وَلَلْمُكْتَرِي اسْتِيفَاءُ الْمَنْفَعَةِ بِنَفْسِهِ وَبِغَيْرِهِ فَيُرْكِبُ وَيُسَكِّنُ مِثْلَهُ، وَلَا يُسَكِّنُ حَدَّادًا وَقَصَّارًا،
ــ
[مغني المحتاج]
بِأَجَلٍ يَحِلُّ بَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ أَوْ مَعَهَا.
سَادِسُهَا إجَارَةُ الْوَلِيِّ الصَّبِيَّ أَوْ مَالَهُ، فَإِنَّهُ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ أَنَّهُ لَا يُجَاوِزُ مُدَّةَ بُلُوغِهِ بِالسِّنِّ، فَلَوْ كَانَ عُمْرُهُ عَشَرَ سِنِينَ فَأَجَّرَهُ عَشْرَ سِنِينَ بَطَلَ فِي الزَّائِدِ عَلَى مُدَّةِ الْبُلُوغِ، وَفِي الْبَاقِي قَوْلًا تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَجَّرَهُ مُدَّةً لَا يَبْلُغُ فِيهَا بِالسِّنِّ، وَإِنْ احْتَمَلَ بُلُوغَهُ بِالِاحْتِلَامِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الصَّبِيِّ، وَهَذَا الْخِلَافُ فِي أَكْثَرِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ. أَمَّا أَقَلُّهَا فَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ أَقَلُّ مُدَّةٍ تُؤَجَّرُ الْأَرْضُ فِيهَا لِلزِّرَاعَةِ مُدَّةُ زِرَاعَتِهَا، وَأَقَلُّ مُدَّةٍ تُؤَجَّرُ الدَّارُ لِلسُّكْنَى يَوْمٌ؛ لِأَنَّ مَا دُونَهُ تَافِهٌ لَا يُقَابَلُ بِعِوَضٍ. وَيُسْتَثْنَى مِنْ اشْتِرَاطِ بَيَانِ الْمُدَّةِ فِي الْإِجَارَةِ مَسَائِلُ: الْأُولَى سَوَادُ الْعِرَاقِ، فَإِنَّ الْأَصَحُّ أَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - آجَرَهُ عَلَى التَّأْبِيدِ، وَاحْتَمَلَ ذَلِكَ لِلْمَصْلَحَةِ الْكُلِّيَّةِ. ثَانِيهَا
أَجْمَعُوا عَلَى جَوَازِ إجَارَةِ الدَّارِ وَغَيْرِهَا شَهْرًا مَعَ أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ ثَلَاثِينَ يَوْمًا وَقَدْ يَكُونُ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ كَمَا مَرَّ عَنْ الْمَجْمُوعِ.
ثَالِثُهَا عَقْدُ الْجِزْيَةِ إذَا قُلْنَا إنَّهَا عَقْدُ إجَارَةٍ عَلَى إقَامَتِهِمْ فِي دَارِنَا وَهُوَ الْأَصَحُّ.
رَابِعُهَا اسْتِئْجَارُ الْعُلُوِّ لِحَقِّ الْبِنَاءِ وَلِإِجْرَاءِ الْمَاءِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ بَيَانُ الْمُدَّةِ عَلَى الْمَذْهَبِ كَمَا مَرَّ فِي بَابِ الصُّلْحِ. خَامِسُهَا اسْتِئْجَارُ الذِّمِّيِّ لِلْجِهَادِ مِنْ غَيْرِ تَبْيِينِ الْمُدَّةِ يَجُوزُ لِلضَّرُورَةِ، قَالَهُ فِي الشَّامِلِ فِي بَابِ الْغَنِيمَةِ.
سَادِسُهَا اسْتِئْجَارُ الْإِمَامِ لِلْأَذَانِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ كُلَّ شَهْرٍ بِكَذَا كَمَا مَرَّ فِي فَصْلِ الْأَذَانِ.
وَالْمَنْفَعَةُ الْمُسْتَحَقَّةُ بِعَقْدِ الْإِجَارَةِ تَتَوَقَّفُ عَلَى مُسْتَوْفٍ وَمُسْتَوْفًى مِنْهُ وَبِهِ وَفِيهِ، وَأَشَارَ إلَى الْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ: (وَلِلْمُكْتَرِي اسْتِيفَاءُ الْمَنْفَعَةِ بِنَفْسِهِ وَبِغَيْرِهِ) كَمَا يَجُوزُ أَنْ يُؤَجِّرَ مَا اسْتَأْجَرَهُ مِنْ غَيْرِهِ لَكِنْ يُشْتَرَطُ أَمَانَةُ مَنْ سَلَّمَهَا إلَيْهِ، فَلَوْ شَرَطَ اسْتِيفَاءَهَا عَلَيْهِ بِنَفْسِهِ لَمْ يَصِحَّ كَمَا لَوْ بَاعَهُ عَيْنًا وَشَرَطَ أَنْ لَا يَبِيعَهَا، وَلِابْنِ الرِّفْعَةِ فِي ذَلِكَ نَظَرٌ.
تَنْبِيهٌ تَعْبِيرُهُ بِالْمَنْفَعَةِ قَدْ يُخْرِجُ الِاسْتِئْجَارَ لِإِفَادَةِ عَيْنٍ كَالرَّضَاعِ وَالْبِئْرِ لِيَسْتَقِيَ مِنْهَا مَعَ أَنَّ الْحُكْمَ وَاحِدٌ فِي الْجَمِيعِ، وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ: بِغَيْرِهِ جَوَازَ إعَارَةِ الْمُكْتَرِي الْمَنْفَعَةَ لِغَيْرِهِ، وَقَدْ جَزَمَ بِهِ فِي الْمَتْنِ فِي بَابِ الْعَارِيَّةِ، وَإِذَا جَازَ الِاسْتِيفَاءُ بِغَيْرِهِ (فَيُرْكِبُ) فِي اسْتِئْجَارِ دَابَّةٍ لِلرُّكُوبِ مِثْلَهُ ضَخَامَةً وَنَحَافَةً وَطُولًا وَعَرْضًا وَقِصَرًا أَوْ دُونَهُ فِيمَا ذُكِرَ، (وَيُسَكِّنُ) فِي اسْتِئْجَارِ دَارٍ لِلسُّكْنَى (مِثْلَهُ، وَلَا يُسَكِّنُ) إذَا كَانَ بَزَّازًا مَثَلًا (حَدَّادًا، وَ) لَا (قَصَّارًا) لِزِيَادَةِ الضَّرَرِ بِدَقِّهِمَا، وَكَذَا يُلْبِسُ الثَّوْبَ مِثْلَهُ وَدُونَهُ، وَيَنْبَغِي فِي اللَّابِسِ الْمُمَاثَلَةُ فِي النَّظَافَةِ؛ لِأَنَّ فِيهِ اسْتِيفَاءَ عَيْنِ الْمَنْفَعَةِ الْمُسْتَحَقَّةِ بِغَيْرِ زِيَادَةٍ، وَلَعَلَّ ضَابِطَ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يُسَاوِيَ الْمُسْتَأْجِرَ فِي الضَّرَرِ بِالْعَيْنِ الْمُسْتَأْجَرَةِ، وَيُعَبَّرُ عَنْ هَذَا بِأَنَّ الْمُسْتَوْفِيَ يَجُوزُ إبْدَالُهُ، وَاسْتَثْنَى جَمْعٌ مِنْهُمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute