للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْجِلْدَةَ الَّتِي بَيْنَ اللَّحْمِ وَالْعَظْمِ، وَمُوضِحَةٌ تُوضِحُ الْعَظْمَ، وَهَاشِمَةٌ تَهْشِمُهُ، وَمُنَقِّلَةٌ تَنْقُلُهُ، وَمَأْمُومَةٌ تَبْلُغُ خَرِيطَةَ الدِّمَاغِ، وَدَامِغَةٌ تَخْرِقُهَا، وَيَجِبُ الْقِصَاصُ فِي الْمُوضِحَةِ فَقَطْ، وَقِيلَ وَفِيمَا قَبْلَهَا سِوَى الْحَارِصَةِ.

وَلَوْ أَوْضَحَ فِي بَاقِي الْبَدَنِ أَوْ قَطَعَ بَعْضَ مَارِنٍ أَوْ أُذُنٍ وَلَمْ يُبِنْهُ وَجَبَ الْقِصَاصُ فِي الْأَصَحِّ.

ــ

[مغني المحتاج]

الْجِلْدَةَ الَّتِي بَيْنَ اللَّحْمِ وَالْعَظْمِ) سُمِّيَتْ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ تِلْكَ الْجِلْدَةَ يُقَالُ لَهَا سِمْحَاقُ الرَّأْسِ، مَأْخُوذَةٌ مِنْ سَمَاحِيقِ الْبَطْنِ، وَهِيَ الشَّحْمُ الرَّقِيقُ. وَقَدْ تُسَمَّى هَذِهِ الشَّحْمَةُ الْمِلْطَاءَ وَالْمِلْطَاةَ وَاللَّاطِئَةَ (وَمُوضِحَةٌ) وَهِيَ الَّتِي (تُوضِحُ) أَيْ تَكْشِفُ (الْعَظْمَ) بِحَيْثُ يُقْرَعُ بِالْمِرْوَدِ وَإِنْ لَمْ يُشَاهَدْ الْعَظْمُ مِنْ أَجْلِ الدَّمِ الَّذِي يَسْتُرُهُ، حَتَّى لَوْ غَرَزَ إبْرَةً فِي رَأْسِهِ وَوَصَلَتْ إلَى الْعَظْمِ كَانَ إيضَاحًا (وَهَاشِمَةٌ) وَهِيَ الَّتِي (تَهْشِمُهُ) أَيْ تَكْسِرُهُ، سَوَاءٌ أَوْضَحَتْهُ أَمْ لَا (وَمُنَقِّلَةٌ) بِكَسْرِ الْقَافِ الْمُشَدَّدَةِ أَفْصَحُ مِنْ فَتْحِهَا، وَتُسَمَّى أَيْضًا الْمَنْقُولَةَ، وَهِيَ الَّتِي (تَنْقُلُهُ) بِالتَّخْفِيفِ وَالتَّشْدِيدِ مِنْ مَحَلٍّ إلَى آخَرَ، سَوَاءٌ أَوْضَحَتْهُ وَهَشَّمَتْهُ أَوْ لَا (وَمَأْمُومَةٌ) بِالْهَمْزِ جَمْعُهَا مَآمِيمُ كَمَكَاسِيرَ، وَتُسَمَّى أَيْضًا آمَّةً، وَهِيَ الَّتِي (تَبْلُغُ خَرِيطَةَ الدِّمَاغِ) الْمُحِيطَةَ بِهِ وَهِيَ أُمُّ الرَّأْسِ (وَدَامِغَةٌ) بِمُعْجَمَةٍ، وَهِيَ الَّتِي (تَخْرِقُهَا) أَيْ خَرِيطَةَ الدِّمَاغِ وَتَصِلُ إلَيْهِ، وَهِيَ مُذَفِّفَةٌ غَالِبًا.

تَنْبِيهٌ: أَفْهَمَ كَلَامُهُ: أَنَّ جَمِيعَ هَذِهِ الشِّجَاجِ تُتَصَوَّرُ فِي الْوَجْهِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي الْجَبْهَةِ، وَيُتَصَوَّرُ مَا عَدَا الْمَأْمُومَةَ وَالدَّامِغَةَ فِي خَدٍّ، وَقَصَبَةِ أَنْفٍ وَلَحْيٍ أَسْفَلَ وَسَائِرِ الْبَدَنِ، وَهَذِهِ الْعَشَرَةُ هِيَ الْمَشْهُورَةُ، وَزَادَ أَبُو عُبَيْدٍ: الدَّامِعَةُ بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ بَعْدَ الدَّالِ، وَلِذَلِكَ عَدَّهَا الْمَاوَرْدِيُّ أَحَدَ عَشَرَ (وَيَجِبُ الْقِصَاصُ) مِنْ هَذِهِ الْعَشَرَةِ (فِي الْمُوضِحَةِ فَقَطْ) لِتَيَسُّرِ ضَبْطِهَا وَاسْتِيفَاءِ مِثْلِهَا. وَأَمَّا غَيْرُهَا فَلَا يُؤْمَنُ الزِّيَادَةُ وَالنُّقْصَانُ فِي طُولِ الْجِرَاحَةِ وَعَرْضِهَا وَلَا يُوثَقُ بِاسْتِيفَاءِ الْمِثْلِ، وَلِذَلِكَ لَا يَجِبُ الْقِصَاصُ فِي كَسْرِ الْعِظَامِ (وَقِيلَ) يَجِبُ فِي الْمُوضِحَةِ (وَفِيمَا قَبْلَهَا) مِنْ الشِّجَاجِ أَيْضًا (سِوَى الْحَارِصَةِ) فَلَا يَجِبُ الْقِصَاصُ فِيهَا جَزْمًا، وَهِيَ الدَّامِيَةُ وَالْبَاضِعَةُ وَالْمُتَلَاحِمَةُ وَالسِّمْحَاقُ لِإِمْكَانِ الْوُقُوفِ عَلَى نِسْبَةِ الْمَقْطُوعِ فِي الْجُمْلَةِ.

تَنْبِيهٌ: اسْتِثْنَاءُ الْحَارِصَةِ مِمَّا زَادَهُ الْمُصَنِّفُ عَلَى الْمُحَرَّرِ قَالَ فِي الدَّقَائِقِ: وَلَا بُدَّ مِنْهُ فَإِنَّ الْحَارِصَةَ لَا قِصَاصَ فِيهَا قَطْعًا وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي غَيْرِهَا اهـ.

وَفِي الْكِفَايَةِ أَنَّ كَلَامَ جَمَاعَةٍ يُفْهِمُ خِلَافًا فِيهَا وَقَالَ فِي الْمَطْلَبِ إنَّ كَلَامَ الشَّافِعِيِّ فِي الْمُخْتَصَرِ يَقْتَضِي الْقِصَاصَ فِيهَا، وَعَلَى هَذَا فَلَا يُحْتَاجُ إلَى اسْتِيفَائِهَا.

(وَلَوْ أَوْضَحَ فِي بَاقِي الْبَدَنِ) كَأَنْ كَشَفَ عَظْمَ الصَّدْرِ أَوْ الْعُنُقِ أَوْ السَّاعِدِ أَوْ الْأَصَابِعِ (أَوْ قَطَعَ بَعْضَ مَارِنٍ) وَهُوَ بِكَسْرِ الرَّاءِ: مَا لَانَ مِنْ الْأَنْفِ (أَوْ) قَطَعَ بَعْضَ (أُذُنٍ) أَوْ شَفَةٍ أَوْ لِسَانٍ أَوْ حَشَفَةٍ (وَلَمْ يُبِنْهُ وَجَبَ الْقِصَاصُ فِي الْأَصَحِّ) وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا فِي الْأَظْهَرِ أَمَّا فِي الْإِيضَاحِ فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} [المائدة: ٤٥] وَلِمَا مَرَّ فِي الْمُوضِحَةِ، وَوَجْهُ عَدَمِ الْوُجُوبِ فِيهِ الْقِيَاسُ عَلَى الْأَرْشِ فَإِنَّهُ لَا أَرْشَ فِيهِ مُقَدَّرٌ، وَنَقَضَهُ الْأَوَّلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>