للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا بَأْسَ بِكِمَامٍ لَا يُزَالُ إلَّا عِنْدَ الْأَكْلِ، وَمَا لَهُ كِمَامَانِ كَالْجَوْزِ وَاللَّوْزِ وَالْبَاقِلَّا فَلَا يُبَاعُ فِي قِشْرِهِ الْأَسْفَلِ، وَلَا يَصِحُّ فِي الْأَعْلَى، وَفِي قَوْلٍ يَصِحُّ إنْ كَانَ رَطْبًا.

ــ

[مغني المحتاج]

رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ بَيْعِ السُّنْبُلِ حَتَّى يَبْيَضَّ» أَيْ يَشْتَدَّ فَيَجُوزَ وَلَمْ يَفْصِلْ بَيْنَ حَبٍّ وَحَبٍّ.

وَأُجِيبَ بِحَمْلِهِ عَلَى الشَّعِيرِ وَنَحْوِهِ جَمْعًا بَيْنَ الدَّلِيلَيْنِ، وَالْأُرْزُ كَالشَّعِيرِ، وَقِيلَ كَالْحِنْطَةِ، وَالذُّرَةُ نَوْعَانِ: بَارِزُ الْحَبَّاتِ كَالشَّعِيرِ، وَفِي كِمَامٍ كَالْحِنْطَةِ، وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الْجَزَرِ وَالْفُجْلِ وَنَحْوِهِمَا كَالثُّومِ وَالْبَصَلِ فِي الْأَرْضِ لِاسْتِتَارِ مَقْصُودِهَا وَعَدَّ فِي الرَّوْضَةِ مِنْ ذَلِكَ السِّلْقَ، وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَحَدِ نَوْعَيْهِ، وَهُوَ مَا يَكُونُ مَقْصُودُهُ مَغِيبًا فِي الْأَرْضِ. أَمَّا مَا يَظْهَرُ مَقْصُودُهُ عَلَى وَجْهِهَا وَهُوَ الْمَعْرُوفُ بِأَكْثَرِ بِلَادِ مِصْرَ وَالشَّامِ فَيَجُوزُ بَيْعُهُ كَالْبَقْلِ، وَيَصِحُّ بَيْعُ وَرَقِهَا بِشَرْطِ الْقَطْعِ كَالْبُقُولِ (وَلَا بَأْسَ بِكِمَامٍ) وَهُوَ بِكَسْرِ الْكَافِ وِعَاءُ الطَّلْعِ وَغَيْرِهِ (لَا يُزَالُ إلَّا عِنْدَ الْأَكْلِ) كَالرُّمَّانِ وَالْعَلْسِ وَالْمَوْزِ وَالْبِطِّيخِ وَالْبَاذِنْجَانِ وَالْأُرْزِ فِي سُنْبُلِهِ؛ لِأَنَّ بَقَاءَهُ فِيهِ مِنْ مَصْلَحَتِهِ، وَلَا يُخَالِفُ مَا ذُكِرَ فِي الْعَلْسِ وَالْأُرْزِ عَدَمُ صِحَّةِ السَّلَمِ فِيهِمَا كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهِ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ يَعْتَمِدُ عَلَى الْمُشَاهَدَةِ بِخِلَافِ السَّلَمِ فَإِنَّهُ يَعْتَمِدُ الْأَوْصَافَ، وَهِيَ لَا تُفِيدُ الْغَرَضَ فِي ذَلِكَ لِاخْتِلَافِ الْقِشْرِ خِفَّةً وَرَزَانَةً؛ وَلِأَنَّ السَّلَمَ عَقْدُ غَرَرٍ فَلَا يُضَمُّ إلَيْهِ غَرَرٌ آخَرُ بِلَا حَاجَةٍ إلَيْهِ، وَمَا نُقِلَ عَنْ فَتَاوَى الْمُصَنَّفِ مِنْ أَنَّ الْأَصَحَّ جَوَازُ السَّلَمِ فِي الْأُرْزِ مَحْمُولٌ عَلَى الْمَقْشُورِ (وَمَا لَهُ كِمَامَانِ كَالْجَوْزِ وَاللَّوْزِ وَالْبَاقِلَّا) وَهِيَ بِتَشْدِيدِ اللَّامِ مَقْصُورًا: الْفُولُ (يُبَاعُ فِي قِشْرِهِ الْأَسْفَلِ) ؛ لِأَنَّ بَقَاءَهُ فِيهِ مِنْ مَصْلَحَتِهِ (وَلَا يَصِحُّ فِي الْأَعْلَى) لَا عَلَى الشَّجَرِ وَلَا عَلَى الْأَرْضِ لِاسْتِتَارِهِ بِمَا لَيْسَ مِنْ مَصَالِحِهِ. نَعَمْ يَصِحُّ بَيْعُ قَصَبِ السُّكَّرِ فِي قِشْرِهِ الْأَعْلَى كَمَا فِي الِاسْتِقْصَاءِ، وَنَقَلَهُ فِي الْمَطْلَبِ عَنْ الْمَاوَرْدِيُّ، وَوُجِّهَ بِأَنَّ قِشْرَهُ الْأَسْفَلَ كَبَاطِنِهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُمَصُّ مَعَهُ فَصَارَ كَأَنَّهُ فِي قِشْرٍ وَاحِدٍ كَالرُّمَّانِ؛ وَلِأَنَّ قِشْرَهُ الْأَعْلَى لَا يَسْتُرُ جَمِيعَهُ، وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّ الشَّافِعِيَّ أَمَرَ الرَّبِيعَ بِبَغْدَادَ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ الْبَاقِلَّا الرَّطْبَ. رُدَّ بِأَنَّ هَذَا نَصُّهُ فِي الْقَدِيمِ وَنَصَّ فِي الْجَدِيدِ عَلَى خِلَافِهِ، وَبِأَنَّ فِي صِحَّةِ ذَلِكَ تَوَقُّفًا؛ لِأَنَّ الرَّبِيعَ إنَّمَا صَحِبَ الشَّافِعِيَّ بِمِصْرَ لَا بِبَغْدَادَ لَكِنْ قَالَ بِالصِّحَّةِ كَثِيرُونَ (وَفِي قَوْلٍ يَصِحُّ إنْ كَانَ رَطْبًا) لِتَعَلُّقِ الصَّلَاحِ بِهِ حَيْثُ إنَّهُ يَصُونُ الْأَسْفَلَ وَيَحْفَظُ رُطُوبَةَ اللُّبِّ. وَاللُّوبِيَا كَالْفُولِ كَمَا قَالَهُ الدَّارِمِيُّ وَغَيْرُهُ وَعُلِمَ مِنْ تَقْيِيدِ الْمُصَنِّفِ الْخِلَافَ بِالرَّطْبِ امْتِنَاعُهُ إذَا جَفَّ قَطْعًا، وَصَرَّحَ بِهِ فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ إذَا لَمْ نُجَوِّزُ بَيْعَ الْغَائِبِ، وَفِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا يَجُوزُ بَيْعُ اللَّوْزِ فِي الْقِشْرِ الْأَعْلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>