. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[مغني المحتاج]
تَنْبِيهَاتٌ: الْأَوَّلُ: لَوْ عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بِالْخُرُوجِ مِنْ ظُلَامَةِ آدَمِيٍّ بَدَلَ الرَّدِّ لَكَانَ أَوْلَى لِيَشْمَلَ الرَّدَّ وَالْإِبْرَاءَ مِنْهَا وَإِقْبَاضَ الْبَدَلِ عِنْدَ التَّلَفِ، وَيَشْمَلَ الْمَالَ وَالْعَرَضَ وَالْقِصَاصَ، فَلَا بُدَّ فِي الْقِصَاصِ وَحَدِّ الْقَذْفِ مِنْ التَّمْكِينِ أَوْ طَلَبِ الْعَفْوِ، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ وَجَبَ إعْلَامُهُ بِالْقِصَاصِ فَيَقُولُ: أَنَا الَّذِي قَتَلْت أَبَاك وَلَزِمَنِي الْقِصَاصُ فَاقْتَصَّ إنْ شِئْت، وَكَذَلِكَ حَدُّ الْقَذْفِ. وَأَمَّا لِغِيبَةٍ فَإِنْ بَلَغَتْ الْمُغْتَابَ اُشْتُرِطَ أَنْ يَأْتِيَهُ وَيَسْتَحِلَّ مِنْهُ، فَإِنْ تَعَذَّرَ بِمَوْتِهِ أَوْ تَعَسُّرٍ لِغَيْبَتِهِ الطَّوِيلَةِ اسْتَغْفَرَ اللَّهَ تَعَالَى، وَلَا اعْتِبَارَ بِتَحْلِيلِ الْوَرَثَةِ. وَإِنْ لَمْ تَبْلُغْهُ كَفَى النَّدَمُ وَالِاسْتِغْفَارُ كَمَا قَالَهُ الْحَنَّاطِيُّ فِي فَتَاوِيهِ وَيَظْهَرُ أَنَّهَا إذَا بَلَغَتْهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ اسْتِحْلَالِهِ إنْ أَمْكَنَ؛ لِأَنَّ الْعِلَّةَ مَوْجُودَةٌ، وَهُوَ الْإِيذَاءُ، وَهَلْ يَكْفِي الِاسْتِحْلَالُ مِنْ الْغِيبَةِ الْمَجْهُولَةِ؟ قَالَ فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ: فِيهِ وَجْهَانِ سَبَقَا فِي كِتَابِ الصُّلْحِ اهـ.
وَلَكِنَّهُمَا إنَّمَا سَبَقَا فِي كِتَابِ الضَّمَانِ وَلَمْ نُرْجِعْ مِنْهُمَا شَيْئًا وَرَجَّحَ فِي الْأَذْكَارِ عَدَمَ الِاكْتِفَاءِ، وَالْوَجْهَانِ كَالْوَجْهَيْنِ فِي الْإِبْرَاءِ مِنْ الْمَجْهُولِ. قَالَ الشَّيْخُ عِمَادُ الدِّينِ الْحُسْبَانِيُّ: وَقَدْ يُقَالُ بِالْمُسَامَحَةِ فِي ذَلِكَ بِخِلَافِ الْأَمْوَالِ، وَفِي كَلَامِ الْحَلِيمِيِّ وَغَيْرِهِ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْجَوَازِ، وَحَدِيثُ كَلَامِ الْأَذْكَارِ فِي بَابِ الضَّمَانِ، وَلَكِنَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْأَمْوَالِ أَظْهَرُ. وَالْحَسَدُ وَهُوَ أَنْ يَتَمَنَّى زَوَالَ نِعْمَةِ ذَلِكَ الشَّخْصِ وَيَفْرَحَ بِمُصِيبَتِهِ كَالْغِيبَةِ كَمَا نَقَلَاهُ عَنْ الْعَبَّادِيِّ فَيَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ فِيهَا. قَالَ فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ: الْمُخْتَارُ بَلْ الصَّوَابُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ إخْبَارُ الْمَحْسُودِ، وَلَوْ قِيلَ بِكَرَاهَتِهِ لَمْ يَبْعُدْ التَّنْبِيهُ الثَّانِي قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِ رَدَّ الظُّلَامَةِ تُوقِفُ التَّوْبَةَ فِي الْقِصَاصِ عَلَى تَسْلِيمِ نَفْسِهِ، وَلَكِنَّ الَّذِي نَقَلَهُ فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ عَنْ الْإِمَامِ وَأَقَرَّهُ أَنَّ الْقَاتِلَ إذَا نَدِمَ صَحَّتْ تَوْبَتُهُ فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ نَفْسَهُ لِلْقِصَاصِ، وَكَانَ تَأَخُّرُ ذَلِكَ مَعْصِيَةً أُخْرَى تَجِبُ التَّوْبَةُ مِنْهَا وَلَا يَقْدَحُ فِي الْأُولَى. التَّنْبِيهُ الثَّالِثُ: كَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَقُولَ حَيْثُ أَمْكَنَ لِئَلَّا يُوهِمَ أَنَّهَا لَا تَصِحُّ عِنْدَ تَعَذُّرِ الرَّدِّ.
قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ: إنْ تَعَلَّقَتْ بِآدَمِيٍّ أَعَمَّ مِمَّا تَمَحَّضَ حَقًّا لَهُ أَوْ لَمْ يَتَمَحَّضْ، وَفِيهِ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى كَالزَّكَاةِ إذَا تَمَكَّنَ مِنْ إخْرَاجِهَا فَلَمْ يَفْعَلْ، وَكَذَا الْكَفَّارَاتُ قَالَهُ الْبَنْدَنِيجِيُّ: وَالْمُرَادُ الَّتِي يَجِبُ إخْرَاجُهَا عَلَى الْفَوْرِ، وَحِينَئِذٍ فَلَا يُقَالُ: إنَّ تَقْيِيدَهُ بِالْآدَمِيِّ يُخْرِجُ حُقُوقَ اللَّهِ تَعَالَى كَالزَّكَاةِ التَّنْبِيهُ الرَّابِعُ: إنَّ مُقْتَضَى كَلَامِهِ أَنَّ الْمَعْصِيَةَ الْقَوْلِيَّةَ لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا ذَلِكَ، بَلْ يَكْفِي الْقَوْلُ وَلَيْسَ مُرَادًا، بَلْ الثَّلَاثَةُ الْأُوَلُ رُكْنٌ فِي التَّوْبَةِ لِكُلِّ مَعْصِيَةٍ قَوْلِيَّةً كَانَتْ أَوْ فِعْلِيَّةً، وَإِذَا تَعَلَّقَ بِالْمَعْصِيَةِ حَدٌّ لِلَّهِ تَعَالَى كَالزِّنَا وَشُرْبِ الْمُسْكِرِ، فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ عَلَيْهِ أَحَدٌ فَلَهُ أَنْ يُظْهِرَهُ وَيُقِرَّ بِهِ لِيُسْتَوْفَى مِنْهُ، وَلَهُ أَنْ يَسْتُرَ عَلَى نَفْسِهِ، وَهُوَ الْأَفْضَلُ، فَإِنْ ظَهَرَ فَقَدْ فَاتَ السَّتْرُ فَيَأْتِي الْحَاكِمَ وَيُقِرُّ بِهِ لِيَسْتَوْفِيَ مِنْهُ.
التَّنْبِيهُ الْخَامِسُ: إنَّ كَلَامَهُمْ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَكْفِي فِي انْتِفَاءِ الْمَعْصِيَةِ اسْتِيفَاءُ الْحَدِّ، بَلْ لَا بُدَّ مَعَهُ مِنْ التَّوْبَةِ، وَقَدْ قَدَّمْت الْكَلَامَ عَلَى ذَلِكَ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْجِرَاحِ فَلْيُرَاجَعْ.
التَّنْبِيهُ السَّادِسُ: مَنْ مَاتَ وَلَهُ دُيُونٌ أَوْ مَظَالِمُ وَلَمْ تَصِلْ إلَى الْوَرَثَةِ طَالَبَ بِهَا فِي الْآخِرَةِ لَا آخِرَ وَارِثٍ كَمَا قِيلَ، وَإِنْ دَفَعَهَا إلَى الْوَارِثِ أَوْ أَبْرَأَهُ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي خَرَجَ عَنْ مَظْلَمَةٍ غَيْرِ الْمَطْلِ. التَّنْبِيهُ السَّابِعُ: تَجِبُ التَّوْبَةُ مِنْ الْمَعْصِيَةِ وَلَوْ صَغِيرَةً عَلَى الْفَوْرِ بِالِاتِّفَاقِ، وَتَصِحُّ مِنْ ذَنْبٍ دُونَ ذَنْبٍ، وَإِنْ تَكَرَّرَتْ وَتَكَرَّرَ الْعَوْدُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute