للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَا يُسْتَوْفَى مِنْهُ كَدَارٍ وَدَابَّةٍ مُعَيَّنَةٍ لَا يُبْدَلُ، وَمَا يُسْتَوْفَى بِهِ كَثَوْبٍ وَصَبِيٍّ عُيِّنَ لِلْخَيَّاطَةِ وَالِارْتِضَاعِ يَجُوزُ إبْدَالُهُ فِي الْأَصَحِّ.

ــ

[مغني المحتاج]

الْجُرْجَانِيِّ: مَا لَوْ قَالَ: لِتَسْكُنَهَا وَتُسْكِنَ مَنْ شِئْت لِلْإِذْنِ، كَمَا لَوْ قَالَ: ازْرَعْ مَا شِئْت، وَلِلْأَذْرَعِيِّ فِي ذَلِكَ نَظَرٌ. وَأَشَارَ لِلثَّانِي بِقَوْلِهِ: (وَمَا يُسْتَوْفَى مِنْهُ) الْمَنْفَعَةُ (كَدَارٍ وَدَابَّةٍ مُعَيَّنَةٍ) هُوَ قَيْدٌ فِي الدَّابَّةِ؛ لِأَنَّ الدَّارَ لَا تَكُونُ إلَّا مُعَيَّنَةً، وَلَوْ كَانَ قَيْدًا فِيهَا لَوَجَبَ التَّثْنِيَةُ (- لَا يُبْدَلُ) ؛ لِأَنَّهُ مَعْقُودٌ عَلَيْهِ فَأَشْبَهَ الْمَبِيعَ، وَلِهَذَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِتَلَفِهِ وَيُرَدُّ بِالْعَيْبِ.

تَنْبِيهٌ يُسْتَثْنَى مِنْ مَفْهُومِ الْمَتْنِ جَوَازُ الْإِبْدَالِ إذَا لَمْ تَكُنْ مُعَيَّنَةً مَا إذَا أَسْلَمَ دَابَّةً عَمَّا فِي الذِّمَّةِ فَإِنَّهَا لَا تُبَدَّلُ بِغَيْرِ رِضَاهُ فِي الْأَصَحِّ كَمَا مَرَّ. وَأَشَارَ إلَى الثَّالِثِ بِقَوْلِهِ: (وَمَا يُسْتَوْفَى) الْمَنْفَعَةُ (بِهِ كَثَوْبٍ وَصَبِيٍّ عُيِّنَ) الْأَوَّلُ فِي عَقْدِ الْإِجَارَةِ (لِلْخِيَاطَةِ، وَ) الثَّانِي: لِأَجْلِ (الِارْتِضَاعِ) أَوْ التَّعْلِيمِ (- يَجُوزُ إبْدَالُهُ) أَيْ مَا ذُكِرَ بِمِثْلِهِ (فِي الْأَصَحِّ) وَإِنْ لَمْ يَرْضَ الْأَجِيرُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَعْقُودًا عَلَيْهِ وَإِنَّمَا هُوَ طَرِيقٌ لِلِاسْتِيفَاءِ، فَأَشْبَهَ الرَّاكِبَ وَالْمَتَاعَ الْمُعَيَّنَ لِلْحَمْلِ. وَالثَّانِي الْمَنْعُ: كَالْمُسْتَوْفَى مِنْهُ، وَجَرَى عَلَيْهِ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ فِي بَابِ الْخُلْعِ، وَجَرَى عَلَيْهِ الْبُلْقِينِيُّ وَابْنُ الْمُقْرِي فِي رَوْضِهِ، وَرَجَّحَ الْأَوَّلَ فِي شَرْحِ إرْشَادِهِ، وَرَجَّحَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَسَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَنْ الْمُسْتَوْفَى فِيهِ، وَحُكْمُهُ أَنَّهُ يَجُوزُ إبْدَالُهُ، كَأَنْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِرُكُوبٍ فِي طَرِيقٍ لَهُ إبْدَالُ الطَّرِيقِ بِمِثْلِهِ أَوْ دُونِهِ.

تَنْبِيهٌ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ عُيِّنَ أَشَارَ بِهِ إلَى مَا نَقَلَاهُ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي عَلِيٍّ وَأَقَرَّاهُ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ إذَا الْتَزَمَ فِي ذِمَّتِهِ خِيَاطَةَ ثَوْبٍ مُعَيَّنٍ، أَوْ حَمْلَ مَتَاعٍ مُعَيَّنٍ، أَمَّا لَوْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً مُعَيَّنَةً لِرُكُوبٍ أَوْ حَمْلِ مَتَاعٍ فَلَا خِلَافَ فِي جَوَازِ إبْدَالِ الرَّاكِبِ وَالْمَتَاعِ، وَفَرَّقَ بِأَنَّ الْعَقْدَ - وَالْحَالَةُ هَذِهِ - يَتَنَاوَلُ الْمُدَّةَ بِدَلِيلِ اسْتِقْرَارِ الْأُجْرَةِ بِتَسْلِيمِهَا وَإِنْ لَمْ يَرْكَبْ، وَإِذَا كَانَ فِي الذِّمَّةِ تَنَاوَلَ الْعَقْدُ الْعَمَلَ الْمُسْتَوْفَى بِهِ؛ فَكَأَنَّهُ مَعْقُودٌ عَلَيْهِ، وَلِلْإِمَامِ نَحْوُهُ، وَلَوْ اعْتَاضَ عَنْ مَنْفَعَةٍ بِمَنْفَعَةٍ جَازَ قَطْعًا، وَكَانَ الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ: وَعَيْنَا بِالتَّثْنِيَةِ فَإِنَّهُ صِفَةٌ لِصَبِيٍّ وَثَوْبٍ، وَإِيقَاعُ ضَمِيرِ الْمُفْرَدِ مَوْضِعَ التَّثْنِيَةِ شَاذٌّ.

فَرْعٌ لَوْ اسْتَأْجَرَ ثَوْبًا لِلُّبْسِ لَمْ يَنَمْ فِيهِ لَيْلًا عَمَلًا بِالْعَادَةِ، وَلَوْ كَانَ الثَّوْبَ التَّحْتَانِيَّ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ فَطَرِيقُهُ إذَا أَرَادَ النَّوْمَ فِيهِ أَنْ يَشْرُطَهُ وَيَنَامَ فِي الثَّوْبِ التَّحْتَانِيِّ نَهَارًا سَاعَةً أَوْ سَاعَتَيْنِ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ، وَأَمَّا الْفَوْقَانِيُّ فَلَا يَنَامُ فِيهِ وَلَا يَلْبَسُهُ كُلَّ وَقْتٍ، بَلْ عِنْدَ التَّجَمُّلِ فِي الْأَوْقَاتِ الَّتِي جَرَتْ الْعَادَةُ فِيهَا بِالتَّجَمُّلِ كَحَالَةِ الْخُرُوجِ إلَى السُّوقِ وَنَحْوِهِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>