للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلَّا أَنْ يُقِيمَ أَحَدٌ بَيِّنَةً بِرِقِّهِ.

وَإِنْ أَقَرَّ بِهِ لِشَخْصٍ فَصَدَّقَهُ قُبِلَ إنْ لَمْ يَسْبِقْ إقْرَارٌ بِحُرِّيَّةٍ، وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَسْبِقَ تَصَرُّفٌ يَقْتَضِي نُفُوذُهُ حُرِّيَّةً كَبَيْعٍ وَنِكَاحٍ بَلْ يُقْبَلُ إقْرَارُهُ فِي أَصْلِ الرِّقِّ وَأَحْكَامِهِ الْمُسْتَقْبَلَةِ لَا الْمَاضِيَةِ الْمُضِرَّةِ بِغَيْرِهِ

ــ

[مغني المحتاج]

كَسَائِرِ صِبْيَانِهِمْ وَنِسَائِهِمْ، وَيُحْمَلُ كَلَامُهُمْ عَلَى دَارِ الْإِسْلَامِ. قَالَ: وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ انْتَهَى، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَعْنَى، وَعَلَى هَذَا فَتُسْتَثْنَى هَاتَانِ الصُّورَتَانِ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مُضَافَتَيْنِ إلَى قَوْلِهِ (إلَّا أَنْ يُقِيمَ أَحَدٌ بَيِّنَةً بِرِقِّهِ) وَتَتَعَرَّضَ لِسَبَبِ الْمِلْكِ كَمَا سَيَأْتِي فَيُعْمَلَ بِهَا.

(وَإِنْ أَقَرَّ) اللَّقِيطُ الْمُكَلَّفُ (بِهِ) أَيْ الرِّقِّ (لِشَخْصٍ فَصَدَّقَهُ قُبِلَ إنْ لَمْ يَسْبِقْ) مِنْهُ (إقْرَارٌ بِحُرِّيَّةٍ) كَسَائِرِ الْأَقَارِيرِ، وَخَرَجَ بِصِدْقِهِ مَا لَوْ كَذَّبَهُ فَإِنَّ الرِّقَّ لَا يَثْبُتُ وَلَوْ صَدَّقَهُ بَعْدَ ذَلِكَ، وَبِلَمْ يَسْبِقْ مَا لَوْ سَبَقَ إقْرَارُهُ بِحُرِّيَّةٍ بَعْدَ الْبُلُوغِ فَلَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ بَعْدَهُ عَلَى الْأَصَحِّ الْمَنْصُوصِ؛ لِأَنَّهُ بِالْإِقْرَارِ الْأَوَّلِ الْتَزَمَ أَحْكَامَ الْأَحْرَارِ فَلَا يَمْلِكُ إسْقَاطَهَا. فَإِنْ قِيلَ: لَوْ أَنْكَرَتْ الْمَرْأَةُ الرَّجْعَةَ ثُمَّ أَقَرَّتْ بِهَا فَإِنَّهَا تُقْبَلُ، فَهَلَّا كَانَ هُنَا كَذَلِكَ؟ . .

أُجِيبَ بِأَنَّ دَعْوَاهَا الرَّجْعَةَ مُسْتَنِدَةٌ إلَى أَصْلٍ وَهُوَ عَدَمُ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَجَعَلَ الشَّارِعُ الْقَوْلَ قَوْلَهَا فِي انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ إثْبَاتًا وَقَدْ اعْتَرَفَتْ بِالْخِيَانَةِ، وَإِقْرَارُ اللَّقِيطِ مُخَالِفٌ لِلْأَصْلِ وَهُوَ الْحُرِّيَّةُ وَقَدْ تَأَكَّدَ بِالْإِقْرَارِ بِالْحُرِّيَّةِ. فَإِنْ قِيلَ يَرِدُ عَلَى الْمُصَنِّفِ مَا لَوْ أَقَرَّ بِالرِّقِّ لِزَيْدٍ فَكَذَّبَهُ فَأَقَرَّ بِهِ لِعَمْرٍو فَإِنَّهُ لَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ وَلَوْ صَدَّقَهُ عَمْرٌو، وَهَذَا لَمْ يَسْبِقْ مِنْهُ إقْرَارٌ بِحُرِّيَّةٍ.

أُجِيبَ بِأَنَّ إقْرَارَهُ الْأَوَّلَ يَتَضَمَّنُ نَفْيَ الْمِلْكِ لِغَيْرِهِ، فَإِذَا كَذَّبَهُ الْمُقَرُّ لَهُ خَرَجَ عَنْ كَوْنِهِ مَمْلُوكًا لَهُ أَيْضًا فَصَارَ حُرَّ الْأَصْلِ وَالْحُرِّيَّةُ مَظِنَّةُ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى وَالْعِبَادِ فَلَا سَبِيلَ إلَى إبْطَالِهَا بِالْإِقْرَارِ الثَّانِي.

تَنْبِيهٌ سَكَتُوا عَنْ اعْتِبَارِ الرُّشْدِ هُنَا فِي الْمُقِرِّ، وَيَنْبَغِي كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ اعْتِبَارُهُ كَغَيْرِهِ مِنْ الْأَقَارِيرِ، فَلَا يُقْبَلُ اعْتِرَافُ الْجَوَارِي بِالرِّقِّ كَمَا حُكِيَ عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ عَلَيْهِنَّ السَّفَهُ وَعَدَمُ الْمَعْرِفَةِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهَذِهِ الْعِلَّةُ مَوْجُودَةٌ فِي غَالِبِ الْعَبِيدِ، لَا سِيَّمَا مَنْ قَرُبَ عَهْدُهُ بِالْبُلُوغِ (وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ) فِي صِحَّةِ الْإِقْرَارِ بِالرِّقِّ (أَنْ لَا يَسْبِقَ) مِنْهُ (تَصَرُّفٌ يَقْتَضِي نُفُوذُهُ) بِمُعْجَمَةٍ بِخَطِّهِ (حُرِّيَّةً كَبَيْعٍ وَنِكَاحٍ) وَغَيْرِهِمَا، (بَلْ) بَعْدَ التَّصَرُّفِ بِشَيْءٍ مِنْ الْمَذْكُورَاتِ (يُقْبَلُ إقْرَارُهُ فِي أَصْلِ الرِّقِّ وَ) فِي (أَحْكَامِهِ الْمُسْتَقْبَلَةِ) مُطْلَقًا فِيمَا لَهُ وَعَلَيْهِ. أَمَّا فِيمَا لَهُ فَقِيَاسًا عَلَى إقْرَارِ الْمَرْأَةِ بِالنِّكَاحِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ عَلَى الْجَدِيدِ وَإِنْ تَضَمَّنَ ثُبُوتَ حَقٍّ لَهَا. وَأَمَّا فِيمَا عَلَيْهِ فَلِأَنَّهُ أَقَرَّ بِحَقٍّ عَلَيْهِ فَيُؤَاخَذُ بِهِ كَسَائِرِ الْأَقَارِيرِ، وَفِي قَوْلٍ مِنْ الطَّرِيقِ الثَّانِي لَا يُقْبَلُ فَتَبْقَى أَحْكَامُ الْحُرِّيَّةِ (لَا) الْأَحْكَامُ (الْمَاضِيَةُ الْمُضِرَّةُ بِغَيْرِهِ) ؛

<<  <  ج: ص:  >  >>