فَصْلٌ يَجُوزُ بَيْعُ الثَّمَرِ بَعْدَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ مُطْلَقًا، وَبِشَرْطِ قَطْعِهِ، وَبِشَرْطِ إبْقَائِهِ، وَقَبْلَ الصَّلَاحِ إنْ بِيعَ مُنْفَرِدًا عَنْ الشَّجَرِ، لَا يَجُوزُ إلَّا بِشَرْطِ الْقَطْعِ وَأَنْ يَكُونَ الْمَقْطُوعُ مُنْتَفَعًا بِهِ لَا كَكُمَّثْرَى، وَقِيلَ إنْ كَانَ الشَّجَرُ لِلْمُشْتَرِي
ــ
[مغني المحتاج]
فَصْلٌ فِي بَيَانِ بَيْعِ الثَّمَرِ وَالزَّرْعِ وَبُدُوِّ صَلَاحِهِمَا (يَجُوزُ بَيْعُ الثَّمَرِ بَعْدَ بُدُوِّ) أَيْ ظُهُورِ (صَلَاحِهِ) وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ (مُطْلَقًا) مِنْ غَيْرِ شَرْطِ قَطْعٍ وَلَا تَبْقِيَةٍ (وَبِشَرْطِ قَطْعِهِ وَبِشَرْطِ إبْقَائِهِ) سَوَاءٌ أَكَانَتْ الْأُصُولُ لِأَحَدِهِمَا أَمْ لِغَيْرِهِ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ بَيْعِ الثَّمَرَةِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، فَيَجُوزُ بَعْدَ بُدُوِّهِ وَهُوَ صَادِقٌ بِكُلٍّ مِنْ الْأَحْوَالِ الثَّلَاثَةِ وَالْمَعْنَى الْفَارِقُ بَيْنَهُمَا أَمْنُ الْعَاهَةِ بَعْدَهُ غَالِبًا لِغِلَظِهَا وَكِبَرِ نَوَاهَا وَقَبْلَهُ تُسْرِعُ إلَيْهِ لِضَعْفِهِ فَيَفُوتُ بِتَلَفِهِ الثَّمَنُ، وَبِهِ يُشْعِرُ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَرَأَيْت إنْ مَنَعَ اللَّهُ الثَّمَرَةَ فَبِمَ يَسْتَحِقُّ أَحَدُكُمْ مَالَ أَخِيهِ» (وَقَبْلَ الصَّلَاحِ إنْ بِيعَ مُنْفَرِدًا عَنْ الشَّجَرِ لَا يَجُوزُ) أَيْ لَا يَصِحُّ الْبَيْعُ، وَيَحْرُمُ لِلْخَبَرِ الْمَذْكُورِ (إلَّا بِشَرْطِ الْقَطْعِ) فِي الْحَالِ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ ابْنِ الْمُقْرِي مُنْجَزًا (وَأَنْ يَكُونَ الْمَقْطُوعُ مُنْتَفَعًا بِهِ) كَلَوْزٍ وَحِصْرِمٍ وَبَلَحٍ، فَيَجُوزُ حِينَئِذٍ بِالْإِجْمَاعِ الْمُخَصَّصِ لِلْخَبَرِ السَّابِقِ، فَدَخَلَ فِي الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا يُنْتَفَعُ بِهِ وَبَيْعٌ بِغَيْرِ شَرْطِ الْقَطْعِ أَوْ بَيْعٌ بِشَرْطِهِ مُعَلَّقًا، وَوَجْهُ الْمَنْعِ تَضَمُّنُ التَّعْلِيقِ التَّبْقِيَةَ، وَمَا (لَا) يُنْتَفَعُ بِهِ (كَكُمَّثْرَى) بِفَتْحِ الْمِيمِ الْمُشَدَّدَةِ، وَبِالْمُثَلَّثَةِ، الْوَاحِدَةُ كُمَّثْرَاةٌ، ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ، وَذَكَرَ هَذَا الشَّرْطَ الْمَعْلُومَ مِنْ شُرُوطِ الْبَيْعِ قَالَ الشَّارِحُ: لِلتَّنْبِيهِ عَلَيْهِ.
فُرُوعٌ: لَوْ بَاعَ عَلَى شَجَرَةٍ مَقْطُوعَةٍ لَمْ يَجِبْ شَرْطُ الْقَطْعِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَبْقَى عَلَيْهَا فَيَصِيرُ كَشَرْطِ الْقَطْعِ؛ وَلِأَنَّهَا لَا تَنْمُو، وَلَا يُغْنِي اعْتِيَادُ الْقَطْعِ عَنْ شَرْطِهِ لِعُمُومِ الْخَبَرِ، وَلَوْ بَاعَ بِشَرْطِ الْقَطْعِ وَرَضِيَ الْبَائِعُ بِإِبْقَائِهِ جَازَ، وَلَوْ أَبْقَاهَا مُدَّةً ثُمَّ قَطَعَهَا لَزِمَتْهُ أُجْرَتُهَا إنْ كَانَ الْبَائِعُ طَالَبَهُ، وَإِلَّا فَلَا، قَالَهُ الْخُوَارِزْمِيُّ، وَالشَّجَرَةُ أَمَانَةٌ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي لِتَعَذُّرِ تَسْلِيمِ الثَّمَرَةِ بِدُونِهَا، بِخِلَافِ مَا لَوْ اشْتَرَى نَحْوَ سَمْنٍ وَقَبَضَهُ فِي ظَرْفِ الْبَائِعِ فَإِنَّهُ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ التَّسْلِيمِ فِي غَيْرِهِ (وَقِيلَ إنْ كَانَ الشَّجَرُ لِلْمُشْتَرِي) وَالثَّمَرَةُ لِلْبَائِعِ كَأَنْ وَهَبَ الثَّمَرَةَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute