَارِصَةٌ، وَهِيَ مَا شَقَّ الْجِلْدَ قَلِيلًا، وَدَامِيَةٌ تُدْمِيهِ، وَبَاضِعَةٌ تَقْطَعُ اللَّحْمَ، وَمُتَلَاحِمَةٌ تَغُوصُ فِيهِ، وَسِمْحَاقٌ تَبْلُغُ

ــ

[مغني المحتاج]

وَلَا يَقْتُلُ غَالِبًا فَأَوْضَحَ بِهِ وَجَبَ قِصَاصُ الْمُوضِحَةِ، وَلَوْ مَاتَ مِنْهَا لَمْ يَجِبْ قِصَاصُ النَّفْسِ كَمَا فِي الشَّامِلِ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ، وَقَيَّدَهُ الْمَاوَرْدِيُّ بِمَا إذَا مَاتَ فِي الْحَالِ بِلَا سِرَايَةٍ وَإِلَّا فَيُوجِبُهُ فِيهَا أَيْضًا، وَهُوَ حَسَنٌ.

وَمَا إذَا قَطَعَ السَّيِّدُ طَرَفَ مُكَاتَبِهِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ، وَلَا يَضْمَنُهُ إذَا قَتَلَهُ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ تَبْطُلُ بِالْمَوْتِ فَيَمُوتُ عَلَى مِلْكِ مُكَاتَبِهِ، وَلَا تَبْطُلُ بِقَطْعِ طَرَفِهِ، وَأَرْشُهُ كَسْبٌ لَهُ فَيَدْفَعُ ذَلِكَ لَهُ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ لَا نَظِيرَ لَهَا، وَكَانَ يَنْبَغِي لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَزِيدَ بَعْدَ قَوْلِهِ: مَا شُرِطَ لِلنَّفْسِ عِنْدَ التَّسَاوِي فِي الصِّحَّةِ لِئَلَّا يَرُدَّ عَلَيْهِ الطَّرَفَ الْأَشَلَّ فَإِنَّهُ لَا يُقْطَعُ السَّلِيمُ بِهِ، وَإِنْ كَانَ كَامِلَ الْخَلْقِ يُقْتَلُ بِالزَّمِنِ وَالْمَقْطُوعِ.

(وَ) تُقْطَعُ الْأَيْدِي الْكَثِيرَةُ بِالْيَدِ الْوَاحِدَةِ كَمَا (لَوْ) اشْتَرَكَ جَمْعٌ فِي قَطْعٍ: كَأَنْ (وَضَعُوا سَيْفًا) مَثَلًا (عَلَى يَدِهِ) أَيْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ (وَتَحَامَلُوا عَلَيْهِ دَفْعَةً) أَيْ الْيَدِ بِتَأْوِيلِ الْعُضْوِ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ عَلَيْهَا، وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُ (فَأَبَانُوهَا قُطِعُوا) كُلُّهُمْ إنْ تَعَمَّدُوا كَمَا فِي النَّفْسِ. فَإِنْ قِيلَ: لَوْ سَرَقَ رَجُلَانِ نِصَابًا وَاحِدًا لَمْ يُقْطَعَا فَهَلَّا كَانَ هُنَا كَذَلِكَ؟ .

أُجِيبَ بِأَنَّ الْقَطْعَ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى، وَالْحُدُودُ بِالْمُسَاهَلَاتِ أَحَقُّ، بِخِلَافِ الْقِصَاصِ الَّذِي هُوَ حَقُّ آدَمِيٍّ، وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ: وَتَحَامَلُوا عَلَيْهِ دَفْعَةً عَمَّا لَوْ تَمَيَّزَ فِعْلُ بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضٍ كَأَنْ قَطَعَ كُلٌّ مِنْهُمْ مِنْ جَانِبٍ وَالْتَقَتْ الْحَدِيدَتَانِ، وَبِقَوْلِهِ: وَأَبَانُوهَا عَمَّا لَوْ أَبَانَ كُلٌّ مِنْهُمْ بَعْضَ الطَّرَفِ أَوْ تَعَاوَنُوا عَلَى قَطْعِهِ بِمِنْشَارٍ جَرَّهُ بَعْضُهُمْ فِي الذَّهَابِ وَبَعْضُهُمْ فِي الْعَوْدِ فَإِنَّهُ لَا قَوَدَ عَلَى أَحَدٍ فِي الْأُولَى خِلَافًا لِصَاحِبِ التَّقْرِيبِ، وَلَا فِي الثَّانِيَةِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ لِتَعَذُّرِ الْمُمَاثَلَةِ لِاشْتِمَالِ الْمَحَلِّ عَلَى أَعْصَابٍ مُلْتَفَّةٍ وَعُرُوقٍ ضَارِبَةٍ وَسَاكِنَةٍ مَعَ اخْتِلَافِ وَضْعِهَا فِي الْأَعْضَاءِ، بَلْ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمْ حُكُومَةٌ تَلِيقُ بِجِنَايَتِهِ بِحَيْثُ يَبْلُغُ مَجْمُوعُ الْحُكُومَاتِ دِيَةَ الْيَدِ كَمَا بَحَثَهُ الرَّافِعِيُّ وَتَبِعَهُ الْمُصَنِّفُ.

(وَشِجَاجُ) مَجْمُوعِ (الرَّأْسِ وَالْوَجْهِ) بِكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ جَمْعُ شَجَّةٍ بِفَتْحِهَا، وَهِيَ جُرْحٌ فِيهِمَا أَمَّا فِي غَيْرِهِمَا فَيُسَمَّى جُرْحًا لَا شَجَّةً (عَشْرٌ) دَلِيلُهُ اسْتِقْرَاءُ كَلَامِ الْعَرَبِ ثُمَّ بَدَأَ بِأَوَّلِ الشِّجَاجِ بِقَوْلِهِ (حَارِصَةٌ) بِمُهْمَلَاتٍ (وَهِيَ مَا شَقَّ الْجِلْدَ قَلِيلًا) كَالْخَدْشِ، مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِهِمْ: حَرَصَ الْقَصَّارُ الثَّوْبَ إذَا شَقَّهُ بِالدَّقِّ، وَتُسَمَّى أَيْضًا: الْقَاشِرَةَ بِقَافٍ وَشِينٍ مُعْجَمَةٍ، وَالْحَرْصَةَ وَالْحَرِيصَةَ (وَدَامِيَةٌ) بِمُثَنَّاةٍ تَحْتِيَّةٍ خَفِيفَةٍ، وَهِيَ الَّتِي (تُدْمِيهِ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ: أَيْ الشَّقُّ مِنْ غَيْرِ سَيَلَانِ دَمٍ، فَإِنْ سَالَ فَدَامِعَةٌ بِعَيْنٍ مُهْمَلَةٍ، وَبِهَذَا الِاعْتِبَارِ تَكُونُ الشِّجَاجُ أَحَدَ عَشَرَ كَمَا سَيَأْتِي (وَبَاضِعَةٌ) بِمُوَحَّدَةٍ وَمُعْجَمَةٍ مَكْسُورَةٍ ثُمَّ عَيْنٍ مُهْمَلَةٍ، وَهِيَ الَّتِي (تَقْطَعُ) أَيْ تَشُقُّ (اللَّحْمَ) الَّذِي بَعْدَ الْجِلْدِ شَقًّا خَفِيفًا مِنْ الْبَضْعِ، وَهُوَ الْقَطْعُ (وَمُتَلَاحِمَةٌ) بِمُهْمَلَةٍ، وَهِيَ الَّتِي (تَغُوصُ فِيهِ) أَيْ اللَّحْمِ وَلَا تَبْلُغُ الْجِلْدَةَ الَّتِي بَيْنَ اللَّحْمِ وَالْعَظْمِ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ تَفَاؤُلًا بِمَا تَئُولُ إلَيْهِ مِنْ الِالْتِحَامِ، وَتُسَمَّى أَيْضًا الْمُلَاحِمَةَ (وَسِمْحَاقٌ) بِسِينٍ مَكْسُورَةٍ وَحَاءٍ مُهْمَلَتَيْنِ، وَهِيَ الَّتِي (تَبْلُغُ

<<  <  ج: ص:  >  >>